قرأت اليوم على صفحة التواصل الأجتماعي (Facebook) منشورات التهنئة بمناسبة عيد المعلم في العراق وهي مناسبة تعبر عن مدى رفعة وسموالعلم والمعلم والتعليم فقد كان التعلم هو أول أمر وجهه الله تعالى إلى البشرية عبر رسولنا الأكرم محمد (ﷺ) حيث قال تعالى:﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾
كما نقل عن رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: ( .. مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ..) أما عن أهمية المعلم وتقديس عمله فيكفي الأشارة إلى مقاله الشاعر الكبير أحمد شوفي حينما قال
قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا
كما تعد المدارس من أهم وأقدم المؤسسات التي ظهرت في تاريخ العراق القديم حيث نشأت متزامنة مع النهضة الحضارية الهائلة التي حدثت في تلك البلاد بعد ثورة الاستيطان المدني التي حدثت في أرض (سومر) في أواسط الألف الرابع ق.م، وكانت نتيجة مباشرة ومُكملة وحتمية لأروع اختراع بشري عرفه التاريخ، ألا وهو ابتكار أقدم طريقة للتدوين عرفت بالكتابة المسمارية، والتي أبتدعها الفكر الخلاّق لأبناء الرافدين في مدينة (الوركاء) السومرية (طبقتها الأثرية الرابعة) في حدود 3200 ق.م التي هدفت أساساً ببداياتها الصورية البسيطة لتسجيل واردات المعابد الاقتصادية… لتنتشر بعدها الثورة الفكرية والثقافية في جميع أنحاء العالم القديم فاتحة عهد جديد في تاريخ الانسانية عرف بالعصور التاريخية.
لقد كان أنشاء المدارس نابعاً بالأساس من أيمان شعب سومر بأهمية العلوم وتطورها، ونشر الكتابة بشكل واسع بين شرائح المجتمع باعتبارها المروّج والناشر لتلك العلوم والوسيلة الناجعة لمكافحة الجهل، ويستشف هذا من الحكمتين السومريتين الرائعتين (من يعرف علماً عليه أن لا يبقيه مخفياً عن الناس)، (الكتابة أم للخطباء وأب للتلاميذ)، كما كان ينظر الى الغير متعلم كأنه الأعمى الذي لا يرى جمال الحياة.. ويمكن فهم ذلك من الأحجية الطريفة التي كانت تلقّن للتلاميذ الصغار في بداية تعليمهم، حيث تقول (بيت بأسس كالسماء.. بيت يبدوا كأنه مُغطى بالكتان.. بيت كأنه إوزة واقفة على قاعدة متينة.. بيت يدخله الأنسان بعيون مغلقة ويخرج منه بعيون مفتوحة…… فما هو هذا البيت؟…… الجواب (المدرسة).
أنني أكتب هذه الكلمات وقلبي يعتصر فأنا حفيد لماضً عريق وأبن لحاضرً مظلم بدايته ألم ونهايته مأساة فالعراق الذي أنبثقت فيه إولى دور العلم في العالم تقول وزارة التربية فيه أنها بحاجة الى أكثر من (20) ألف مدرسة في عموم البلاد وليس هذا فحسب بل مازالت هناك (2000) مدرسة طينية بالعراق أضافة إلى مدارس الكرفانات وغيرها من الفضائع.
ولكن هناك ماهو أقسى من ذلك وهو قيام جهات منتفذه بالسيطرة على المدارس عنوه لغرض هدمها وأنشاء مولات تجارية تستفيد منها تلك الجهات وكانت البداية مع مدرسة الكميت في الكرادة والذي أصدر القضاء بحقها أمر أزاله وكذلك ثانوية العقيدة للبنات في شارع السعدون الذي قرر محافظ بغداد أخلائها وتحويلها إلى مول تجاري والتي تعد بحق من معالم بغداد الأثرية ذات الطرز المعمارية الراقية وكذلك حادثة بيع مدرسة نور العلم في حي الجهاد وتحويلها إلى مول تجاري أيضاً.
النهاية أطالب البرلمان العراقي بأصدار قانون يمنع تغير جنس العقارات المشيده عليها أبنية خدمية أو أثرية أو أنتاجية أو دينية كما حدث مع كنيسة السريان الكاثوليك الكائنة في منطقة الشورجة لآي سبب كان حتى نتفاجى في يوم ما بأزالت المتحف العراقي أو الجامعة بغداد وأنشاء بدل عنهما مول تجاري أو قرية سياحية؟!.