نظراً لاهتمامنا الأكاديمي ومتابعتنا الشأن البلقاني وبشكل مستمر منذ أكثر من ربع قرن، ولمكانة جمهورية صربيا التي تشكل مركز فكرة السلاف الجنوبيين، فقد تعودنا على متابعة الأخبار في الصحف الصربية ووسائل الأعلام الأخرى المقروءة والمسموعة والمرئية بالاضافة الى المواقع الالكترونية للأذاعة الصربية والمحطات الفضائية الأخرى في تلك الجمهورية. نتابع ذلك رغم إقامتنا في العاصمة النرويجية أوسلو وابتعادنا مكانياًعن الساحة التي نكتب عنها.
لفت انتباهنا اهتمام وسائل الإعلام المختلفة بالشأن العراقي وهي تتحدث عن حضارات وادي الرافدين الأصيلة وعراقة شعب العراق عبر العصور، وجميع تلك الوسائل الإعلامية تعرب بأسلوب إنساني وتتمنى للعراق أن يستعيد عافيته لينعم أهله بالأمن والعزة.
اأخذنا نبحث عن سبب هذا الاهتمام الصحفي الجماعي وفي هذا الوقت بالذات، وأخيراً عرفنا السبب فزال العجب.
السبب هو مفعول الأسبوع الثقافي العراقي الرابع في صربيا. وقد عثرنا على منهاج هذا النشاط في إحدى الصحف الصربية. وفي أدناه ترجمته العربية:
برنامج الأسبوع الثقافي العراقي الرابع في بلغراد الذي تقيمه سفارة جمهورية العراق لدى صربيا:
: 1 حفل الافتتاح فرقة دهوك للفنون الشعبية على قاعة مسرح الدراما اليوغسلافية بحضور السيد رئيس البرلمان الصربي
. 2 اليوم الثاني: افتتاح معرض الفنانة يقين الدليمي وكذلك معرض للاعمال اليدوية والصور الفتوغرافية. يفتتحه السيد وزير الدفاع. يتبعه حفل موسيقى مشترك للفنان مصطفى زاير والفنان علي خصاف مع الاوركسترا السمفونية العسكرية الصربية.
. 3. اليوم الثالث: عرض فلم المخرج العراقي كحيل خالد “co.uk” وفلم المخرج العراقي يحيى العلاق “كولا”.
4. اليوم الرابع: حفل موسيقي للفنان مصطفى زاير. يتبعه توزيع الجوائز والهدايا التقديرية على المشاركين.
ومن خلال ما تقدم يسرنا أن نسجل الملاحظات التالية:
اولا: حسب معلوماتنا شبه المؤكدة بأن السفارة العراقية في بلغراد ليس فيها ملحقية ثقافية ولا ملحق ثقافي. وهذا مؤشر إيجابي لجهة السفارة العراقية في بلغراد.
ثانيا: لا يوجد مركز ثقافي في بلغراد. وهذه نقطة ثانية لصالح السفارة لبذلها جهوداً استثنائية في عملها على الساحة.
ثالثا: الشئ الملفت للنظر أن السفارة العراقية في صربيا ربما هي الوحيدة من بين سفارات العراق في الخارج التي تلتزم باقامة الاسبوع الثقافي العراقي بشكل دوري ومنتظم،تحتضن فيه الاعمال الفنية للعراقين من الداخل والخارج وهذا مؤشر ثالث لصالحها.
ومن خلال اطلاعنا على أوضاع الساحة الصربية ،عن كثب، فلا بد أن نشير الى أن السفير العراقي في بلغراد الدكتور فلاح عبد السادة رأيناه شاباً مكتهلاً في شبابه، ومعلوم أن كل مؤسسة رسمية تعكس صورة كادرها القيادي. فما اكثر أخبار السفارات التي تزكم الأنوف في وقتنا الحالي.
إننا إذ نشير الى جهود هذه السفارة والى سعادة سفيرها إنما نهدف الى تأشير العمل الخير الذي يصب لصالح العراق، كسعينا الى فضح أولئك الذين لا يعرفون إلا لغة (الحوسمة) والسحت الحرام والتلاعب بالمال العام. هذه هي مهمة الرقابة الجماهيرية الحقيقية. نحن نعيش خارج الدولة التي نتحدث عنها ولا مصلحة لنا في ذم هذا او مدح ذاك.
والملاحظة الأخرى على صعيد سمعة بلادنا نقولها بصراحة ونحن نتحمل مسؤولية قولنا: في الخارج تولدت فكرة أن العراق أصبح نسخة للنموذج الخميني المتخلف، فعمت فكرة السواد واللطم والمسبحات الطويلة والخواتم…الخ من مظاهر الدجل السياسي المرتدي قناع الدين.
فهذا العراق بأسبوعه الثقافي الدوري المنتظم يؤكد بأن نغم القيثارة السومرية الخالدة لازال يصدح عبر القرون، ولازال زرياب وإسحاق الموصلي يلوحان للأجيال المتعاقبة بأنغامهما العذبة…فثقافة الشعوب تعرف من خلال فنونها. كما أن اشتراك الفنانات العراقيات من الجنس اللطيف يدل دلالة واضحة على سمو ورونق عقلية المرأة العراقية.
والأكثر من هذا كله فأن نشاطات من هذا النوع تقوم بها سفاراتنا في الخارج هي بمثابة تأكيد على أن الشعب العراقي العظيم شعب حي لا تخنق صوته ولا تطمس وجهه الحضاري كل انواع عمليات الإرهاب الممنهج.
لدينا العديد من الملاحظات على فساد الداخل وما تقوم به القوى والكتل الدينية المتسيسة سواء من هم في الحكومة أو في المعارضة،إلا اننا حينما نتحدث عن العراق خارجياً فينبغي أن يكون كلامنا بمستوى حب العراق ومكانة العراق وكبرياء شعبه عبر العصور.
تحية لسفارة العراق في صربيا لهذا النشاط الرائع ونتمنى من بقية السفارات في عموم القارات أن تحذوا حذوها بما فيه خدمة بلدنا الحبيب.