23 ديسمبر، 2024 1:43 م

الأرتهان الانتاجي../ لدى إمام البلاغة وسيد نهجها…

الأرتهان الانتاجي../ لدى إمام البلاغة وسيد نهجها…

 ألتقط ُ وحدةً سردية ً صغرى من (نهج البلاغة)  ..وأحاول الطواف  حولها..
(تستريح البهائم،والطيور،والحيان وأنا مرتهن بعملي)
لدينا هنا نسق ثلاثي لايكتمل إلا برابوع هو القفل /المكتنز بسيادة المهيمنة..سنعمد على تفكيك النص المعرفي المضغوط  :
 البهائم
 الطيور
 الحيتان
  سنرى ان إتصاليتها عبر القيمة المزدوجة :
*القيمة الاولى :
تعلن البنية السطحية للنص وفق مفهوم النحو التحويلي – التوليدي  والبنية السطحية ثرية بسماتها إذ لولاها لما تمأسس التشيد والتخييل ومنها تتشققت العلاقات المنطقية وهذه الاخيرة لها فاعليتها،قوتها الإيمائية  بخصوص التفاوتات  في الاهمية ضمن جزئيات النسق الواحد..النص هنا يشتغل على العام وليس على جزئيات التخصيص والعام هو النوع هنا (البهائم)  ..إذن تكمن
الكثرة  عبر إختزالها في الواحد ..وهذا الاختزال سيتكرر بنسق
ثلاثي:
بهائم – طيور – حيتان.
*القيمة الثانية: اعني بذلك المسكوت عنه في النص والمشار إليه
سيمولوجيا بشفافية آسرة ،نحو الفضاء الطوبوغرافي
هنا تصبح الكائنات الحيوانية  علامة مرورية تنبه وتحيل فعل
القراءة الى خارج النص
البهائم ———- الارض- تموضع افقي – سطح الارض
الطيور———– الاشجار- قمم الجبال – تموضع عمودي
الحيتان ——— الماء – تموضع افقي/ عمودي – عمق الماء
والمشترك الاتصالي الثاني بين هذي الكائنات : الاستراحة
والتي يعلن عنها الفعل المضارع (تستريح) وهو يضيء
الجملة من مدخلها..ولكن مداه لن يستمر حتى نهاية الجملة
واذا افترضنا الجملة بهذي الطريقة:
تستريح البهائم والطيور والحيتان
ستكون لدينا جملة مرتبكة المعنى في توصيلها. وحتى تتخلص الجملة من ارتباكها المشوّش..تتغذى الجملة من نسقها الرابع الإنبثاثي بالنور كله هذا الانبثاث البلاغي في تساميه يغمر الجملة برافعة تخيلية لامثيل لها …
النسق الرابع هنا  وظيفته ُ كسر أفق توقع المتلقي..الكائنات تستريح والعوام تستريح ايضا لكن سيد العارفين ..مالك الأنا الأعلى..الأمام علي عليه السلام لايكف عن انتاجيته المزدوجة القيمة: معرفية/ عرفانية هنا نكون مع الأنا الأعلى للإنسانوي الذي يتصيّر عبر الإنسان في تجاوزه افق الضرورة الى رحاب الحرية وهنا لايكون الأرتهان قيدا ،بل حرية معرفة يرتهن الإنسان الفذ بقناعته لابأرغام براني…
شخصيا كقارىء منتج  أرى ان الجملة الفعلية( تستريح البهائم والطيور والحيتان)..هي بالمحايثة جملة مهاد اي ان وظيفتها تمهيدا لما بعدها ..كما ارى ان مابعدها جملة مكتملة بذاتها ولنقرأها معا..( أنا مرتهن بعملي) هذي الجملة هي  نص مكتمل بذاته وفق الجهاز اللساني الحداثي ولاعجب في ذلك فمن نطقها سيد البلاغ العربية..وهنا اتساءل كم نسبة كمون الاعجاز في هذا المنطق الفذ..الذي يستحق حفريات متوالية لاللوصول الى قاعه ..بل للأكتناز من طبقاته الجيولوجية الثرة اللانهائية
الخصوبة..و(أنا مرتهن بعملي) حيث ننظر اليها من باب فعل القول نراها أكثر أهمية وأرجح كفة من الجملة المهاد
فالجملة المهاد الفعلية،تخبرنا عن المنمّط المؤتلف في كينونته
اما الارتهان فهو الاستثناء الذي يكسر وينأى عن النسق..
والمرتهن ينتمي لخاص أستثنائي في تفوقه عن تلك الكائنات الحيوانية وفي ذات الوقت هو المتفوق على العموم  البشري الذي
ينتمي إليه وتفوقه ليس محض انتاجية بل هي انتاجية ضمن تكيف الكم إذن المعنى الرئيسي للنص يتركز في الجملة الأسمية..
(أنا مرتهن بعملي) والأنا هنا لاتتنرجس،أي تصاب بالنرجسية بل تتماهى بفيوضات أنتاج.. تتحول عبرها الكليات الى مدركات باذخة..وعلينا ان نعي ان الارتهان ليس شكوى..بل نجوى من نسبي متفرد ،الى مطلق.. واذا استخدمنا مفردات عصرنا يمكن ادراجها ضمن إجناسية (مذكرات عرفانية)….