18 ديسمبر، 2024 11:43 م

الأسبقية بما يسبق سباق الإنتخابات!

الأسبقية بما يسبق سباق الإنتخابات!

في العراق دونَ سواه , تبدو عملية الإنتخابات وكأنها تتعلّق فقط بالأحزاب المشاركة وفصائلها وكتلها , وكأنْ لا علاقة بالجمهور الواسع الذي تؤدي عدد اصوات الناخبين الى فوز تلك او هذه الجهة , او شخصٍ ما او سواه , فالمهم ان تحقق احزاب الأسلام السياسي الفوز فيها ورفع رايات النصر على مجهول .! ولا ينسى ولا يتناسى الجمهور عملية حرق صناديق الإقتراع لمرتين ومحاولة تحطيمها في الإنتخابات السابقة , مع اصرارٍ كان ملحوظاً في الإبقاء على الصناديق في ذات المكان ” مخازن وزارة التجارة ” منذ التحرّش الأول .! , ولربما يغدو سيناريو آخر اكثر حداثةً وتقنيات .!

ليس او لا يقتصر العنصر الأساس في العملية الإنتخابية على التهيئة اللوجستية لمراكز الإقتراع ومعها اجراءات الرقابة ومنع محاولات التزوير والتلاعب المفترض في الأرقام والنتائج , فالستراتيج الأساسي لأية عملية انتخابية ” وفي العراق بشكلٍ خاص ” هو تهيئة وتوفير الأجواء العامة التي تسبق الشروع بالأنتخابات .

فليسَ معقولاً , وخارج نطاق العقل او الفكر أن تندلع تظاهراتٌ وتبقى مشتعلة في عددٍ من المحافظات الجنوبية , وتسقط فيها ضحايا من قتلى وجرحى مهما كان عددهم ضئيلاً او اكثر , دون تحقيق اهداف تلك الإحتجاجات العارمة والتي لا تتحمّل كافة اوزارها حكومة الكاظمي الحديثة العهد , بل هي جرّاء تراكماتٍ سلبية من الحكومات السابقة , وأنّ إحدى اسبابها الرئيسية والدرامية هي تولية مسؤولين اداريين وأمنييّن محددين في ادارة شؤون المحافظات ومتطلباتها ممّا لم يتحقق معظمها كميّاً ونوعيّاً .! وأنّ بعض اسبابها الأخريات هو التدخّل الفاضح والجارح لبعض مراكز القوى السياسية الفاعلة في محاولاتٍ عابثة للنَيل من ناشطي التظاهرات , وكأنّ تلك الحركة الإحتجاجية التي تتّسع جغرافياً بين المحافظات , سوف تتوقف تلقائياً او فورياً عند إخفاء او تصفية متظاهر او ناشط على سبيل المثال .! وإلاّ كيف يمكن تبرير او تسويغ مثل هذه المحاولات وفق وجهة نظراو قُصر نظر الجهات التي تقوم بذلك وغير ذلك .!

الى ذلك وغير ذلك , فالمجتمع العراقي وازاء مرارة التجارب الإنتخابية السابقة والمكرّرة , فإنّه غير مُهيّأ نفسياً وفكرياً لقبول او خوض غمار الإنتخابات المقبلة قبل حصول او وقوع تغيّرات قد ينبغي تسميتها بِ ” راديكالية ” وبديناميةٍ عالية في كلتا البُنية الفوقيّة والتحتية للعملية السياسية القائمة المفعمة والمتخمة بالفساد المالي والسياسي المتضاد لمفهوم الولاء الوطني والنزاهة والشرف .! وكأنّ العراق بلا برلمانٍ تتحكّم فيه الكتل الحزبية بمقدّرات السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية , قد يكون انسب كثيرا من ناحية السلامة الوطنية , وهذا من غير المرشّح حدوثه و لكنه في اقصى مسافات البُعد عن المستحيل .!