22 نوفمبر، 2024 5:10 م
Search
Close this search box.

الأستراتيجية الأمريكية ومعركة عفرين

الأستراتيجية الأمريكية ومعركة عفرين

نجحت الأستراتيجية الامريكية في كل من العراق وسوريا ، في فرض أمر واقع ، مع كل الأطراف المتصارعة ،وإستطاعت أن تٌجلس (الأخوة الاعداء) ،على طاولة المفاوضات في أكثر من مؤتمر عقد برعايتها أو بدعمها، إبتداء من جنيف 1 وما بعده وانتهاء بمؤتمر إستانة وسوتشي ، وهذا يحسب لها ، ففي العراق، إستطاعت الادارة الامريكية، أن تقضي على أخطر تنظيم يهدد أمن وإستقرار العالم كله، بالرغم من قناعتنا ،أن داعش هو صناعة أمريكية وإسرائيلية وإيرانية بإمتياز، وكل حسب مصالحه الإستراتيجية العليا، تماما كما صنعت أسامة بن لادن في أفغانستان ذات يوم، وعندما إنتهت المصلحة قامت بقتله والتخلص منه وها هي الآن تبحث عن ابو بكر البغدادي لتتخلص منه بنفس الطريقة، ولكن هذا لايمنع من أن إدارة ترمب والغرب ،تنظر الى جميع الفصائل المتطرفة في العراق وسوريا، وحتى حلفاؤهم أو من يسمونهم (بالمعارضة المعتدلة )، بأنها منظمات ارهابية ، سواء كانت (سنية أم شيعية)،ونعلم أن امريكا ترفع شعار لاتوجد علاقات دائمة، بل مصالح دائمة، والعلاقة الملتبسة المفترضة والمتوترة ظاهريا مع إيران وميليشياتها في المنطقة مثال على ذلك، بمعنى أن الادارة الامريكية بإستراتيجيتها ، وسياستها الخارجية المعلنة، قد أعطت للمصالح الامريكية من توسع ونفوذ وهيمنة هي الاولوية ، وكانت علاقاتها متوترة ،ومتصاعدة الصراع حتى مع أقرب حلفائها ، ونقصد به حليفها التركي الازلي تركيا ورجب طيب أردوغان ، فالملاحظ أن إدارة الرئيس ترمب ، وترّت علاقتها وتصاعدت الخلافات ،الى حد إعلان الحرب مع أكثر من طرف عربي وغربي، فكانت الخلافات واضحة مع السعودية بسبب قطر وأزمتها ، ثم تصاعد الخلاف مع روسيا، ووصل حد إعلان الحرب وفرض الحصار الامريكي على روسيا ،وطرد دبلوماسيين روس ، وهكذا الامر مع كوريا الشمالية ، وأخيرا مع اردوغان بسبب معركة غصن الزيتون في مدينة عفرين، والتي وقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موقفا صلبا ، أفشل فيه المشروع الامريكي في إقامة أقليم كردي على حدود تركيا وسوريا ، مشابه لاقليم كردستان العراق، وهكذا كان الموقف الروسي متناغما مع الموقف والرؤية التركية، في عفرين وادلب ومعاركها، وظهور تحالفات عسكرية بين الطرفين، وتهدئة العلاقات مع النظام السوري وصولا لأعادتها ، وهذه التفاهمات أنتجت هدنة وخطة عسكرية ، تفكك فيها تركيا معركة عفرين ، دون إجتياحها بالقتال ، وذلك بالسماح للجيش السوري ، من دخول عفرين ، وطرد قوات الوحدات الخاصة والبككا وداعش منها (حسب الزعم التركي)، وبذلك ضرب الرئيس أردوغان عصفورين بحجر واحد، محققا إنتصارا على عدة جبهات ،وفي مقدمتها الصراع مع إدارة الرئيس ترمب، الذي وصل مديات خطيرة جدا من إعلان الحرب بينهما، حتى أسرع ترمب بإرسال وزير خارجيته ،لتفكيك الازمة ونزع فتيل الحرب بينهما، وهذا الانتصار الاول لأردوغان وتركيا، أما الثاني فهو إفشال أخطر مشروع واجه تركيا ،عبر تأريخها الطويل، وهو تقسيم سوريا والبدء بتركيا، من خلال إنشاء( دولة كردية) على حدود الطرفين، ينذر بالبدء بتنفيذ السيناريو الامريكي بتقسيم تركيا وسوريا، بعد ضمانه في العراق من خلال فرض نظام المحاصصة الطائفية في السلطة، أما الانتصار التركي الثالث، فهو إنهاء الحلم الكردي الى الابد في كل من العراق وسوريا ، بإقامة الدولة الكردية حلم جميع الاكراد في العالم ( وهو حق مشروع للشعوب)، وكان خطأ استفتاء كردستان ،قد ساهم بشكل كبير جدا في إفشال خطة أمريكا في عفرين ، على الرغم من أن إدارة الرئيس ترمب ،قد خذلت الاكراد في موضوع الاستفتاء بالعراق ،ولم تدعمه بل إنتقدته ودعمت موقف وقرارات حكومة العبادي والبرلمان العراقي ضده ،كما صرح بذلك السيد مسعود البرازاني نفسه ، أما الانتصار الرابع لأردوغان فهو تطبيع العلاقات مع بغداد، وإقامة شبه تحالف عسكري، لمحاربة ومواجهة وطرد حزب العمال الكردستاني من الاراضي العراقية والقضاء عليه ،كما تم القضاء على تنظيم داعش الارهابي ، هكذا كانت إستراتيجية ونتائج معركة غصن الزيتون في عفرين، واليوم ونحن نرى تسارع الاحداث هناك ،مع ظهور بوادر تفاهمات –تركيا ايرانية وروسية ،لصالح النظام السوري، من جهة ، وبروز اتفاقيات تركية امريكية لتفكيك قوات الوحدات الخاصة السورية وسحب أسلحتها التي زودتها بها إدارة ترمب ،لتنفيذ سيناريو أمريكا في الرقة وعفرين وتل أبيض وإعزاز وجرابلس لطرد تنظيم داعش هناك، وحققت الوحدات الخاصة السورية إنتصارات كبيرة على داعش، بفضل التسليح الامريكي وقصف التحالف الدولي ، وخاصة معركة الرقة ،معقل تنظيم داعش ومقر الخلافة المزعومة لداعش، ولكن كما تعودنا وحذرنا من السياسة الامريكية التخادمية مع إيران وروسيا في كل من العراق وسوريا، أنها تتخلى عن حلفائها بعد تحقيق أهدافها ومصالحها الاستراتيجية العليا، لذا نقول أن الأبعاد الاستراتيجية الامريكية لمعركة عفرين ، قد حققت أهدافها ، عسكريا وسياسيا، وذلك بتحييد التدخل الروسي –الايراني في المعركة ، والسماح للنظام السوري، بالدخول على الخط لانهاء الازمة وعدم السماح للجيش التركي، بإجتياح مدينة عفرين ومنبج وتطور المعركة ، للحد الذي سيصعب على أمريكا ايقافه ، وعندها ستخسر أمريكا كل ما حققته عسكريا في سوريا ، وكان لأصرار الرئيس أردوغان على مواصلة الحرب على حزب العمال الكردستاني والوحدات الخاصة السورية وداعش في مدن تحاذي لتركيا ، هو من أوقف وأفشل المخطط الامريكي، وجعل الاستراتيجية الامريكية محط نقد وورطة في عفرين أمام الأصرار التركي، للذهاب الى النهاية في مواجهة الادارة الامريكية في دعمها لاكراد سوريا ، أن نتائج معركة عفرين اصبحت واقعا على الارض، وهو تفكيك وإفشال الحلم الكردي في إقامة الاقليم الكردي، بالنسبة للطرفين التركي- السوري، نعم نرى أن معركة عفرين وما أفرزته من نتائج عسكرية مهمة ، لكل الاطراف، حتى المعارضة السورية التي أيدت مع ما تقوم به تركيا من عمل عسكري في مدن عفرين ومنبج وغيرها، في حين أفشلت المعارضة السورية مؤتمر سوتشي الذي يرسخ هيمنة ايران على القرار السوري ويرهنه ، نحن أمام خيارات صعبة في مرحلة ما بعد الانتخابات العراقية ،التي ستغير وجه المنطقة كلها، والتي يعول عليها الجانب الامريكي كثيرا من خلال دعمه وودعم استراتيجيته ،في إبعاد العمائم الدينية عن السلطة بأية طريقة ، ودعم دولة مدنية علمانية في العراق، تعمل عليها بكل قوتها، وكذلك تعمل على تحجيم وانهاء الهيمنة والسطوة والتدخل الايراني في العراق باية طريقة، من خلال تفكيك منظومة الحشد الشعبي ودمجه في الجيش والاجهزة الامنية، ودعم الاحزاب والقوى الايرانية داخل ايران ،لتجديد التظاهرات وصولا الى التغيير من الداخل الايراني ، وتفكيك إيران وتجزئتها ليسهل الأجهاز على نظام الملالي خلال هذا العام ، وتحديدا بعد الانتخابات العراقية ، فهل سنرى التغييرالامريكي الموعود ضمن إستراتيجيته المعلنة ، أمرا واقعا يتم تنفيذه مباشرة بعد الانتخابات العراقية ، حسب الخطة الاستراتيجية الامريكية للتغيير الجذري، ومن هنا يمكن التكهن أن الاستراتيجية الامريكية تخفق في سوريا لتنجح في العراق ، ويكون نجاحها في العراق، مرتكزا أساسيا لتنفيذ مشروعها في المنطقة ، بعد فشله على يد الرئيس السابق أوباما ، حين هادن وتواطأ مع المشروع الايراني في العراق، والذي أصبح الآن عبئا على إدارة الرئيس ترمب فيما بعد …

أحدث المقالات