لا يخفى على الجميع ان العراق يمر بمرحلة اقتصادية صعبة جدا تهدد مستقبلة القريب، كما ويدرك الاقتصاديين أن الأزمة المالية والوضع الاقتصادي المتدهور في العراق ما هو إلا تراكمات ونتاج السنوات السابقة من سوء الإدارة المالية للبلد وعدم وجود تخطيط و سياسة مالية واضحة للدولة وإنما تخضع السياسة المالية للدولة رغم حساسيتها للمزاجيات السياسية والمصالح الفئوية والحزبية، كما أن هناك تكتم وعدم إفصاح عن الملابسات ولأسباب الأخرى لتلك الأزمة غير انخفاض أسعار النفط، لذا سنتطرق هنا إلى بعض أسباب الأزمة والحلول المقترحة لتجاوزها.
ويمكن تلخيص أهم أسباب الأزمة المالية العراقية بالتالي:
1-انخفاض أسعار النفط بصورة كبيرة أدى إلى انخفاض الإيرادات المتحققة، حيث أن الإيرادات لا تغطي النفقات الفعلية.
2- عدم تنويع مصادر الإيراد في الاقتصاد العراق، فالاقتصاد العراقي هو اقتصاد ريعي أو استخراجي يعتمد بصوره كلية على عوائد النفط إذ تشكل إيرادات النفط أكثر 90% من مجموع إيرادات العراق، كما إن حجم التعاملات العالمية في السوق العراقية لا تكاد تذكر.
3- الترهل والوظيفي في مؤسسات الدول على حساب الميزانية العامة وعدم وجود خطة لاحتواء هذا الترهل والتي أراها من أهم التحديات التي تواجه الحكومة حيث كان التوظيف الغير مدروس ومنح الدرجات الوظيفية لأغراض انتخابية ومصالح حزبية له تأثير كارثي على ميزانية الدولة.
4- احتدام المعارك بين القوات العراقية و داعش وما تفرضه تلك المعارك من صرفيات كبيرة(تسليح، معدات، صيانة، صرفيات أخرى) تستنزف ميزانية الدولة، كما أن تدمير ألبنا التحتية للمدن التي كانت تحت سيطرة داعش ستحتاج إلى مبالغ طائلة لإعادة أعمارها على المدى القريب، ومع تنامي الأزمة المالية ستضطر الحكومة العراقية للتوجه للاقتراض والذي سيكون له اثر سلبي على المدى البعيد بسبب تراكم فوائد القروض.
5- إن علاقة العراق بمحيطة العربي والإقليمي سيئة مما زاد من عزلته وأدى إلى قله الدعم والمساعدات المقدمة للعراق لتجاوز أزمته أسوة بدول تم مساعدتها مثل مصر والسودان والأردن.
6- الهدر الكبير في أموال الدولة بسب استشراء الفساد المالي والإداري في جميع مفاصل الدولة، كما أن الضبابية في صرفيات بعض الجهات والهيئات وعدم إمكانية محاسبتها من قبل ديوان الرقابة المالية أو الهيئات الرقابية الأخرى جعل من صرفياتها المنفلتة عبء يثقل ميزانية الدولة.
الحلول المقترحة:
لتجاوز الأزمة المالية الحالية نقترح التالي:
1- على وزارة النفط أن تبادر بزيادة الإنتاج للتعويض عن انخفاض أسعار النفط وبما يتناسب مع حجم الاحتياطي العراقي لسد العجز الحاصل في ميزانية الدولة.
2- على الحكومة استحداث هيئة اقتصادية عُليا جديدة و بصلاحيات واسعة تتكون من خبراء الاقتصاد العراقي، ولا تخضع لجهة سياسية أو حزبية وإنما تعمل بشفافية مطلقة، وظيفة هذه الهيئة رسم السياسة الاقتصادية للبلد للفترات القادمة والعمل على تجاوز الأزمة الحالية.
3- على الحكومة أن تعمل على تنويع مصادر الإيرادات من خلال دعم وزيادة حجم الإنتاج الزراعي والصناعي وتوسيع السياحة وكذلك دعم القطاع الخاص، كما أن الحكومة من واجباتها حماية المنتج المحلي إذ يلاحظ أن حدود العراق قد فُتحت أمام المنتجات الأجنبية فالعراق بعد أن كان بلد إنتاجي ومُصدر أصبح مجرد سوق لاستقبال السلع، إن هذه الظاهرة انعكست سلباً على المنتجات العراقية فأصبح المنتج المحلي لا يقوى على منافسة المنتجات الأجنبية من حيث الجودة أو السعر.
4- العمل على تشجيع الاستثمار الأجنبي وجذب رؤوس الأموال من خلال فتح المشاريع الإنتاجية للشركات الأجنبية مما قد يساهم في إنعاش الاقتصاد العراقي مع فرض نسبة من اليد العاملة المحلية عليها للعمل في تلك المشاريع لتخفيف العبء عن الميزانية العامة للدولة.
5- العمل على وضع خطة لاحتواء الترهل الوظيفي في مؤسسات الدولة و تشجيع القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي كما أسلفنا سابقاً للحيلولة دون تنامي الترهل الوظيفي، كما يجب أن يكون التوظيف على أساس الاحتياج الفعلي وليس على أساس حزبي أو فأوي
6- العمل على مساندة ودعم هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية لتأخذ دورها الرقابي للقضاء على الفساد المالي ولأداري والعمل على محاسبة المفسدين وملاحقهم قانونياً داخل العراق وخارجه، كما يجب إعطاء صلاحيات لأقسام وشعب الرقابة الداخلية داخل مؤسسات الدولة كي تأخذ دورها الرقابي.
7- على الحكومة أن تعمل وبجدية على تحسين علاقة العراق بالدول العربية والإقليمية المحيطة به وفتح أفاق التعاون الاقتصادي.