23 ديسمبر، 2024 12:02 م

المشهد العراقي المغرق بالدماء والإرهاب مشهدا لا معقول تماما يثير البكاء والالم كما يتثر السخرية والهزل وإذا تجاوزنا كل (المهازل) من تزوير الإنتخابات بشكل فج إلى الفساد الذي أصبح ظاهرة عادية تأقلم الناس عليها إلى مهزلة الكهرباء والماء وكذب الحكومة مروراً بالبطالة والتخلف الإقتصادي وهروب رأس المال وتراجع الإستثمار إذا تجاوزنا كل تلك الكوارث وتحولنا إلى (الإنسان) بصفته أغلى ما على الأرض إلى أمنه وحياته الجوهرة الثمينة التي لا يمكن التساهل في حمايتها والحفاظ على كرامتها لنرى ماذا فعلت الحكومة بها؛ ويكفي نظرة عابرة بسيطة على أحصائيات ضحايا العنف التي تصدرها بعثة الامم المتحدة في العراق “يونامي” في بغداد وهي الأكثر إعتدالاً ومصداقية لنجد ان العنف الذي شهده العراق خلال شهر ايار (مايو) الماضي قد ادى الى مصرع  799 شخصا واصابة 4091 اخرين موضحة ان هذه الارقام لاتشمل محافظة الانبار الغربية التي تشهد معارك منذ خمسة أشهر!!. وان العاصمة بغداد كانت الاكثر تضررًا جراء اعمال العنف حيث قتل 315 شخصا واصيب 617 آخرين  جاءت بعدها محافظة نينوى الشمالية حيث قتل فيها 113  شخصا وأصيب 248 اخرين ثم بعدهما محافظة صلاح الدين شمال غرب بغداد التي قتل فيها 94 شخصا واصيب  فيما اصيب 60 اخرين ثم محافظة ديالى شمال شرق العاصمة التي قتل فيها 38 شخصا واصيب 28 اخرين وبعدها محافظة كركوك شمال شرق بغداد حيث قتل 22 مواطنا واصيب 146 اخرين. وأشارت البعثة إلى أنه وفقا للمعلومات التي حصلت عليها من مديرية صحة الانبار فقد قتل 195 شخصا واصيب 499 مدنيا  بينهم 95 قتيلا و222 جريحا في مدينة الرمادي عاصمة المحافظة اضافة الى مصرع 100 مواطن واصابة 277 اخرين في مدينة الفلوجة ! .
وأين ما أتجهت أنظارك حول بغداد تجد حرباً شعواء أو في قيد الإتقاد بدء من الأنبار والفلوجة والكرمة وديالى بكل أقضيتها ونواحيها وشمال بابل وشمال بغداد وصلاح الدين وسامراء ونينوى بساحليها وهلم جرى…
ويبدوا أن مختار العصر مصمم على زج الجيش العراقي في معارك وحروب داخلية تحرق الأخضر واليابس بل أنه مصمم على الذهاب الى إعادة إنتاج معركة الجمل ومعركة الطف وقتـل يزيد (وهو من يسال من أي يزيد سيقاتل!؟) .
بدء هدم الحراك السلمي بدل أن يشجعه ويهذبه بل ويتفهمه ويحتويه تحت فرية مضحكة أن الحراك السلمي مخترق من (القاعدة) التي لا تؤمن بأي قوة سنية أو غير سنية سواها بل لا تؤمن بأي صراع أو حراك سياسي وتكفر القائمين به وتستخف بهم!. ولو أفترضنا صدق محافظ الأنبار وصدق معلومات جنرالات الحرب بوجود اربعين أو خمسين منهم داخل الحراك فتلك معجزة تحسب للحراك أنهم أستطاعوا أن يقنعوا القاعدة بجدوى الحراك السلمي ويغيروا قناعاتهم ومعتقداتهم ! ؛ أما إذا كان مخيم الحراك يستغل لتفخيخ (كما صرح عباقرة الحرب الإستتراتيجيين) فإنها فرصة ذهبية لرصد مركز التفخيخ هذا عبر أبسط وسائل الرصد . ولكن القائد الفذ الهمام هدم كل الحراك السلمي وأوقفه دافعاً بكل ما يملك من قوة باتجاه العنف والإرهاب و(اللا سلمية) وبدء الموت يغزو بغداد والإنبار وديالى وبابل وهوالآن يتحرك في نينوى وصلاح الدين؟ وهو يعدو بكل جنون ليحرق شباب العراق والزيت يصب على النار كل يوم برعونة قل مثيلها؛ ولغايات غامضة لامبرر وطني لها بل على العكس تماماً أنها تقوض كل المعاني الوطنية وتقطع كل الأواصر الوطنية التي يتماسك بها المجتمع ليشكل سياجاً منيعاً ضد كل الأخطار التي قد تتهدده بل هو في طريق الرعونة المتفاقمة التي قد لا تتوقف عند المجتمعات السنية التي تأكل بها قطعان القاعدة وعصابات العصائب التي أصبحت شبه رسمية وسخرت لها إمكانيات الدولة وأجهزتها واسلحتها ! أضافة إلى الجيش الباسل بكل صنوفه يداً بيد مع الإرهاب  وعاد القتل على الهوية والإختطاف ومحاصرة المدن ولم تعد ذاكرة العراقيين تحتمل أسماء المجازر اليومية منذ الحويجة التي أرتبط أسمها بالإرهاب الحكومي وأصبحت وصمة عار مثل مأساة حلبجة التي يريد مختار العصر تكرارها تاثراً بالقائد الملهم الضروة ! . يقتل العراقيون سنة وشيعة مواطنين وعسكريين كل يوم في حروب غبية عبثية لا معنى لها غيرإنها تؤسس لحقد طائفي متبادل ولثارات لو أستمرت لن تنتهي !!
رعونة فائقة الغباء فاقدة الوعي موتورة متعصبة عمياء تأخذ بالبلاد والعباد إلى مصير مظلم لا أحد يمكنه أن يحدد عواقبه وثمنه أرواح الشعب العراقي وامنه وأستقراره و وحدته الوطنية ولا أحد يأخذ على يد هذا الموتور الذي يقوده جنرالات أغبياء غير ناصحين متوترين جهلة يتاجرون بدم ومصير أمتهم بلا أدنى حكمة وحرص عسكري لا يهمهم التضحيات ولا الخسائر هدموا البيوت على ساكنيها ببسالة دنيئة وهدموا الجوامع والمساجد وقصفوا المستشفيات وروعوا الآمنين وحاصروا المدن وقطعوا المعونات وإغرقوا القرى وأحرقوا المزارع وهجروا مئات الآلآف من العوائل ولا شيء غير هذا !. وفشلوا في تحقيق أي نصر على شعب اعزل!
أيمكن السكوت بعد كل هذا على  كل هذه الرعونة ألا يتحمل القادة السياسيون الفاعلون في العملية السياسية والبرلمان والقضاء والأحزاب الدينية على وجه الخصوص وزر ما يفعله هذا الأرعن بمصير العراق ؟!
إلا تتحمل المرجعيات الدينية التي ترعى تلك الأحزاب الدينية الشيعية وزر من يتحدث بإسمها ليل نهار؟! . اليس من مسؤولية تلك المرجعيات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ إليس من مسؤولياتها الحفاظ على الوحدة الوطنية ؟ ومنع إيقاض الفتن وهل هناك فتنة أكبر مكن ما يجري الآن في العراق ؟ أليس للإنسان عندها حرمة؟!
إلا يتحمل كل من نصبه أو سعى في تنصيبه أو ساند الأرعن  وزر هذه الرعونة والتلاعب بمصير شعب ؟ غلا يتحمل شركاء هذا الأرعن وزر ما يقوم به من جرئم بحق الوطن ؟ أليس هناك من ياخذ على مقادم هذا الثور الهائج وعصابته الرعناء؟ أم أن الصراع على الولاية والوزارة هو الأهم ؟ وإذا لم يكن يهمهم دماء الأطفال والنساء والأبرياء وهم في معزل هذا إليسوا عراقيين تهمهم مصلحة العراق ؟ إلا تهمهم وحدته ؟ إلا تهمهم مصيره الذي يريد الأرعن سوق العراق اليه؟!
لم يعد السكوت على هذه الرعونة إلا رعونة مثلها أو إنها أخس من الرعونة إنها العمالة والخيانة والطائفية التي أعمتهم عن رؤية مصلحة بني جلدتهم وطائفتهم ؟ فماذا بعد هذا السقوط؟!
لكن الشعب هو الذي ينتصر في النهاية تلك هي الحقيقة التاريخية التي لا يعرفها الطائفيون المتخلفون ويجهلها السفاحون الأغبياء والحق هو الذي سيبقى ويستحيل مسح حقيقة ممتدة عبر الآلاف السنين اسمها العراق وستمضي قطعان القتل والإرهاب حاملين العار وسيمضي السفلة البغاة ويبقى العراقيون يحملون كل معاني الشرف والنبل عاليين الجناب يزينهم الحب .
[email protected]