كنت دائماً أقول يجب قطع العلاقات بين الأردن وإسرائيل ، وربما يعود ذلك للسياسة التي ينتهجها الكيان الصهيوني الإرهابي في منطقة الشرق الأوسط، فعلى الرغم من التطبيع السياسي الأردني مع إسرائيل، فإن عدم التطبيع الشعبي ورفض غالبية الشعب الأردني للعلاقات مع إسرائيل، قد أصبح أحد العوامل التي نعول عليها في تغيير السياسية الأردنية تجاه هذا الكيان الغاصب.
حلقة جديدة من حلقات الصراع والانشقاق تتجدد بين الأردن وإسرائيل وتشير العديد من المعطيات والتصريحات، إلى أن العلاقات الأردنية الإسرائيلية في الفترة الأخيرة شهدت تدهورا كبيرا ، حتى أنها بلغت أسوأ لحظاتها منذ توقيع اتفاقية وادي عربة للسلام عام 1994 خاصة بعد رفض إسرائيل مقترح حل الدولتين، واستمرار سياسة الاستيطان والاقتحامات المتكررة التي يعتدي خلالها المستوطنون على المقدسات الإسلامية بالقدس، وكذلك بسبب رفض الأردن ضغوطا دولية وإقليمية للموافقة على خطة السلام الأميركية للشرق الأوسط، التي تعرف إعلاميا بصفقة القرن، ومما زاد من عمق الرواسب والعلاقات العكرة بينهما تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتنياهو”، وعد فيها خلال الدعاية الانتخابية بضم غور الأردن إلى السّيادة الإسرائيليّة، وقد أثارت هذه الخطوة التساؤلات بشأن مستقبل العلاقات بين البلدين.
اليوم تمر العلاقات الأردنية الإسرائيلية بمحطات متعددة، حيث أعلن العاهل الأردني، الملك “عبدالله بن الحسين”، استعادة أراضي منطقتي الباقورة والغمر، اللتين تقعان على طول الحدود الأردنية الإسرائيلية، واللتين استأجرتهما إسرائيل لمدة 25 سنة، من الوصاية الإسرائيلية وفرض السيادة الأردنية الكاملة على كل شبر منهما، وبذلك بدأت السلطات الأردنية، منع الإسرائيليين من دخول الأراضي الأردنية في الباقورة والغمر، بعد انتهاء العقد الذي يسمح للمزارعين الإسرائيليين بالعمل في تلك الأراضي بعد توقيع اتفاق سلام بين البلدين، مما يعكس حُدوث تغيير في السّياسة الأردنيّة الرسميّة عُنوانه التصدي للغطرسة الإسرائيليّة التي فاقت كل الحدود.
في هذا السياق توفران منطقتي الباقورة والغمر فرصاً اقتصادية يمكن للحكومة الأردنية استغلالها عبر بوابتي السياحة والزراعة، لخلق فرص عمل للأردنيين، بذلك يستفيد الأردن من المنطقتين زراعياً وسياحياً، سواء على المستوى المحلي أو العربي أو الدولي، في حال توفير البيئة والخدمات المناسبة فيهما.
وفى سياق التدهور الأخير في العلاقات بين البلدين والشد والجذب في التصريحات بين مسئوليها وخلال السنوات القليلة الماضية، تأثرت العلاقات الدبلوماسية سلباً أيضاً بجمود عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين وخلافات تتعلق بالحرم القدسي، حيث أغلقت حكومة نتنياهو الباب أمام الحديث عن أي عملية سلام وإنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية، وتحاول بكل الطرق عرقلة ذلك من خلال تصعيد عدوانها غير المسبوق ونسف المفاوضات من خلال استمرار عمليات البناء في الأراضي الفلسطينية، والاقتحامات اليومية واحتلال الأغوار والقدس واقتحامات الأقصى وغيرها من الممارسات التي تسهم في تأجيج الأشكال المعاصرة للعنصرية.
مجملاً….نحن اليوم أمام تحدي كبير يتطلب التغيير في الإستراتيجيات والأدوات لأنه لم يعد بالإمكان بالطريقة القديمة أن نصل إلى نتائج ملموسة، فإسرائيل لن تقبل العملية السياسية بأي شكل من الأشكال لحل لقضية الفلسطينية وتحقيق السلام، لذلك فالخيار الأفضل للتعامل مع الاحتلال هو العودة إلى الكفاح والمقاومة بكل أشكالهما، وكسر حال الصمت لمواجهة قرار ترامب المشين “إعلان القدس عاصمة لإسرائيل.
من هنا أود التأكيد على أن استعادة الباقورة والغمر تشكل إنجازاً مهماً وكبيراً للأردن، وتمسّك الدولة الأردنية بكل حبة رمل من ترابها، فنتائجها غيّرت موازين ومعادلات، وأفشلت مخططات وأسقطت مشاريع الدعاية الإسرائيلية، بعد أن تعمدت حكومة نتنياهو في السنوات الأخيرة إهمال الأردن بعد أن كانت ممرا سياسيا رئيسيا لعلاقاتهم في المنطقة.
وأختم بالقول، لنكن أمة واحدة في وجه الغطرسة الإسرائيلية مستعدين للتضحية صوناً لكرامة الإنسان، وإنهاءاً لأبشع صور الاحتلال، في ظِل نشوء محور المُقاومة و التوحد خلف إستراتيجية واضحة وثابتة ودائمة لفضح الاحتلال وعزله ومواجهته.
فتحية من سورية الأبية المرابطة، إلى كل مقاوم وكل شهيد يسقط على أرض فلسطين من أجل تحريرها شبراً شبراً.