لاتكتمل مقومات عملية التغيير الا بتحشيد كافة وسائل الاعلام في مواكبة بناء العراق الجديد خطوة خطوة وابراز منجزات ا لعملية السياسية ساعة بساعة ويوما بيوم وسد كافة الثغرات التي يحتمل نفاذ الأجهزة المغرضة من خلالها وسد الطرق على مستغلي ومتحيني الفرص.. وذلك بعقد المؤتمرات الصحافية وعلى كافة المستويات الأمنية، والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.. واقامة الندوات على مختلف الصعد واستثمار التوثيق التلفزيوني المباشر بحيث يكون الجمهور على تواصل مستمر وتام مع الحدث. كما تقتضي استنفار الاعلام الرسمي والجماهيري لتوحيد الخطاب الاعلامي بغية تحقيق الأهداف المرجوة فقد تستغل بعض الأطراف الاعلامية المعادية تصريحا لهذا المسؤول أو ذلك لتوظفه في بلبلة سياسية للتشويش وخلط الأوراق، وتجنبا لهذه التأويلات يتوجب على كافة فرقاء العملية السياسية الابتعاد عن الجدل الاعلامي الذي لا يثمر سوى سجالات لا تسمن ولا تغني بقدر ما تسيء وتربك عمل الأجهزة الأمنية والعسكرية والحكومية بشكل عام. فالجماهير أحوج ما تكون الى الحقائق بعدما أرهقتها التصريحات الاعلامية الرنانة.
لقد كان من واجب المنافذ الاعلامية المختلفة استثمار هذا التحول وابرازه في برامج بناءة وبأساليب وطرق مقنعة ترفع معنويات الشارع وتعيد الثقة للنفوس التي تلاعب الارهاب بمقدراتها وشوش الاعلام المغرض تطلعاتها. وبذلك تدفعها باتجاه المشاركة الفاعلة في مطاردة الشراذم الارهابية المنهزمة والتي يتم التعتيم المقصود على هزائمها المنكرة من قبل الجهات الداعمة لها تمويلا وتسليحا واعلاما.
ولجعل المواطن البسيط ذا دور مميز في هذه العملية المصيرية لا بد من إشعاره بما يجري وإطلاعه على صورة الواقع الميداني من خلال القنوات الاعلامية المختلفة التي تشكل حلقة ارتباط وتواصل بين المواطن وحكومته الوطنية، حيث ان الحالة تتطلب توفير قدر كبير من المعلومات الآنية الدقيقة الخالية من التهويل والتحريف والتي تدخل الاطمئنان الى نفوس الجماهير وتدفعها لتفاعل أكبر مع أجهزة الحكومة المعنية بإحلال الأمن وتطهير العراق من براثن الارهاب. وحتى لا تفقد الحكومة مصداقيتها أو تبدو مفككة المفاصل مرتبكة الخطط يجب الحرص على عدم تبني تهويل النجاحات واظهارها بغير حقيقتها، وكذلك الابتعاد عن عرض معلومات متناقضة تسهم في تشويش حقائق الواقع الميداني للأمور. ان الثورة الاعلامية التي شهدها العالم في السنين الأخيرة والمتمثلة بهذا الكم الهائل من الفضائيات المرتبطة بأقمار صناعية تغطي كرتنا الأرضية محولة العالم الى قرية صغيرة ملتقطة كل شاردة وواردة، متلقفة الأخبار والحوادث غثها وسمينها لتحيطها بهالة من التهويل عبر برامج وندوات وحوارات ولقاءات متواصلة معززة بأفلام وثائقية وتسجيلية وصور نادرة من أجل تحقيق المزيد من الاثارة وبث المراد ايصاله الى آخر بقعة في الأرض وأسماع وأبصار كل من عليها. وطبيعي ان مثل هذا النشاط المحموم المدروس لا بد ان يأخذ مكانه عند المتلقي ويلقي في روعه المزيد من التشكيك والتساؤلات مرة , أو يزرع الرعب والخوف والقلق مرة اخرى!، او يسلمه لليأس والقنوط والانكفاء. وربما جذر في أعماقه ما يريده من مفاهيم وأوهام وما يبثه من سموم. ولذا برزت الحاجة الى استثمار الخبرة الاعلامية وتوظيفها في منحيين:
المنحى الأول، يتمثل في كيفية التصدي للاعلام المغرض وتفنيد أباطيله بنفس الأساليب التي يستخدمها ومقارعتها بسلاحها وفق معايير مهنية وحقائق دامغة مكثفة لاسقاط ذرائعه المفبركة في نظر المتابع المأخوذ بمفتريات وتهويل تلك الجهات.
المنحى الثاني، اتخاذ المنبر الاعلامي رديفا وظهيرا في عملية البناء بكل مفاصلها السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، العمرانية والأمنية شريطة ان يستثمر الاعلام الحرفي الهادف البناء في خطاب موحد رصين يأخذ مساره الصحيح في عملية التغيير ويستقر في نفوس المتلقين كحقائق ملموسة وهذا يتطلب اعداد ملاكات ناشطة بمهنية عالية تكون بمستوى الحدث وعدالة القضية وعظم المسؤولية.