19 ديسمبر، 2024 8:46 ص

الأربعين حيث يجلس التأريخ على أرصفة الزائرين

الأربعين حيث يجلس التأريخ على أرصفة الزائرين

حوار كربلائي، إستشهادي طاهر، ممتع وعميق، وجائزة عظيمة، منحها أهل بيت النبوة، لأرض نينوى في طفها الملحمي، حيث أن الضياء الثاقب، الذي ينبعث من هذا القربان العطشان، كان وسيظل ساطعاً وخالداً، لدرجة أن الظلام، لم ولا ولن يكون بإستطاعته، أن يتغلب عليه، لأن كل قطرة دم، كتبها سبط المصطفى صلواته تعالى عليهما، كانت معجماً للكرامة، والحرية، والعدالة، دلت على قيمة الإنسان!
أبطال كربلاء صنعوا أمجاداً لا تضاهى، تناغمت مع مبادئ الأرض والسماء، لذلك فإن إختيار الكلام، عن الإمام الحسين أصعب من تأليفه، كما قال إبن عبد ربه، في كتابه العقد الفريد، فالشهيد المبدع إبن العصور كلها، فهو دماء تتجدد يوماً بعد أخر، ولا تنطفئ حرارته أبداًن في مواعيد السبات، ليس لأن مواسمه، تعني البكاء والنحيب فحسب، بل لأن كلماته، تؤمن الكرامة للإنسان!
روائح الخيول، وصليل السيوف، لم ترهب أسود الغاضرية قط، لأن هناك عبق مقدس، يستحق أن يقدموا أنفسهم قرابين، للحرية الحمراء، من أجل إصلاح الأمة، وتثبيت أحكام الدين، أيام المنابر المنافقة المستبدة، التي أسست بنيانها على السب والشتم، والأفكار المنحرفة، والبدع والضلالة، لحكم بني أمية، لكن هذه اللوحة المشوهة للإسلام، لم تكن ترضي الحسين عليه السلام، فأنبرى من أجل حفظ الدين والإنسان!
واقعة موقعة، أو حرب مأثرة، أو معركة ملحمة، لا تعني تأريخاً من الدمار، والدخان، والعطش فقط، إنها أسطورة عنقاء، وراية شماء، تحمل كل معاني الإيثار والتحدي، ومنع للماء، وسبي للنساء، وجروح بني هاشم، التي تسعى بين الصفا والمروة، لتروي للعالم قصة الطف، الذي من المستحيل أن ندمل ألمه، الى يوم القيامة، لأن الإمام الحسين جسد نبيل، ذو إيقاع خاص عند الإنسان!
مسيرة الأربعين الخالدة، التي إنطلقت فيها ملايين، من عشاق الحسين عليه السلام، يبدو فيها القلم متحيراً، في إختيار وصف كافٍ ووافٍ، حول هذه الجموع الزاحفة، صوب كعبة الأحرار، فقد خلقوا لأنفسهم عالماً نقياً، ولوحة لا توصف، فالتأريخ يجلس على أرصفة الزائرين، عاجزاً بعناوينه الخجولة، لكي يتخلص من الألم والعشق، الذي لا يفهمه عندهم، ولا يوجد عند الاخرين، فبماذا يختلف هذا الإنسان؟    

أحدث المقالات

أحدث المقالات