يجسد المجتمع العراقي في أيام الأربعين المعنى الحقيقي للتشيع، ويظهر فيها أبهى وأروع السماة، من المؤاخاة والكرم والإثار بالمأكل والملبس وحتى النفس، وتتجلى فيهم صور الملائكة ،لما يقدمه للوافدين لزيارة ابي عبدالله الحسين عليه السلام من الداخل والخارج.
يتفاجى الكثير بصور الخدمات التي يقدمها الشعب العراقي لزوار الحسين عليه السلام في الأربعين، ويتسائل كثير من الوافدين ماهذه القابلية في تقديم الخدمات..؟ ولماذا هذا الركوع تحت اقدام الزائرين؟ لماذا هذه الخدمات تقدم مجاناً..؟ الإجابة على هذه التساؤلات في التعليل التالي :
يبدو أن الإمام الحسين “عليه السلام “حين اختار أرض العراق عموماً و كربلاء وحائرها من المدن خصوصاً، وقبل قيام هذه الحواضر، هو لنصرته المؤجلة مع حفيده صاحب الزمان “عليه السلام”، ولسعة هذه التجمعات البشرية في قبول فكرة الظهور الموعود ، وضع فيها القبر الشريف،(مرقد الإمام الحسين عليه السلام ) ليكون قبلة و عاصمة ومنطلق لمعسكرات التدريب والتأهيل للقيام المهدوي.
فالشعب العراقي تربيته العشائرية وانظمته القبلية، هي من فرضت عليه صفات تختلف عن باقي البلدان، فالانتساب للعشيرة، يبدو أنه خص به أهل العراق ، خلاف باقي البلدان او قل غلب عليهم ، مثال شعوب إيران، ينتسبون لمدنهم كالمشهدي، القمي،الخراساني ، كذلك لبنان والشام مثل البيروتي، الدمشقي، العاملي وغيرها، بينهما العراقي نادراً ما تجده ينتسب للمدينة واغلبهم للعائلة او للعشيرة مثل الجبوري، الشمري، الخاقاني وووو كثير غيرها ، والانتساب للعشيرة في ادبيات العراقي، يعني الأنتساب للمضيف والكرم، وتجسيد صور الدلة والفنجان، وهذا يعني وجود نظام الارتباط الأسري المعقد بواسطة الدم، وهو يبوب بالعشيرة بنظام (البيوت و الأفخاذ و العوائل )، وهذا نظام يوازي نظام الدولة اذا ما اتحد بالخدمات ، وهذه التركيبة العقدية غير موجود في المدينة المتحررة من هذا الاواصر وتكون مفككة كل منزل لحاله.
فالكرم ملكة أصبحت لدى الشعب العراقي وهبة من الله تعالى لهم، برعاية اليد الإلهية الغيبية، بدأت بطوعى مع مسلم بن عقیل رضوان الله تعالى عليهما ولن تنتهي، ما زالت مسيرة العشق قائمة.
فيا أيها العراقي الكريم، ان الله سبحانه وتعالى اختار لك ملكة الضيافة، هو ليعدك لليوم الأعظم، يوم دخول مواكب الإمام المهدي المنتظر “عليه السلام ” أرض العراق، من كل فج عميق، ولك ان تتخيل تلك الجموع من هذه الساعة ليكون لك نصيب في خدمة الإمام الموعود .