23 ديسمبر، 2024 4:40 ص

الأزمة بين بغداد وأربيل الى أين؟

الأزمة بين بغداد وأربيل الى أين؟

حدث ما كان متوقعا له أن يحدث، فالعراق يعيش الآن صفحة الحرب القومية بين العرب والأكراد! بعد أن تقلبوا على صفحة نار الحرب الطائفية بين الشيعة والسنة التي حصدت منهم الألاف من الأرواح، وتركت أثارها وتصدعاتها المؤلمة واضحة على صورة النسيج الأجتماعي والمذهبي العراقي الذي هيهات أن يعود كما كان من قبل! ( كما لا بد من الأشارة هنا من أن قيام الحرب الكردية الكردية بات أمرا واردا أيضا في ظل الأتهامات بين الحزبين الديمقراطي والأتحاد وأختلاف رؤاهم بخصوص الأحداث التي تعرض لها الأقليم مؤخرا!).لربما ستكون الأزمة الحالية بين المركز والأقليم الضارة النافعة لحكومة المركز وكذلك على عموم العراقيين وعلى كافة المستويات السياسية والأقتصادية وحتى الأمنية! للتخلص من سيطرة الأكراد على حكومة المركز!!.وكنت أتمنى وقد يتفق معي الكثيرين بأن تحرك الجيش العراقي لفرض سلطة القانون على الأقليم لو جرى قبل سنوات!، ليس حقدا على الأكراد، ولا حبا بالحكومة التي نسجل على رئاساتها الثلاثة وباقي الكابينة الحكومية الكثير من المآخذ!، وأنما للحد من سيطرة الأكراد وطغيانهم وأعادة هيبة الدولة على الأقليم الذي كان يعيش كدولة داخل العراق منذ تسعينات القرن الماضي وأزدادت سطوته اكثرمن بعد سقوط النظام السابق في 2003!؟. وبقدر ما أثلجت عملية فرض القانون على الأقليم التي بدأت في 16/10/2017 صدور العراقيين وأشعرتهم بهيبة الدولة وقوتها وتحديدا على الأكراد الذين تمادوا في غيهم كثيرا على العراق، فأنها بالوقت نفسه أظهرت الوجه الحقيقي للقادة الأكراد ومدى خيانتهم وعمالتهم وغدرهم، وما تمور به نفوسهم من حقد وكره يصل الى حد الأعمى ضد العرب والحكومة المركزية!. ويكفيهم خزيا بأن أسرائل هي الدولة الوحيدة التي وقفت مع أستفتائهم؟!، وكم أستفزوا مشاعر المسلمين والعرب قاطبة عندما رفعوا علم أسرائيل مع علم الأقليم، وكيف كانوا يقبلون العلم الأسرائيلي بكل وقاحة وخزي وعار، ولا يعلمون بأنهم بتصرفهم المخزي هذا خسروا تعاطف عموم العرب والمسلمين وكذلك تعاطف الكثير من شعوب العالم الذين لايحبون أسرائيل لأنهم يعرفون بأنها دولة مغتصبة للحق الفلسطيني!. ومواقف الأكراد هذه مع الحكومة المركزية ليست بجديدة، فهم عرفوا بتمردهم على سلطة الدولة على مر الحكومات التي توالت على حكم العراق منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 !، فهم دائما ما يعضون اليد التي تمتد أليهم!.

ولا بد هنا للعودة الى التاريخ لكشف شيء من خيانة الأكراد مع الحكومة العراقية، فعندما دعى الزعيم البطل الشهيد عبد الكريم قاسم قائد ثورة تموز الخالدة 1958 ، الملا مصطفى البرزاني والد مسعود البرزاني والذي كان لا جئا في الأتحاد السوفيتي السابق منذ عام 1949 عندما دعاه للعودة للوطن والمشاركة في بناءه، وأقام له أحتفالا مهيبا تكريما لمقدمه!، وكان الملا مصطفى البرزاني عندما يصافح الزعيم ينحني أمامه ويقول له أنا في خدمة الزعيم!، ويجيبه الزعيم ( قل أنا في خدمة الشعب وليس في خدمة الزعيم!)، ولكن ومع الأسف سرعان ما قابل الملا مصطفى البرزاني كل تلك الحفاوة والتقدير والأحترام بالأساءة!، حيث اعلن تمرده على حكومة الزعيم ورفع السلاح ضدها!؟. نعود الى صلب الموضوع بالقول: أن كل مجريات الأحداث التي بدأت منذ أجراء الأستفتاء بالأقليم في 25/9/2017، وما رافقها من تصعيد أعلامي وتشنجات بالمواقف وتراشق بالكلام ليس على مستوى المسؤولين، بل وحتى على مستوى المواطن العادي، وأنتهاء بتحرك الجيش العراقي في 16/10/2017 لأعادة أنتشاره وسيطرته على مدينة كركوك الغنية بالنفط وباقي المناطق المتنازع عليها، وما رافق ذلك من قتال أدى الى سقوط قتلى وجرحى من كلا الطرفين، كلها توحي بأن عودة علاقة حكومة المركز مع الأقليم الى ما كانت عليه بعد سقوط النظام السابق في 2003 هي شبه مستحيلة! وهوبالحقيقة يمثل رغبة كل الجماهير العراقية الذين لم يلمسوا من الأكراد أية خير !!، حيث صار من الصعب لدى الجمهور العراقي تقبل عودة النواب الأكراد وجلوسهم تحت قبة البرلمان ليتحكموا ثانية بسلطة القرار!، وهم الذين بالأمس تركوا البرلمان وتحدوا الحكومة وسافروا الى الأقليم ليشاركوا بالأستفتاء بكل صلافة ووقاحة !، وكيف سيؤمن جانبهم؟ وكيف سيوثق بهم؟، وهم المعروفين أصلا بأن لا أمان لهم على طول علاقتهم مع الحكومات العراقية من ملكية الى جمهورية والى حكومة العبادي الحالية؟!.من جانب آخر لازال الأمريكان هم صاحبي القول الفصل في الأزمة الحالية، ورغم موقف الأمريكان مع حكومة العبادي في رفضها للأستفتاء ( وأعطاء العبادي الضوء الأخضر بعد ذلك لفرض سيطرته على كركوك وباقي المناطق الأخرى!!)، ألا أنه من الغباء الوثوق بهم الى النهاية! وبدعمهم للحكومة الأتحادية وفي كل ما تتخذه من أجراءات ضد الأقليم؟!، فالأمريكان هم الذين أمدوا حكومة البرزاني بكل أسباب القوة والنجاح والسيطرة منذ تسعينات القرن الماضي ولحد الآن!.

فأمريكا تحاول الضغط على حكومة العبادي بقبول الحوار مع حكومة الأقليم والجلوس على طاولة المفاوظات والبدء بالحوار دون أية شروط؟! وهذا ما نخاف منه!!، ويعني محاولة الحفاظ على ماء وجه البرزاني وحكومته التي تمرغت بالوحل وفشلت فشلا ذريعا بعد أجرائها للأستفتاء، لا سيما وأن حكومة البرزاني مرفوضة أصلا من قبل غالبية الشعب الكردي والأحزاب السياسية هناك بسبب دكتاتورية مسعود العشائرية العائلية وفسادهم ونهبهم لكل الثروات والعائدات المالية من نفط الأقليم الذي كان يدخل الى جيوب البرزاني وأخوانه وعوائلهم؟!!.نعم نحن مع لغة الحوار ولكن ليس مع الأقليم بصورته الحالية( مسعود رئيس الأقليم ونجيرفان البرزاني رئيس الحكومة)! لا سيما وأن مسعود البرزاني يحاول أن يرمي بالكرة داخل ملعب حكومة المركز وأحراجها أمام العالم وذلك بأعلانه تجميد الأستفتاء! وهذا هو المكر بعينه، حيث تطالب بغداد بألغاء الأستفتاء، وهناك فرق كبير بين التجميد والألغاء!. فالخوف كل الخوف من قبول بغداد للحوار مع الأقليم وبضغط أمريكي وبريطاني وفرنسي بعد أن أقدم الأقليم على تجميد الأستفتاء؟!. نعم نحن مع لغة الحوار ولكن مع الحكومة الأنتقالية الجديدة التي يريد القادة الأكراد من بقية الأحزاب السياسية تشكيلها، والتي لا تأتي ردا على عدم شرعية مسعود البرزاني المنتهية ولايته منذ عام 2015 فحسب بل بسبب فسادهم كما ذكرنا ذلك آنفا والأهم بسبب رفض الشعب الكردي لدكتاتورية عائلة البرزاني المتسلطة على رقاب الأكراد منذ أربعينات القرن الماضي ولحد الآن!. أخيرا نقول: لا أحد يدري كيف ستنتهي الأمور في هذه الأزمة الخانقة الجديدة؟ لا سيما وأن هناك تدخلا دوليا وأقليميا وعربيا كبيرا في الأزمة ( أمريكا، بريطانيا، فرنسا، أيران، تركيا، السعودية، أسرائيل!!)؟!. أن الأصعب في موضوع الأزمة هو ، أنه لا حكومة الأقليم ولا حكومة(العبادي) يمتلكون سلطة القرار!، بل أن كل القرارات تملأ عليهم من الخارج!!، والله المستعان على ما يفعلون.