تستذكر دول العالم خلال أعوامها مناسبات عديدة، منها قومية ومنها دينية ومنها اجتماعية وأخرى تاريخية وعقائدية، وأخريات حسب ثقافات الشعوب وتقاليدها وأعراقها، ويطلقون عليها مسميات عدة منها يوم الأرض.. ويوم اللغة.. ويوم شم النسيم.. ويوم الثقافة.. ويوم المرأة.. ويوم محو الأمية.. ويوم المعلم والطالب والطفل.. والمسنين والمعاقين والمكفوفين.. وأيام أخرى كثيرة، ومنها ما يطلق عليها أسبوعا.. كأسبوع النظافة.. وأسبوع المرور.. وأسبوع الرضاعة الطبيعية… وهناك أعياد كذلك لا تفوِّت شعوب كثيرة فرصة الاحتفال بها، كعيد الفطر والاضحى.. والشكر والفصح والقيامة.. وكذلك عيد الحب وعيد الأم.
ونحن في عراقنا الذي يشغل حيزا من كوكب الأرض مساحته (437,072) كم2، نعوم في الكون اللامتناهي، غارقين جميعنا في جملة مشاعر وأحاسيس، مخيّرين بين الحب والكره، والود والبغض، والرضا والضغينة، والسلام والحرب، والانسجام والتنافر، والوئام والعداء، ولنا الخيار فيما بينها! ، ومن غير المعقول أن ننفرد عن مئات البلدان في طمس مناسبات مثل هذه، او غمط حق الشريحة المحتفى بها.
إن أول سيئة جناها علينا سلاطين البلد وحكامه على مر التاريخ، هي عزلنا عن مسيرة باقي الأمم التي تحضرت بعد حضارة وادي الرافدين، وهم قطعا بهذا قاصدون لاناسون.. واعون لاغافلون.. متعمدون غير ساهين بكل ماأتت به خططهم وبما كانوا ينسجون. فهم أرادوا سحب الأرض التي نقف عليها من تحت أقدامنا، فأول ماسنّوه وماانتهجوه هو إبغاضها في نفوسنا، وقطعا كل من يشعر بانتمائه للارض أمامه مساحة واسعة يترجم بكل شبر فيها شعوره، وأول شبر هو ماتحت قدميه، وما تطأه أقدامنا نحن العراقيين أرض تستحق منا كل الحب والولاء، وكيف لا! وهي مهد الحضارات، هي مهبط الأنبياء، هي مرقد الأولياء والأوصياء، هي منبع العلوم والفنون والآداب، وكم تكون النتيجة محزنة لو استطلعنا عدد العراقيين الذين يعرفون يوم الأرض، إذ سنجد أنهم نسبة قليلة جدا جدا جدا.. ولو تساءلنا؛ لِمَ لم يعرفه الباقون؟ ومن المسبب في ذلك؟ وكيف حصل هذا؟… نغرق في دوامة التساؤلات، والاجابة ليست صعبة، لكنها مُرة..!
فأنّى للعراقي معرفة عيد الحب او يوم الارض او يوم الشجرة او يوم المرأة او يوم شم النسيم، وهو لاهث بين الخوف والخبز والموت والمنفى، وما ذلك إلا نتاج مايفعله أرباب الحكم والحل والعقد الذين تعاقبوا وتناوبوا -على مر العقود- في مسك السياط وجلده لأنه…عراقي فحسب، عاش حياته مذ وعى لايعرف غير (جاك الذيب جاك الواوي) معذور انت ياعراقي، كيف يتسنى لك تمييز الأعياد والأيام وانت كما يقول المتنبي:
لا يُعجبنَّ مضيمًا حسنُ بِزَّته
وهل يروق دفينا جودةُ الكفن؟
فالعراقيون لايفقهون من المناسبات السنوية غير؛ يوم السقوط.. يوم التحرير.. يوم الزحف.. يوم النداء..
أذكر زميلا إعلاميا قام باستطلاع آراء في عيد الأم، ومن ضمن الأماكن التي زارها في بغداد، سوق شعبي في حي من أحياء العاصمة بغداد، فرأى امرأة مسنة مفترشة الأرض، متوشحة سوادا من هامة رأسها حتى أخمص قدميها، كباقي العراقيات اللائي دأبن على ارتداء هذا اللون في كل المناسبات، كانت هذا المرأة تحتضن صفيحة صدئة مثقبة بعشوائية، فيها بقايا جمر ورماد يقيها قرَّ الشتاء، ويدفئ فرائصها التي ترتعد بردا وهي ناشرة أمامها (بسطيـّة) فيها أشياء عديدة الأشكال ومتنوعة الاستخدامات، إلا أنها تشترك في شيء واحد هو ثمنها..! إذ كان صوت المرأة المبحوح ينادي بانكسار مايبوح بالتسعيرة الثابتة لما تبيعه وهي: (حاجة بربع… حاجة بربع… حاجة بربع…) سألها زميلي: حجيّة ما رأيك بعيد الأم؟ أجابته بسليقة أمهاتنا العراقيات الـ (شبعانات ضيم) جوابا لاأظنه يحتاج تعليقا او توضيحا، بل أترك هذا لقارئ سطوري، إذ قالت له: (خايب آنــه عيــد الـلـه واكـبـر ما اعرفه شنهو)..!
الأعياد والمناسبات والعراقيون
تستذكر دول العالم خلال أعوامها مناسبات عديدة، منها قومية ومنها دينية ومنها اجتماعية وأخرى تاريخية وعقائدية، وأخريات حسب ثقافات الشعوب وتقاليدها وأعراقها، ويطلقون عليها مسميات عدة منها يوم الأرض.. ويوم اللغة.. ويوم شم النسيم.. ويوم الثقافة.. ويوم المرأة.. ويوم محو الأمية.. ويوم المعلم والطالب والطفل.. والمسنين والمعاقين والمكفوفين.. وأيام أخرى كثيرة، ومنها ما يطلق عليها أسبوعا.. كأسبوع النظافة.. وأسبوع المرور.. وأسبوع الرضاعة الطبيعية… وهناك أعياد كذلك لا تفوِّت شعوب كثيرة فرصة الاحتفال بها، كعيد الفطر والاضحى.. والشكر والفصح والقيامة.. وكذلك عيد الحب وعيد الأم.
ونحن في عراقنا الذي يشغل حيزا من كوكب الأرض مساحته (437,072) كم2، نعوم في الكون اللامتناهي، غارقين جميعنا في جملة مشاعر وأحاسيس، مخيّرين بين الحب والكره، والود والبغض، والرضا والضغينة، والسلام والحرب، والانسجام والتنافر، والوئام والعداء، ولنا الخيار فيما بينها! ، ومن غير المعقول أن ننفرد عن مئات البلدان في طمس مناسبات مثل هذه، او غمط حق الشريحة المحتفى بها.
إن أول سيئة جناها علينا سلاطين البلد وحكامه على مر التاريخ، هي عزلنا عن مسيرة باقي الأمم التي تحضرت بعد حضارة وادي الرافدين، وهم قطعا بهذا قاصدون لاناسون.. واعون لاغافلون.. متعمدون غير ساهين بكل ماأتت به خططهم وبما كانوا ينسجون. فهم أرادوا سحب الأرض التي نقف عليها من تحت أقدامنا، فأول ماسنّوه وماانتهجوه هو إبغاضها في نفوسنا، وقطعا كل من يشعر بانتمائه للارض أمامه مساحة واسعة يترجم بكل شبر فيها شعوره، وأول شبر هو ماتحت قدميه، وما تطأه أقدامنا نحن العراقيين أرض تستحق منا كل الحب والولاء، وكيف لا! وهي مهد الحضارات، هي مهبط الأنبياء، هي مرقد الأولياء والأوصياء، هي منبع العلوم والفنون والآداب، وكم تكون النتيجة محزنة لو استطلعنا عدد العراقيين الذين يعرفون يوم الأرض، إذ سنجد أنهم نسبة قليلة جدا جدا جدا.. ولو تساءلنا؛ لِمَ لم يعرفه الباقون؟ ومن المسبب في ذلك؟ وكيف حصل هذا؟… نغرق في دوامة التساؤلات، والاجابة ليست صعبة، لكنها مُرة..!
فأنّى للعراقي معرفة عيد الحب او يوم الارض او يوم الشجرة او يوم المرأة او يوم شم النسيم، وهو لاهث بين الخوف والخبز والموت والمنفى، وما ذلك إلا نتاج مايفعله أرباب الحكم والحل والعقد الذين تعاقبوا وتناوبوا -على مر العقود- في مسك السياط وجلده لأنه…عراقي فحسب، عاش حياته مذ وعى لايعرف غير (جاك الذيب جاك الواوي) معذور انت ياعراقي، كيف يتسنى لك تمييز الأعياد والأيام وانت كما يقول المتنبي:
لا يُعجبنَّ مضيمًا حسنُ بِزَّته
وهل يروق دفينا جودةُ الكفن؟
فالعراقيون لايفقهون من المناسبات السنوية غير؛ يوم السقوط.. يوم التحرير.. يوم الزحف.. يوم النداء..
أذكر زميلا إعلاميا قام باستطلاع آراء في عيد الأم، ومن ضمن الأماكن التي زارها في بغداد، سوق شعبي في حي من أحياء العاصمة بغداد، فرأى امرأة مسنة مفترشة الأرض، متوشحة سوادا من هامة رأسها حتى أخمص قدميها، كباقي العراقيات اللائي دأبن على ارتداء هذا اللون في كل المناسبات، كانت هذا المرأة تحتضن صفيحة صدئة مثقبة بعشوائية، فيها بقايا جمر ورماد يقيها قرَّ الشتاء، ويدفئ فرائصها التي ترتعد بردا وهي ناشرة أمامها (بسطيـّة) فيها أشياء عديدة الأشكال ومتنوعة الاستخدامات، إلا أنها تشترك في شيء واحد هو ثمنها..! إذ كان صوت المرأة المبحوح ينادي بانكسار مايبوح بالتسعيرة الثابتة لما تبيعه وهي: (حاجة بربع… حاجة بربع… حاجة بربع…) سألها زميلي: حجيّة ما رأيك بعيد الأم؟ أجابته بسليقة أمهاتنا العراقيات الـ (شبعانات ضيم) جوابا لاأظنه يحتاج تعليقا او توضيحا، بل أترك هذا لقارئ سطوري، إذ قالت له: (خايب آنــه عيــد الـلـه واكـبـر ما اعرفه شنهو)..!