إنّه ليس استخفافاً فحسب , إنّما ديمومة استخفافٍ قائم وتمادٍ بتناسبٍ طردي ! .. علِمنا من وكالة ” رويترز ” البريطانية أنَّ رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال ” جوزيف دنفور ” وصل الى العراق في زيارةٍ مفاجئة , ولمْ يعلن عنها من قبل , وأنّ ” سيادته ” قد هبط في اربيل ومن المقرر ان يلتقي برئيس الاقليم السيد مسعود البرزاني , وقد ذكر متحدث بأسم ” الجنرال ” أنه سيلتقي مسؤولين عراقيين وقادة امريكان لاحقاً .!
انّها ليست المرّة الأولى – وسوف لن تكون الأخيرة – التي يأتي فيها مسؤولون امريكان دون الإبلاغ المسبق لوزارة الخارجية او السفارة العراقية في واشنطن منذ الأحتلال وعبر الحكومات او رؤساء الوزراء الذين تناوبوا على سدّة الحكم في البلد , ومن شديد الوضوح أنّ هذا التصرّف الامريكي في تجاوز قواعد البروتوكول والأعراف الدبلوماسية , هو متعمّد وبشكلٍ فاضح , وكأنه يحمل في طياته او حتى بشكلٍ ايحائيٍّ مكشوف , رسالةً الى حكّام العراق وفحواها ” انكم تابعون الينا , ونحن مَنْ نتحكّم بكم ” , ولعلّ الأمريكان يستغلّون نفوذهم العسكري في العراق من خلال مستشاريهم وخبرائهم العسكريين وطائراتهم المقاتلة ايضا .
الذريعة او المسوّغ الأمريكي لزيارة الجنرال ” جوزيف دنفور ” الى العراق حسب رويترز هي لمعرفة المستجدات في المعركة ضد تنظيم داعش ! , ولكن : هل معرفة هذه المستجدات تبدأ من اربيل التي تضجّ بخلافاتٍ سياسية حادّة مع حزب السيد مسعود البرزاني والأحزاب الكردية الأخرى .! وهل استحضارات المعركة الكبرى في الرمادي لها علاقة ما بأربيل .! وكذلك الأمر عن المعركة التي تحررت فيها ” بيجي ” والمستمرة في المناطق المحيطة بها .
زيارة رئيس الأركان الأمريكي هذه عدا انها جاءت بطريقةٍ فوقيّة .! ومقصودة بشكلٍ مُوَجّه من الأدارة الأمريكية , ولا من معنى لها سوى الإهانة , إلاّ أنّ الهدف الأساس من هذه الزيارة هو لثني واقناع ” العبادي ” ليرفض الموافقة على إشراك الطيران الروسي في قصف مواقع الدواعش في العراق , وبمعنىً آخر هو لعدم منح روسيا لأيّ دورٍ سياسي في العراق , وذلك مقابل وعود امريكية جادّة بزيادة وتكثيف الدعم الجوي الأمريكي للعراق في المعارك الدائرة مع تنظيم داعش , وهذا ما حصل فعلاً في الأيام الماضية حيث شارك الطيران الأمريكي بعملياتِ قصفٍ مركّزة وغير مسبوقة في اسناد القوات العراقية في الرمادي .
السلوك الأمريكي غير اللائق في التعامل مع العراق كدولة , وقبل أنْ يواجَه بالنقد الحاد , وقبل ما مفترض أنْ يوضَع له حدّ من قبل الحكومة العراقية , فأنّ النقدَ كلّ النقد يجب توجيهه ” بآليّة فعلية ” الى وزارة الخارجية العراقية الهشّه والى وزيرها ابراهيم الأشيقر او الجعفري والذي اثبتَ بأمتيازٍ أنه اضعف وزير خارجيةٍ منذ تأسيس الدولة العراقية , كما أنّ النبال النقدية ينبغي أن تتوجّه ايضا الى العبادي والى رؤساء الوزراء الذين سبقوه الذين قاموا بتسهيل مثل هذه التجاوزات الأمريكية ..