23 ديسمبر، 2024 10:20 ص

الأشياء غير المرغوبة لافرقَ بينها وبين العقيق الأحمر ،،

الأشياء غير المرغوبة لافرقَ بينها وبين العقيق الأحمر ،،

قالَ بشرتي بلون التبغ الأحمر وقال لآخرين بلون بشرة البغل حين عزمَ الكتابة على الباب ولم يكن بعد عائدا من الحقل لأنهُ كانَ يجمع حكايا من زريبة الحيوانات ويسأل بين الحين والحين من يراه :

من أين أمسك سوطي وحصاني لايهدأ ،

وفي أي إتجاه أضع قبعتي والأمطار من جميع الجهات،

ولعل مراكز الإختمار في مخيلته تماسكت في وعيها وأحاطت بالشكل العام لصوره المؤثرة وبدأ يتحقق من قبولها الأولي للوصول الى نهايات بحثه الشاق وجمع

ما إستطاع من الأشياء الكافية بصحبة حقائبه التي حملتها القردة ،ويدور في باله أن ليس هناك لحظة معينة لأنه لم يتشكل من لحظات فأجازت له اللغة سريتها فأصغى إصغاءاً تاما لمشاهده من الأحلام التي لم تروى وكذا لإنفعالاته مع الطبيعة فصاح بالبحر إستدر وللجزيرة قفي هذا مسائي الوحيد الذي رأيته من العدسة المربعة قبل عشرين عاماً ولصوته أنك تُشبه أصوات الكلاب ذلك التسامي هو ذروة البلوغ مع الأشياء الفريدة والإطمئنان لحسه النغمي والذي فتح أمامه شاشة الحواس وشواغلها الخفيّة( الببغاء – المصباح- مظلة الماعز- البزرة الإرجوانيّة – صانع التقاويم- البحر المقفل في رأس السمكة- أغنية أنا باز..)وعلاقات أخرى وأخرى نظمها للأزمنة ليعيد من خلالها هيكلة مدينة بقيّت على وجوه أسلافها وجزيرة بسكانها إبتلعها البحر والرجوع لحاسة واحدة من حواسه فقدها وهو يعلم لاتعود ،حينها لم يجد من مناص من الإنشغال والضبابية ومكاشفة موجوداته التي تحلل قسم منها عندما رُشحت في مصافي الدهليز المظلم ورأى أمامه الأشباح تتراقص والجان تقرع الطبول والسحرة يحرقون أوراق الأشجار فهو يريد أن لايتذكر لا يتذكر منتصف الليل المزهوّ بالحمى ولارنين البعوضة الذي يرتبط ببعدٍ تاريخي ولاأقراط الجدة حين

إحترقت المراكب ولا ليلة موت عازف الرصيف لأنه لايود أن يعيد تذكر الوقائع إيرادا أو إنتاجها بلونية جديدة فهو يرى إن الإنطلاق من مكامنها الوجدانية هي الطريقة الأنسب لتجييش النفس وإبقائها في مراتبها الرفيعة ان كان النهار نابضا بالحياة أو مرتديا ثوبا عتيقا تفوح منه رائحة الثوم كونه جس مجسات كثيرة حين كتبَ ( المنفى وقصائد أخرى ) ، لقد غيّر بيرس في مجموعته الشعرية قيمة الأشياء فالهادئة منها نقلها الى عاصفته وعلّقَ الشباك بالجورب الأبيض وساعة الظهيرة الأكثر رنينا رشها بالسواد ورأى أن هناك أشياء أكثر من ثمينة في زنابير التفاح وفي اليدين البيضاويين التي أصابهما البَرص وفي مجرى المياه الأسنة التي يختلط فيها الدهن مع البول

لأنه يعتقد أن كل الأشياء الغير مرغوبة لافرق بينها وبين العقيق الأحمر ،

*[email protected]
هامش / المنفى وقصائد أخرى / مجموعة شعرية لــ سان جون بيرس ،