23 ديسمبر، 2024 11:15 ص

الأسد: هذه رؤيتي لحلّ الأزمة السورية.. والغرب كاذب ومخادع

الأسد: هذه رؤيتي لحلّ الأزمة السورية.. والغرب كاذب ومخادع

مع نهاية اللمسات الأخيرة للرئيسين الأميركي والروسي، أعلنت الجمهورية العربية السورية عن قبول إتفاق «وقف الأعمال القتالية»، مؤكدة حرصها على وقف سفك الدم السوري، وإعادة الأمن والاستقرار، ومشددة على أهمية ضبط الحدود ووقف دعم التنظيمات الإرهابية، ومنعها من تعزيز قدراتها وتغيير مواقعها، لتفادي انهيار الاتفاق.
اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي سيبدأ العمل به صباح السبت، السابع عشر من شباط 2016، كانت قد أعلنته الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الإتحادية في 22 شباط 2016، سعياً منهما لـ”تحقيق تسوية سلمية للأزمة السورية، وتهيئة الظروف لعملية انتقال سياسي ناجحة يقودها السوريون”، كما ورد في مقدمة الاتفاق، ينطبق فقط على أطراف “الصراع السوري” التي تعلن التزامها وقبولها بشروطه، ولن ينطبق على “تنظيم داعش”، “جبهة النصرة”، أو أي منظمات إرهابية أخرى حددها مجلس الأمن. ولضمان التنفيذ الفعال للإتفاق، تمّ تشكيل مجموعة عمل وقف إطلاق النار برئاسة أميركية روسية، وإشراف أممي، لتحدد خريطة تواجد التنظيمات الإرهابية غير المشمولة بالاتفاق، وضمان تطبيق شروط وقف إطلاق النار من قبل الأطراف المشاركين. يجب على الأطراف المشاركة في الاتفاق، أن تؤكد التزامها وقبولها بالتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2254، ووقف الهجمات بأي نوع من الأسلحة، والتوقف عن كسب أراضٍ من أطراف أخرى مشاركة بالاتفاق، والتعاون الكامل مع المنظمات الإنسانية.
الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أبدى حذره من رفع التوقعات بشأن وقف الأعمال العدائية، معتبرا أن تحقق بعض التقدم، سيقود إلى عملية سياسية تنهي الحرب في سورية. في الوقت الذي كان فيه وزير خارجيته، جون كيري، يتحدث عن خطة بديلة في حال عدم نجاح “عملية التفاوض”، وأن على الرئيس السوري اتخاذ “قرارات جدية” بخصوص الحكومة الإنتقالية، محذرا من صعوبة الحفاظ على وحدة الدولة السورية ما لم يتوقف القتال. أما الرئيس الروسي فاعتبر أن الاتفاق يمكن أن “يغير وضع الأزمة السورية بشكل جذري”، بينما كان نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، يعبّر عن قلق موسكو من الخطة الأميركية البديلة عن “اتفاق الهدنة”. في الوقت الذي كان فيه نائب رئيس لجنة العلاقات الدولية في المجلس الفيدرالي الروسي، زياد سبسبي, يرى في الإتفاق “دلالات واضحة على نجاح روسيا في المحافظة على دعمها للسلطة الشرعية في دمشق وعدم تفريطها بالعلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية مع دول الخليج وفي مقدمتها  المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر”.
 
معارضة الرياض أعلنت التزامها بهدنة مؤقتة لمدة اسبوعين فقط، وأن رياض حجاب، غير معني بأية صفقات خارجية تتم بمنأى عنه، مؤكدا على البعد الإنساني للهدنة. أما رئيس تيار بناء الدولة لؤي حسين، فبدا متفائلا بتحقيق وقف اطلاق النار لأن “جميع المتقاتلين يعملون بأوامر دول وأطراف ممولة باستثناء داعش”، وأننا انتهينا من مرحلة الأزمة العنفية وسندخل إلى أزمة من طبيعة جديدة. التكهن بماهية الطبيعة الجديدة التي يعنيها قطب المعارضة السورية، في ضوء استثناء “داعش” من قائمة العاملين “بأوامر دول وأطراف ممولة”، يحتاج إلى قدر عال من الغباء، الذي نجده عند وزير الخارجية الوهابي، عادل الجبير، وهو يقول بأنهم دولة ذات سيادة، ومنفتحة على العالم، دولة محافظة ولكن ليست عدوانية، وهم أعداء داعش بصورة صريحة، وأنه من المثير للسخط القول بأن داعش تستمد أيديولوجيتها من المملكة الوهابية.
 
مع إجماع أممي، يصدر القرار 2268 بشأن وقف الأعمال العدائية في سوريا، بعد موافقة الحكومة السورية وفصائل “المعارضة” على شروط الإتفاق. قرار جديد يمكن أن يكون له نفس مصير القرارات السابقة، وأن يكون تأكيدا إضافيا على كذب وخداع “المجتمع الدولي”. فالقرار 2053 الذي اتخذه مجلس الأمن بتاريخ 17 كانون الأول 2015.  القرار المؤلف من 41 صفحة، كان يخاطب مباشرة الدول الراعية للإرهاب، كالسعودية وتركيا وقطر والولايات المتحدة، ويطالبهم بالعمل على تجميد الأمول والموارد الاقتصادية التي تعود إلى التنظيمات الإرهابية، ومنع دخولهم إلى أراضيها أو عبورهم لها، وحظر توريد الأسلحة. لكن مجلس الأمن والأمم المتحدة تجاهل تنفيذ بنود هذا القرار.أما القرار 2254  الذي يقول بأن حلّ الأزمة السورية لا يكون إلا من خلال عملية سياسية جامعة بقيادة سورية، وأن الشعب السوري هو من سيقرر مستقبل سوريا، ويطلب من الأمين العام ومبعوثه الخاص دعوة ممثلي الحكومة السورية والمعارضة للدخول في مفاوضات للتوصل إلى تسوية سياسية دائمة للأزمة. فقد تم إفشال مؤتمر جنيف 3 والقرار 2254، من قبل معارضة الرياض الناطقة باسم الدول الداعمة للارهاب، التي لا تؤمن أساسا بحل سوري  ، وأن يكون الشعب السوري صاحب القرار في مستقبل بلاده، بل تريد أن تفرض عليه قراراتها، بكل الوسائل الإرهابية المتاحة. من فشل جنيف3 إلى بيان ميونخ الذي صدر عن المجموعة الدولية لدعم سوريا ,وأكد على نقاط ثلاث: وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، ووقف «الأعمال العدائية» من قبل كل الأطراف باستثناء “داعش” و”جبهة النصرة” والمنظمات الإرهابية بحسب تصنيف الأمم المتحدة، و دعم للعملية السياسية في سورية، التي يقرر مستقبلها، الشعب السوري وحده. وأخيرا القرار 2268 حول وقف الأعمال العدائية في سورية.
 
في لقائه مع مجلس نقابة المحامين المركزية والمجالس الفرعية في المحافظات، قال الأسد بأننا تجاوبنا مع كل المبادرات السياسية، رغم معرفتنا بنوايا الغرب السيئة، لنثبت للمواطن السوري بأن الغرب كاذب ومخادع. واعتبر الرئيس الأسد أن جوهر المسار السياسي بالنسبة للغرب هو هيئة الحكم الإنتقالي، التي يريد من خلالها تفكيك البنى الأساسية في الدولة السورية، وخاصة القوات المسلحة، والوصول الى دستور طائفي، يصبح معه الوطن رهينة بيد الخارج. وأضاف بأن المحادثات التي من المفترض أن تقوم الحكومة السورية بها، هي مع مجموعات تابعة لدول أخرى، وهذا ليس حوارا سوريا سوريا، ولا يمكن الوصول إلى حلّ للأزمة معهم. فالحل هو مكافحة الإرهاب مع متابعة المصالحات المحلية والتمسك بالدستور والاستحقاقات الدستورية. في حديثه عن وقف الأعمال العدائية، يؤكد الأسد بأن كل من حمل السلاح ضد الدولة والشعب السوري هو إرهابي، فإذا كان هناك وقف الأعمال العدائية مع بعض الجهات الإرهابية، بما يعني أن انضمامها إلى “اتفاقية الهدنة” لا ينفي عنها الصفة الإرهابية، فإن على هذا القرار أن يفتح الباب لعودة تلك الجهات إلى العمل السياسي، وليس من أجل تعزيز مواقعها.

حين تسأله صحيفة البايس الإسبانية 20 شباط 2016، عما ستفعله الحكومة السورية لو تمكنت من بسط سيطرتها على كامل الأرض السورية. يقول الرئيس الأسد بأنه سيتم تشكيل حكومة وحدة وطنية، تعمل على تحضير دستور جديد، وإجراء انتخابات مبكرة برلمانية أو حتى رئاسية في حال أراد الشعب ذلك.

منذ بداية الأزمة السورية، قلنا بأننا سنحارب الإرهاب وسنجري الحوار، وعرضنا العفو العام لمن أراد من الإرهابيين، أن يتخلى عن السلاح ويعود إلى حياته الطبيعية. هذا هو مبدأ الحل الشامل، يقول الرئيس الأسد، ويضيف بأننا لن نغير تلك المبادئ.