تفكك العملية السياسية وتشرذمها خارج إطار المواقف الإجرائية الوطنية، جعل مسار ثورة التغيير الجذري يكتسب إيقاعه من حركة الإحتجاج الشعبي العام ،وهو يتحول من دوائر الإنغلاق الطائفي الى فضاء المواطنة العراقية ، بعد تعرضها لأبشع محاولة إغتيال كانت تؤثث لإستبدال بلاد الرافدين بكانتونات طائفية وعنصرية . جريمة الأربعاء الدامي ، مقدمة لكسر إيقاع مسار التحول الشعبي من الثورة والتغير الى سؤال الوجود الطائفي وايقاظ ذاكرة القتل والأنتقام ، مسعى في استثمار العاطفة الغاضبة ودفعها نحو ما هو شخصي وطائفي من حقوق ثأرية لابد ان تنتزع من عدو طائفي، وليس طبقة سياسية تمثل سلطة فاسدة فاشلة تنازع من أجل بقائها، من هنا جائت عملية التفجير والقتل بقوة صدمة هائلة ونكبة عميقة الأثر، في واحدة من لحظات الإستغراق في صناعة القرار التاريخي لصوت الشعب العراقي في نشيد التغيير . الشيء المهم ان العقل الأرهابي أو المخابراتي الذي خطط ونفذ الجريمة ، بتفاصيلها التي تشابه الى حد كبير مظاهر الهلع وارقام الضحايا في عمليات سابقة حدثت في عامي 2009 و2010 ، لم يضع في حساباته ان المناخ النفسي والإجتماعي قد تغير تماما ً ، وصار غالبية الشعب متآخين تحت نير الفقر وانعدام الخدمات وفقدان الأمن والركون على أرصفة اليأس ثم الاحتجاج بصوت واحد ، كما تشاركت افعال عدوهم ونتائجها ، واندمجت مابين الارهاب الداعشي وارهاب الحكومة واحزابها السياسية . الأربعاء الدامي، ربما يضعها البعض بداية لإنتاج حرب طائفية تشغل الجميع وتدفع بعمر العملية السياسية للأمام ،أو تبقيها كواقع حال لابد منه في ظل الصراع الطائفي ، كما تسعى اطراف دولية للحفاظ عليها واستمرارها انسجاما ً مع رغبة الأحزاب الحاكمة أو تنفيذا ً لمآرب أخرى ، لكن رسم مخططات إيقاع الشعب برمته في المصيدة ، لاتنجح دوما ً ، سيما الاحتجاج يشتد والمطاليب تتعمق ، بعد سنوات طويلة من حرمان وفشل وفساد وغياب العدالة ، وطن ينهار ودولة تتفتت أمام أنظار العالم ، موت وجرائم وفوضى واستهتار بحياة الناس وكراماتهم وسرقة حقوقهم وأموالهم من قبل مافيات سياسية وأحزاب ساقطة تتحرك تحت شعارات إسلامية زائفة . الواقع المأزوم في كل شيء يؤكد بأن مشروع التغيير مستمر وحتمي بل هو يتحرك كقانون إجتماعي ووجودي ، لن توقفه التفجيرات وماخطط لها، والدماء الطاهرة التي أريقت في جريمة الأربعاء لاتشكل سوى هامش في بحر الأرواح التي ازهقت والدماء التي أريقت جراء فساد الحكومة والعملية السياسية الآيلة للسقوط الحتمي .