“الحل” التوافقي الذي حدث لأزمة التوترات الأمنية في سهل نينوى ، ليس حلاً بمفهوم تفكيك الحالة والوصول الى مخرجات تفضي الى تذويب الازمة والتخلص من مخرجاتها وقطع طريق اعادة تدويرها .
الذي حدث هو ترضيات في داخل أزمة عميقة كتبنا عنها كثيراً ، وأساسها عدم إنصياع بعض فصائل الحشد الشعبي لإرادة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة باعتبارها مؤسسة أمنية في إطار المؤسسات الامنية التابعة الاوامر للسيد عبد المهدي ، بحسب قانون هيئة الحشد الشعبي وسيل التصريحات من قادة الحشد انفسهم من إنهم مع تشكيلاتهم العسكرية يخضعون للقائد العام الذي هو رئيس مجلس الوزراء .
الأمر الديواني كان أمراً عسكريا صادراً من القائد العام للمؤسسة العسكرية والأمنية في البلاد ، لكن هذا الأمر الديواني الواضح جرى تجاهله من فصيل تابع للحشد الشعبي في أزمة سهل نينوى وتم ادخاله في شبكة متشابكة من المشكلات السياسية التي تخيّم على البلاد .
لن نناقش محتوى الأزمة ولا مخرجاتها ولا ضعف السيد عبد المهدي ولا اشكالية تعدد مصادر القرار العسكري ولا الحابل والنابل في عملية سياسية تعاني من أزمة حقيقية في بنيانها وقاعدتها واصولها !
بكل بساطة سنناقش مفهوم “الضبط العسكري ” وأهميته في بناء مؤسسة عسكرية رصينة ومنضبطة قادرة على تنفيذ مهام واهداف الدولة .
في المؤسسة العسكرية يشير مصطلح الأمر العسكري إلى أمر منشور يصدره قائد ما، ويلزم على جميع مرؤوسيه الالتزام به، والهدف منه هو فرض سياسة أو إجراء ينطبق على موقف ما ، والأمر العسكري له قوة القانون؛ ومخالفته تعد جريمة تعاقب عليها المحاكم العسكرية.
ولا يختلف اثنان على أن الضبط العسكري يعد ركيزة أساسية من ركائز البناء العسكري ومن المستحيل التحدث عن تنظيم وتسليح وجاهزية فنية وقتالية ومستوى عالٍ من التدريب والتأهيل وروح معنوية عالية واستعداد قتالي، دون وجود المستوى المطلوب من الضبط العسكري الذي هو يعني بالمطلق الإلتزام بالقوانين والتعليمات والأنظمة التي تفرضها وتصدرها الهيئة القيادية العسكرية.
لقد فشل السيد عبد المهدي في تسويق نفسه كقائد عام للقوات المسلحة ، كما فشل في التسويق السابق له كرئيس وزراء الأمل في اخراج البلاد من أنفاق المحصصات السياسية وحكومة اللاكفاءات والدرجات الخاصة والنأي بالنفس عن صراع واشنطن وطهران .
كما قدم إمثولة وسابقة في السياق العسكري في البلاد ستصبح منهجاً لكل فصيل عسكري لاتعجبه أوامر القائد العام للقوات المسلحة ،والحل التوافقي الذي حصل ، رغم ماقيل من ” إطفاء فتنة ” على مذبح رصانة الانضباط العسكري ، أكل الكثير من جرف هيبة المؤسسة العسكرية بما فيها هيئة الحشد الشعبي ، التي كان مفترضاً بها ان تعطي مثالا وأنموذجاً لتساوق الشعارات مع السلوك وتطبيقات القانون الذي اصبح ملزماً للجميع .
والسؤالان :
ماذا سيفعل عبد المهدي لو رفض فصيل آخر من الحشد الشعبي تنفيذ اوامره بسبب رغبة شعبية ترفض تطبيق أي امر ديواني يخص فصيل مسلح في الحشد ؟
كيف سيتصرف لو ان حشداً عشائرياً رفض تنفيذ أوامر القائد العام للقوات المسلحة تحت ذريعة ” العشيرة لاتقبل ” ؟