يمكن أن تكون المجتمعات جاهلة ومتخلفة ، الأخطر أن ترى جهلها مقدساً – بيرتراند راسل
المعرفة والوعي والعقلنة عندما تغيب عن تحليل الوقائع والأحداث ، وغيابها أيضا ، عن مدى واقعية الروايات والسير الذاتية ، والتي تؤطر جميعها بتفسير صدقية الموروث الأسلامي ، من المؤكد أن يؤدي كل هذا الغياب القسري لمنطق البحث والتحليل العلمي ، بدفع بالمجتمع أن يبقى قابعا في غياهب الجهل والتغييب والتسطيح ، هذا من جهة ، فكيف الحال أذا كان المروج لكل هذه الأوهام والخرافات .. هم علية القوم ! ، من الشيوخ والدعاة ورجال الدين .. ! ، هنا تكون الأشكالية المجتمعية الكبرى ، أي بمعنى أخر ، أن هذه الفئة – من المروجين لهكذا أمور ستسحق النهضة لأي تطور مستقبلي وحضاري – بتجهيلها للمجتمع ، الذي وعيه هو النواة الأولية للتقدم ! .
هذا التجهيل المتعمد للمجتمع ، من قبل هذه الفئة / الشيوخ والدعاة ورجال الدين ، يزيد أيضا من الفجوة الكارثية بين التمدن والتحضر للعالم المتقدم ، وبين المجتمعات الأسلامية ، التي لا زالت في المرحة الهلامية لعصر القبلية للمجتمعات الجاهلية في زمن الحقبة المحمدية / قبل أكثر من 14 قرنا ، وينطبق هذا الحال على كل المجتمعات الأسلامية ، أينما كانت – في الشرق الأوسط أو في الغرب ، بل في كل العالم .. أن هذه ” الفئة ” هي المحرك الرئيسي للماضوية التي تعيشها المجتمعات الأسلامية قي الوقت الراهن .
أن كل المنظمات الأرهابية الأسلامية التي نشأت والتي ستنشأ هي نتيجة للدور الذي تلعبه هذه ” الفئة ” ، حيث تقوم هذه الفئة بتجنيد الشباب بعد غسيل فكري لهم ودفعهم للجهاد ، مع زرع ثقافة الكراهية للأخرين في فكرهم ، من خلال مؤسسات دينية مشبوهة ، بدعم مالي سعودي قطري ، وتركي / مؤخرا . ومن مهام هذه الفئة أيضا : نشر الأفكار الدينية الأسلامية المتطرفة ، وذلك حتى يبقى المجتمع يغط في جهله ، هذا من جهة ، والعمل على التحكم بكل مفاصل المجتمع المغيب ، وتحريكه مركزيا ! ، ومن جانب أخر ، هناك كسب مادي مفرط تجنيه هذه الفئة من دورها الهدام للقيم الأنسانية للمجتمع ، فأنت لن ترى داعية أو شيخ ألا أن يكون غارقا بالملايين ، وهذا السعودي – عائض القرني ، أكبر مثال على ذلك ، والذي قصره بملايين الدولارات – يمكن الأطلاع على مشاهد من قصره / في اليوتيوب .
هذه الفئة أيضا تتحكم بعقلية المجتمع ، حيث أنها ترسخ مبادئ قدسية هذا الموروث في الفكر المجتمعي المحشو بالخرافات والجهالة والأساطير .. ، وهذا الأمر يجعل من الموروث الأسلامي مقدسا ، شأنه شأن الذات الألهية ! ، ويشكل أي نقد له ، خرقا لثوابت الأسلام ، ويقع على المنتقدين حد الردة !! . ويقود الأزهر هذا الجانب ، حيث أن شيوخه يكفرون كل من يتعرض للموروث الأسلامي ، بحجة أنه قد تعرض للمقدسات !! ، وأكبر مثال على ذلك الشهيد فرج فودة والراحل د . نصر حامد أبو زيد و د. سيد القمني .
الأعتراف
في هكذا واقع مزري – مجتمع آيل للسقوط في مستنقع الخرافة والجهالة والأساطير والغيبيات ، لا بد له من نهضة ، وهذه النهضة هي مسؤولية رجال الدين والشيوخ والدعاة .. والمؤسسات الدينية ! ، لأنهم بيت الداء ، ولأن الفئة المروجة للأفكار السوداوية هي سبب التغييب والتجهيل ، لذا يجب عليهم ” الأعتراف ” / على أقل تقدير ، بأن كل ما كان يدعون أليه هو مجرد نزوة فكرية ماضوية عقيمة ليست لها أي وزن عقلي في عالم اليوم ! ، وذلك حتى ينهض المجتمع من سباته أذا أستطاع أن ينهض !! ، ولكن الشيوخ ورجال الدين والدعاة .. أضعف من أن يكونوا بهذا القدر من المسؤولية الفكرية ! .
* ولكن الأمل ليس في هذه الفئة المتربحة من تجهيل المجتمع بل يرتكز في دور رجال الفكر الحر ، من أجل كشف الحقائق وأزالة الغشاوة عن مجتمع محكوم بالأوهام والجهالة منذ أكثر من 14 قرنا ! .