7 أبريل، 2024 12:40 ص
Search
Close this search box.

الأدلة على وجود الله تعالى

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

مقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
للرد على منكري وجود الله الذين يسمونهم بالملحدين والمنافقين الضالين الذين ينكرون على وجود الله نعالى وأنه خالق هذا الكون بما فيه من كواكب وشمس ونهار وليل وكائنات وانسان وحيوانات، قال تعالى (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) بمعنى سوف نعلمهم ايات الله الموجودة في الافاق وفي خلق الانسان حتى يتضح لهم الحق من الباطل ولا يخفى علينا أن علماء الدين قد تولوا مهمه الرد علي هؤلاء الملحدين وبطرقتين الطريق الشرعي والاخر عن طريق اقناع العقل .
أـ الرد على منكري وجود الله وكونه أزلي بالاستناد إلى ايات من القرآن الكريم فقال تعالى (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) الحديد،3. (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ) ق، 6، وينبأ الله عبادة بقدراته العظيمة والتي تظهر تظهر قدرات الله تعالى في خلقه للكون وفي خلق السموات والأرض وما فيها من نجوم وكواكب ومجرات، فقال تعالى (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً مَا تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) الملك، 3. وقال (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ، وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) إبراهيم، 32، 34. وقال (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) الأنبياء، 30.
ب ـ والرد العقلي على منكري وجود الله الذين يزعمون بان هذا الطبيعه والمادة تخلق من نفسها وتنتهي من تلقاء نفسها، فإن الجواب عليهم يكون أنه لا يمكن أن نجد إنسانا سليم العقل والفطرة يعتقد أن الطبيعة والمادة خلقت إنساناً سميعاً عليماً بصيراً من تلقاء نفسه! فما بالك من كون واسع وكبيرة لا يعرف أحد اوله من اخره هل خُلق من تلقاء نفسه! وهل يصدق عاقل أن يكون المخلوق أكمل من الخالق، وهل يعقل أن العلم في الإنسان أوجده من شيء لا علم له؟ كل هذه الأجوبة غير منطقية فهذا الكون العظيم يجب أن يكون له خالق الذي ابدع في خلقه .علمًا أن الفلاسفة المسلمون قد ردوا على نظريات فلاسفة الملاحدة الذين ينكرون وجود الله تعالى بهذه النظريات: منها نظرية قانون الصدفة ونظرية الارتقاء العضوي (ويسمى بنظرية الطبيعة ـ ومبدأ النشوءـ وداروين)، ونظرية قانون الجاذبية، ونظرية الدهريون (نظرية نشأة الكون أزلي). والرد عليهم يكون بنظرية العلة والمعلول وأن لكل معلول علة وسلسلة العلل يجب أن تنتهي لعلةٍ ليست لها علة وتلك العلة هي الإله المسمى بواجب الوجود وكل ما عداه ممكن الوجود أو ممتنع الوجود. وأنَّ هـذا الخلقَ بكلِّ ما فيه شاهدٌ على وجودِ خالقه العليِّ القدير سبحانه، قال تعالى (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ، أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لاَ يُوقِنُونَ) الطور، 35 ـ 36.
إثبات أن وجود الله تعالى أزلي وأبدي وخالق الكون

1ـ إثبات وجود الله تعالى عن طريق الدلائل الفطرية والغريزية.

تعريف الفطرة: يقول الشيخ السعدي رحمه الله (هي الخلقة التي خلق الله عباده عليها وجعلهم مفطورين عليها وعلى محبة الخير وإيثاره وكراهية الشر ودفعه، وفطرهم حنفاء مستعدين لقبول الخير والإخلاص لله والتقرب إليه). فقال تعالى (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله) الروم، ٣٠. قال الرسول صلى الله عليه وسلم (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) صحيح مسلم، ويكون إثبات الله بالفطرة التي فطر اللهُ الانسانَ، والفطرة هو أن يحس كل إنسان ويشعر بوجدانه أنه يوجد قوة خارقة في الكون وهو الله تعالى، ويكون المعرفة بالغريزة السليمة والحس السليم. لذا لا يمكن إنكار وجود الله تعالى لأن الانسان يعرف ذلك بفطرته وعقله وأبصاره جيدًا، ولهذا عند الأضطرار والضيق والألام والكوارث الكبيرة يدعو ويستغيث من الله تعالى، قال الله تعالى (وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) يونس، 12. والمؤمن يؤمن يقينًا بأن الذي خلقهم وخلق الكائنات والذي خلق الموت والحياة والرزق والشفاء هو الله تعالى. فقال تعالى (الَّذِي خَلَقَني فَهْوَ يَهْدِيني وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُني وَيَسْقِيني وَإذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ، وَالَّذِي يُمِيتَني ثُمَّ يُحْيينِ وَالَّذِي أطمَعُ أنْ يَغْفَرَ لِي خَطِيئَتي يَوْمَ الدِّينِ) الشعراء، 78ـ82
وعند احتمال وقوع الفطرة أو الوجدان في الخطأ فلابد من استخدام العقل معها. علمًا أن علم الاجتماع وعلم الطبيعة والتاريخ الإنساني كلهم يرون أن الإنسان مخلوق متديّن، ذو ميول طبيعية دينية. ونقول أنه لا يوجد أمة إلا وقد بعث الله اليهم النُّذر، ليعلمهم دينهم ويثبت لهم وجود الله تعالى ووحدانيته ويأمرهم بالطاعة إليه، وأن يزيح عنهم العلل. ونحن نجد في كافة لغات العالم وجود اسم الله تعالى ولهم رسل وأنبياء مرسل من قبل الله تعالى، قال تعالى ( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ). وبما أن اللّغة تعبّر عن أفكار الإنسان وإحساساته فيكون ذلك دليلاً على أن شعور الإنسان بوجود الله تعالى عميق في قلوب المجتمعات البشرية.

2ـ إثبات وجود الله تعالى عن طريق الإستدلال العقلي والعلمي:

أما الدلالة الثانية عن طريق العقل والنظريات العلمية، وهذا يعتمد على الاستدلال العقلي وبالعلم الذي علم الله أدم الأسماء كلها، وعلمهم بالقلم. وبالعقل المهداة من قبل الله تعالى إلى الإنسان، ويكون معرفة الله تعالى بالتعلم والتفكير والتدبر في خلق السموات والأرض. قال تعالى (أَفِي اللهِ شَكٌ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ والأرْض) إبراهيم، 10. يعني أنّ العقل السليم بعد التفكر والتأمل بأيات الله في عالم الكون، فإنّه وبدون تردّد لن يجد جواباً لسؤاله عن سرّ الكون إلَّا الاعتراف بخالقه العالم القدير. والعقل الإنساني يقول: لو كان في الكون ألِهتان أو ألهة كثيرة لفسدت الأرض والسّماء فقال تعالى (لو كان فيهما ألهةً الاّ الله لفسدتا، فسبحان الله ربّ العرش عمّا يصفون لا يُسئل عما يفعل وهم يُسئلون) الأنبياء، 22، 23. والذي علم آدم، علم الآنبياء أيضًا أن الله واحد أحد، الذي لم يلد ولم يولد وهو الذي يستحق الشكر والتقديس والسجدة فقط، ونزول المصاحف والكتب السماوية عن طريق الوحي إثبات على وجود الله تعالى، وكذلك معجزات الأنبياء في العصور القديمة دلائل على وجود الله تعالى. وأكبر دليل على وجود الله تعالى هو القرآن الكريم وإعجازه، سوف نتطرق اليهم.

3ـ إثبات وجود الله تعالى عن طريق دلائل سببية (لكل سبب مسبّب):

وجود الخلق يدل على وجود الخالق ويمكن أن نقول أنَّ هـذا الخلقَ بكلِّ ما فيه شاهدٌ على وجودِ خالقه العليِّ القدير سبحانه، قال تعالى (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ، أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لاَ يُوقِنُونَ) الطور،35 ـ 36، يقول لهم: أنتم موجودون، هـذه حقيقةٌ لا تنكرونها، وكذلك السماواتُ والأرضُ موجودتان، وقد تقرّر في بداهةِ العقول أنَّ الموجودَ لا بدَّ من سببٍ لوجودِهِ.
ويدركه كبارُ العلماء الباحثين في الحياة والأحياء، فيقول أحدهم: إنَّ الله الأزلي الكبير، العالِمُ بكل شيء، والمقتدر على كل شيء، قد تجلّى لي ببدائع صنعه، حتى صرتُ دَهشاً متحيراً، فأيُّ قدرةٍ، وأيُّ حكمةٍ، وأيُّ إبداعٍ أبدع من مصنوعاتِ يده سواء في أصغر الأشياء أو أكبرِها؟! وهـذا الذي أشارتْ إليه الآية هو الذي يُعْرَفُ عندَ العلماء باسم: قانون السببية، هـذا القانونُ يقول: إنَّ شيئاً من «الممكنات» لا يحدُثُ بنفسِه من غيرِ شيءٍ، لأنّه لا يحمِلُ في طبيعته السببَ الكافي لوجودِه، ولا يستقلُّ بإحداثِ شيءٍ، لأنَّه لا يستطيعُ أن يمنحَ غيرَه شيئاً لا يملكه هو. وبهـذا الدليل كان علماءُ الإسلام ولا يزالون يواجِهون الجاحدين.

4ـ خلق الإنسان من العدم وجعله أفضل المخلوقات دلالة على وجود الله تعالى:

لقد شاءت إرادة المولى عزّ وجل أن يختار من بين سائر المخلوقات الانسان ليكون أشرف المخلوقات وأكرمها، ووراء خلق الانسان لابد أن يكون غايات ومقاصد عظيمةٌ وهدفٌ سامٍ. ، وسخر له الكون أفضل تسخير وجعله خليفة في الأرض. (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) البقرة، 30. وقال تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) الإسراء، 70. وقال (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَي) صّ، 75. وقال (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) الحجر، 29. ونتعلم من القرآن أن الله خلقه في أبدع وأحسن صورة (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) التين، 4، وكذلك في خلق الانسان إثبات على وجود الله تعالى، قال تعالى (وفي أنفسكم أفلا تبصرون)، فلينظر الانسان إلى نفسه كيف أنه خُلقه من الطّين ثم من ماء دافق (فلينظر الإنسان مم خلق، خلق من ماء دافق) الطارق، 6، وليفكر من الذي شاء فخلقه؟ وكذلك خلق الخالق أبونا أدم (ع) من دون أب وأم، وخلق نبينا عيسى (ع) من دون أب. وكيف أنه يميتهم ويحييهم في الدنيا على أيدي الأنبياء، وفي خلقهم لا يتشابه الناس فيما بينهم لا في الصور ولا في المميزات، وحتى أنه لا يمكن أن تتشابه بصمة إبهام إنسان مع إنسان.

5ـ مجيء الأنبياء والرسل الصادقين وخاتم الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام وإظهارهم المعجزات الربانية إثبات لوجود الله تعالى:

يُحتج صحة نبوة الأنبياء بالمعجزات الدالة على صدقهم، وبكمالِ ما أتوا به من الشرائع، وعلى وجود مَن أرسلهم وبعثهم بتلك الشرائع، وهو الله سبحانه. وهذه الطريقة سلكها المتقدمون من علماء المسلمين. وقال ابن القيم: “وهذه الطريق من أقوى الطرق وأصحها وأدلها على الصانع وصفاته وأفعاله. وارتباط أدلة هذه الطريق بمدلولاتها أقوى من ارتباط الأدلة العقلية الصريحة بمدلولاتها فإنها جمعت بين دلالة الحس والعقل ودلالتها ضرورية بنفسها ولهذا يسميها الله سبحانه آيات بينات”. وبراهين النبوة المأخوذة من طريق الحس لمن حضر، ومن طريق استفاضة الخبر وتواتره لمن غاب، موجهةٌ في الأصل لإثبات صحة النبوة، وصدق الأنبياء، ولكن يمكن استعمالها في إثبات وجود الله وكمال ربوبيته، وما يقتضيه ذلك من اعتقادات وتصورات، وذلك من وجهين:
الوجه الأول: أن مِن أظهر دلائل النبوة: المعجزات التي فيها خرق للعادة. وخرق العادة لا يقدر عليه إلا رب الكون وخالقه، والذي يدبّره على وفق تلك العادة المطّردة التي وقع خرقها. فدلّ خرق العادة على وجود الرب الخالق المدبّر الذي أرسل الرسول، وصدّقه بهذه الآيات الخارقة.
والوجه الثاني: أن دلائل النبوة عموما، سواء أكانت من قبيل الخوارق للعادة أم لا، تدل على صدق الأنبياء في جميع ما أخبروا به. ولا شك أن أول ما يخبرون به هو: وجود الله وربوبيته، وأسماؤه وصفاته، واستحقاقه للعبادة.
يقول ابن تيمية في تقرير هذا المعنى: “وهذه طريقة السلف من أئمة المسلمين، في الاستدلال على معرفة الصانع وحدوث العالم، لأنه إذا ثبتت نبوته بقيام المعجز، وجب تصديقه على ما أنبأهم عنه من الغيوب، ودعاهم إليه من وحدانية الله تعالى وصفاته وكلامه”.
وقال أيضا: “وبالجملة فانقلاب العصا حية أمر يدل نفسه على ثبوت صانع قدير عليم حكيم أعظم من دلالة ما اعتيد من خلق الإنسان من نطفة. فإذا كان ذلك يدل بنفسه على إثبات الصانع فهذا أولى”.
وسبب ارسال الله تعالى الانبياء على البشر من أجل إقامة الحجة، قال تعالى (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيما) النساء، 165. وقال تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) الإسراء، 15.
وكذلك ظهور أخر الأنبياء محمد عليه الصلاة وأن رسالته خاتمة الرسالات، فلا نبي بعده صلى الله عليه وسلم وهذه كذلك يدل على وجود الله تعالى، قال تعالى (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) الأحزاب، 40. كما نعلم أن نبينا الآكرم قد عُرف بالصادق الأَمين. وأنه لمْ يشرب الخمر ولم يعبد الأصنام ولم يكذب ولم يخن العهود ولم يشهد الزور أبدا. ومُنذ طفولته كان يعرف وجود الله تعالى. لقد جاءه الوحي عندما كان يعبد الله في غار حراء بمكّة. وأنزل عليه القُرآن وهو في الأربعين من العمر. وكوفئ بالإسراء والمعراج ، وعرج على دابة البراق وبصحبة جبريل (ع) إلى الملأ الأعلى عند سدرة المنتهى وأَصبح من أكبر مُعجزاته. وكونه خاتم الأنبياء والرسل يدل على وجود رب العالمين.

6ـ عظمة القرآن الكريم لأنه نزل من الله تعالى:

المسلمون يدّعون ويؤمنون أن القرآن هو كلام الله، وأن الله تعهد بحفظ القرآن. هذا يعني أن كل أيه أو حقيقة مدرجة في القران هي تماما كما قالها الله بذاته وهذا يقودنا لاستنتاج أن كل آيات القران صحيحة ولا يمكن ولا يجوز بأي حال من الاحوال أن تكون خاطئة أو تحوي معلومات خاطئة سواءًا من الناحية البلاغية والعقائدية والاجتماعية والعلمية ونحو ذلك. وسوف يبقى معجزة القرآن الكريم الى يوم الدين: قال تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر، 9 ، وقال ( لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) فصلت: 42. إنه المعجزة الإلهية الكبرى والتحدي الأكبر لكافة الملحدين (وإن كنتم في ريب مما نزلنا فأتو بسورة من مثله وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) البقرة، 23. وقال (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ. لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) فصلت/41-42.
وقد تكرر في القرآن الكريم وصف المعجزات التي أتى بها سائر الأنبياء، وتم تسميتها آيات بينات، كما في قوله تعالى (لَقَدْ اَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَاَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ) الحديد، 25. وكذلك سميت للمعجزات في القرآن براهين، كما قال عن آيَتي العصا واليد اللتين أرسل بهما موسى عليه السلام: (فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملئه) القصص، 3. وقال رسول الله (ص): (ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثلُه آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيتُ وحيا أوحاه الله إليّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة) رواه البخاري ومسلم. وسميت المعجزات في القرآن الكريم أيضا بصائر، كما قال تعالى (قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر) القصص،32، أي: حججا تبصّر الناظر فيها بصدق ما أرسل به موسى (ع).
ويمكن أن نضيف هنا أن الله خالق عقول البشر، وهو الذي يعلمهم ويوحي إليهم بأن يكشفوا الموجود ويصنعوا منها ما يفيدوهم ويسهلوا حياتهم، من نعم السموات والأرض، فقال تعالى (وعلّم آدم الأسماء كلها). فالله تعالى علم الانسان وهم أمام قدرته عاجزين وهم مكتفين بما علمهم الله، لذا لا يمكن أن يعرفوا الغيب، التي تعجزه الأبصار والعقول. فالعقل والبصر الذي لا يستطع أن يعرف أو أن يرى بما في الدنيا من ماهية التيار الكهربائي والموجات والجاذبية والمغناطيس الذي يستعمله. أو رؤيته للأشعة فوق البنفسجية والفيروسات والأشياء الموجودة في الغرف وفي البيت، والأشياء الموجودة خلفنا وهكذا فكيف يمكن لهما أن يرى ويعرفا الله وعرشه في السموات العلا؟
والآن نجيب على الملحدين ونقول أنه ليس من المنطق أن تكون الصدفة والانفجار العظيم هى المسؤولة ـ كما يدعون ـ عن كل ما نحن فيه من نعمة ونظام دقيق ومحكم ومدبر ومركب بهذا الحجم الكبير، وليس من المنطقي أن ينتج عن الفوضى نظاماً. ولا يمكن أن تنشأ الدنيا من ذرات تحركت تكشفت واتحدت وتكونت الدنيا، ونسألهم أيضًا من أوجد الذرات؟ ومن حركها من السكون؟ “ونقول لا يمكن أن تبدأ الحياة بخلية واحدة في الماء نتيجة تفاعلات كيميائية والتي تمثل نظرية التطور. ونسأل أيضًا من أوجد هذه التفاعلات لتصنع الخلية؟ ونظرية التطور مضحكة بحد ذاتها، ونسبة دعم نظرية التطور بين العلماء والعامة هو موضوع يثار كثيرًا في جدليات الخلق والتطور، وأكثر الشعوب والدول يرفضون ولا يقبلون هذه النظرية، ولكنها تُدرّس في المدارس العامة والجامعات. وحتى معهد ديسكفري (وهو مناصر لنظرية الخلق) إدّعى على عدم وجود تأييد لنظرية التطور لذا يجب عدم تدريسها في المدارس، ولكن المحاكم الأمريكية ألزمت بتدريسها، ومقرها في الولايات المتحدة.”
فلا يمكن أن يكون أصل الانسان قردًا فهي نظرية غبية، ونسأل ونقول لماذا بقيت القرود ولم تتحول إلى بشر؟ ومن الذي منعها مادام قد حدث في الماضي؟ ولا أن الدنيا تكونت من الأنفجار العظيم، وسوف نتطرق إليه. لذا وجب وجود إله يدبر أمور هذا الكون العظيم والمستمد عظمته من عظمة الله عز وجل منطقي وعقلي. وليدبر الانسان كيف أن الله خلق ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى، ولينظر إلى آياته في خلق الحيوانات والنباتات والجبال والنجوم والبحار والمطر والثلوج وكيف أنها خُلقت وسخرت لأجل الانسان؟ ونسأل أيضًا ليجتمع كافة العلماء وليخلقوا ولو ذبابة، أو أن يخلقوا إنسان آلي بنفس مواصفات الإنسان.

7ـ التجلي الواضح لصفات الله تعالى في الكون والخلق:
الخالق، البديع، المحيي، المميت، الرزاق، القهار وإلخ ـ فلينظروا إلى مبدع ومنشأ السموات والأرض (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ) البقرة، 117 ، يهب لنا الأرزاق بيده الخير قال تعالى ( وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوٓاْ أَوْ مَاتُواْ لَيَرْزُقَنَّهُمُ ٱللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّٰزِقِينَ) الحج ، 58. وأنظر إلى تجلي صفة المحيي والمميت في قصة إبراهيم (ع) مع نمرود: قال تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) البقرة، 258. ونبينا إبراهيم (ع) كان ينسب ذلك الحادث الى لله تعالى وقال له أن الله يجعل الشمس تشرق من الشرق ويطالب النمرود أن يجعلها تشرق من الغرب، فيقول إبراهيم هاهى الشمس تشرق من الشرق ومن دون أن تغيب إلى يوم القيامة، ليأتى الدور عليك أو على إلهك فيجعلها تشرق من الغرب فى اليوم التالى. ونبينا عيسى قام بإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص بإذن من الله، وهنا أمر الله سيدنا إبراهيم أن يأخذ أربعة من الطير ويفرمهم ويخلط لحمهم، ثم يوزعهم على الجبال. حيث يقسمها ويضع كل منها على جبل ثم ينادى على كل طير باسمه فيأتيان له فوراً. وهنا يرى سيدنا إبراهيم أمام عينيه عظمة وقدرة الله عز وجل في الخلق وفى إحياء الموتى.

8ـ خلق الماء معجزة من رب العالمين بذاته معجزة إلهية وإثبات لوجود الله تعالى:

الماء هو سر الحياة ومنبعها، وهو من أول المخلوقات وجودا؛ بل هناك من أهل العلم من قال بأن الماء أول المخلوقات، حتى قيل إنه خلق قبل العرش، ثم خلق العرش بعد ذلك، وحجتهم في ذلك قوله الله سبحانه (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) هود: 7.
والماء أساس المخلوقات ومن أعظم مخلوقات الله عز وجل ومن أولها في الوجود، وقد جعله الله أساس الحياة وعنصره، الذي تقوم عليه وتبدأ منه، قال سبحانه (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) الأنبياء: 30. وروى أبو حاتم البستي في المسند الصحيح له من حديث أبي هريرة قال قلت يا رسول الله إذا رأيتك طابت نفسي وقرَّت عيني؛ أنبئني عن كل شيء، قال (كل شيء خلق من الماء). وقال سبحانه (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) النور: 45. وقد ورد ذكر كلمتي “ماء، والماء” في القرآن الكريم “59” مرة، وورد ذكر الماء في كلمات أخرى “ماءك، ماءها، ماؤكم، ماؤها” 4 مرات، وبذلك يكون الماء ورد ذكره في القرآن الكريم “63” مرة، وبقراءة الآيات القرآنية، التي ورد ذكر الماء فيها يمكن إدراجها تحت المواضيع التالية.
قال تعالى (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ، أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ، لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ) الواقعة: 68‑70. (فَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَسْقَيْنَٰكُمُوهُ وَمَآ أَنتُمْ لَهُۥ بِخَٰزِنِين) الحجر، 22.
والماء أصل الحياة وعنصرها الذي لا تنشأ إلا به كما قدر الله، فما دور الإنسان؟ دوره أن يشربه، أما الذي أنشأه من عناصره، وأما الذي أنزله من سحائبه؛ فهو الله سبحانه، وهو الذي قدر أن يكون عذبا فكان، ولو شاء الله لجعله أجاجا مالحا لا يستساغ، أو لا ينشئ حياة، فهلا يشكرون فضل الله الذي أجرى مشيئته بما كان؟. وقال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ، إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فصلت، 39. (وهو الذي خلق من الماء بشرًا فجعله نسبًا وصهرًا) الفرقان، 54. ولولا وجود الله تعالى لما تم خلق الماء في الدنيا، وما كانت تنبت النباتات ولا تتواجد الحياة. قال تعالى (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) الأنعام، 99.
للماء فؤائد كثيرة للجسم: 1ـ شرب المياه بكمية كافية يعمل على تعزيز صحة الجهاز المناعي وطرد الجراثيم والفيروسات من الجسم. 2ـ يحافظ على صحة الجسم ويحميه من الالتهابات والألم. 3ـ يحافظ على صحة الجهاز الهضمي ويحميه من التقرحات والالتهابات، كما يعمل على الوقاية من اضطرابات الجهاز الهضمي. 4ـ يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون. 5ـ يساعد على خفض الوزن. 6ـ يقلل من النوبات القلبية. 7ـ يحسن البشرة. 8ـ أنه يحافظ على صحة الكلى. وفوائد صحية أخرى.

إستخدامات الماء: 1ـ تسخير مياه البحار والأنهار وجعلها ذات كثافات مناسبة لتحمل على ظهرها السفن (وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ) سورة إبراهيم،32. 2ـ يستخدم في جميع المنتجات الصناعية. 2ـ يستخدم في معامل الأدوية. 3ـ يستخدم في زراعة النباتات وفي سقي الثروات الحيوانية. 4ـ يستخدم الماء لإطفاء وإخماد حرائق الفئة أ وهي أكثر أنواع الحرائق شيوعا، وهي تكون بسبب مواد قابلة للاحتراق صلبة مثل الخشب أو الورق أو القماش أو القمامة أو البلاستيك، لحسن الحظ هي أسهل أنواع الحرائق من حيث الإطفاء، عن طريق استخدام طفاية حريق أو الماء أو الرغوة . 5ـ يستخدم الماء على صعيد منزلي للشرب والطبخ والاستحمام ولغسل الملابس بشكل أساسي. 6ـ توليد الطاقة الكهربائية يتمّ توليد الطاقة الكهربائية عن طريق المياه باستخدام التوربينات التي تحول طاقة الوضع للمياه الساقطة، أو المتدفقة بسرعةٍ إلى طاقةٍ ميكانيكية.
وللماء ميزات خاصة منها، أن الماء يتبخر بكافة درجات الحرارة من الصّفر فما فوق. وكذلك يشذُّ الماء عن بقية السوائل إذ يساعد على إبقاء الكائنات الحية التي في باطنه حتى في الدرجات المنخفظة جدًا، وحتى في حالة وصول درجة الحرارة إلى أربع درجات مئوية.

9ـ الموت بذاته إثبات لوجود الله تعالى:
التّعريف الدّيني للموت فهو خروج الرّوح من جسم الإنسان للانتقال إلى مرحلة الحياة الأبدية وأغلب الأديان تشترك في ذلك معتبرة الموت بابا للولوج في حياة أخرى بعد مرحلة مؤقّتة من الحياة الدّنيا هي مجرّد ابتلاء وامتحان. وكان الموت موضوعا شغل الإنسان منذ وجوده ليحتلّ حيّزا مهمّا في مختلف الثّقافات والحضارات، قال تعالى ( كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون ) العنكبوت ، 57، وقال (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ) سورة الزمر، الآية 30. لقد إنشغلت البشرية بمئات العصور حتى يجد إكسير الحياة ويعيش خالدًا في الدنيا، ويريدون أن يتحدُّوا الله تعالى، فهل وجدوا؟ لا، إذا أراد الله أن يكون شيئاً فيقول له كن فيكون. (أينما تكونوا يدركم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة) النساء، 78. وقال أيضًا (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ) سورة الروم، الآية 19. وإحياء الموتى يوم القيامة، يدل على عظمة الله تعالى وعلى تجلي صفاته على الكائنات.

10ـ الكمال لله وفاقد الشيء لا يعطيه:
يمكن أن نقول أنه ليس من المنطقي أن ينتج الكون شيئاً وهو لا يملكه، وكيف أن الكون لا يمكن أن يُخلق صدفةً وإنما له صانع حكيم. لذا لا يمكن للمادة الغير الحية أن يخلق مادة حيّة، والمخلوق كيف يمكن أن يخلق خلقًا أخر وقد خلقه ربّ السموات والأرض. فلو نظرنا إلى مراحل خلق الله للكائنات لعرفنا قدرة الله أكثر، خلق الإنسان من ماء ثمّ أصبح مضغة ثمّ كسى العظام بمضغة وأخيرًا أصبح جنينًا ثم طفلاً له كامل أوصاف البشر، وأنظر إلى الكتكوت كيف يكسر البيض بالقرن ويخرج منه؟ فمن الذي أعطاه القرن وبعد الكسر يخفيه؟ وأنظر كيف سخّر الله حبة الباقلاء إذا زرعناه بأي شكل من الأشكال سوف يكون سويقها فوق الأرض فمن الذي يحركه ويُعده تحت التراب؟ وأنظر إلى قدرة وكمال الخالق كيف أنه سخّر الجمل الكبير لطفل صغير ليجره إلى ما يشاء! فالذي لا يستطيع أن يملك لنفسه السعادة والصحة والنصرة الدائمة لنفسه أو أن يحفظ نفسه من الهرم والفشل والهزيمة والموت فكيف يمكن له أن يعطي أو ينشر للناس السعادة والصحة والحياة!

11ـ إثبات الأعرابي على وجود الله تعالى:

أنَّ هـذا الخلقَ بكلِّ مافيه شاهدٌ على وجودِ خالقه العليِّ القدير سبحانه، قال تعالى (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ، أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لاَ يُوقِنُونَ) الطور، 35 ـ 36 يقول لهم: أنتم موجودون، هـذه حقيقةٌ لا تنكرونها، وكذلك السماواتُ والأرضُ موجودتان، وقد تقرّر في بداهةِ العقول أنَّ الموجودَ لا بدَّ من سببٍ لوجودِهِ. وهـذا يدركُه راعي الإبل، عندما سُئل إعرابي عن الدّليل على وجود الله تعالى فقال: ( البعرة تدل على البعير، والرّوثة تدل على الحمير، وأثار القَدم تدلّ على المسير، فسماء ذات أبراج وأرضٍ ذات فُجاج وبحار ذات أمواج أما تدلّ على الصانع الحليم العليم القدير). هذا هو الأسلوب السّليم في الوصول إلى الحقائق فيكون بالتفكر والتعقل والسّؤال عن الملموسات والمواد، ونحن كبشر مسؤولون عن معرفة الحقائق وصحة الجواب، والقرآن الكريم يؤكد وبشكل مفصل على هذا الموضوع ويأمرنا على السؤال وطلب العلوم في كافة المواضيع عدا الأمور الغيبية ومواضيع ما وراء الطبيعة لأننا لسنا مسؤولون عنها ومهما استطعنا في البحث عن حقائقها نبقى عاجزين أمامها وما علينا إلاّ السمع والطاعة أمام عظمة خالق هذا الكون. وقد يقال الإثبات هنا أثر للمادة، ولكن الله تعالى ليس بمادة. ونقول الذي خلق الكون من المادة هو الله حتى يتلائم قوانين الكون، والله تعالى يستطيع أن يغير هذه المادة، بعد نسفها يوم الحشر إلى شيئ أخر يلائم قوانين ذلك المكان. يعني هناك أرتباط بين قوانين الله وعرشه وجنته وجهنمه، وبين قوانين الأرض وهما مكملان لبعضهما. ووجود الله والجنة والنار والنعيم والعذاب ثابت، ويمكن الوصول إليهم بعد تغيير تركيبنا لكي نلائم قوانين الله تعالى.

12ـ إثبات أرسطو على وجود الله تعالى.

يقول: أن الكرسي من الخشب، والخشب من الشجرة، والشجرة من البذرة، والبذرة من الزارع، فمن زرع البذرة؟ إذا لم يكن الانسان؟ وهو يؤيد قول الأعرابي الذي أثبت وجود الله تعالى. ويمكن أن نقول أن كافة الآديان السماوية وغير السماوية يؤمنون بالله تعالى، وإن كانت طريقة إيمانهم مختلفة، ونسبة المؤمنين بوجود الله تعالى كثيرة جدًا، أما نسبة الملحدين فهم قلة، ولكنهم ماهرين في التفلسف والفلسفة والتفنن في تأويل كلام الله وإبطال الحقائق. وصوتهم مسموع أكثر من المسلمين، لأن هؤلاء يمتلكون التكنولوجيا والعلوم والقوة الإقتصادية والاعلامية والعسكرية بشكل رهيب، ويسندهم عملائهم في كل حدب وصوب، ويلزم أصحاب الحق بالسكوت لأنهم لم تقاعسوا في كافة امورهم وتوكلوا على الله من دون سعي أو عمل جاد./ “للمزيد أنظر حوار مع صديقي الملحد تأليف: مصطفى محمود”.

13ـ نظرية الانفجار العظيم يدعي الملحدون أن الدنيا تكونت بعد الانفجار قبل حوالي 13.8 مليار سنة:

الإمام الأعظم يرد عليه: في يوم من الأيام حضر رجل لا يؤمن بوجود الله تعالى إلى أحد الخلفاء. وقال له في ثقة:” إنني لا أجد أحداً يقنعني بوجود إله وأتحدى أكبر عالم عندكم وإني واثق من النصر عليه. فسكت الخليفة قليلاً، وقال في نفسه:” إن أمرتُ بقتله فسوف يقول الناس أنني لم أستطع مواجهته بالدليل، ثم نادى وزيره ليستدعي له الإمام النعمان أبو حنيفة، فلما جاءهم طلب منه الخليفة إقناع هذا الرجل بوجود الله تعالى. قال له الإمام أبو حنيفة: ” سوف أثبت له ذلك ولكني أستأذنك لكي أنهي أمراً ضرورياً في القرية المجاورة، ثم أعود سريعاً، فأذن له الخليفة، ولكنه تأخر كثيراً، فأحس الرجل بالغرور والكبر وقال للخليفة: “إئذن لي بالانصراف، فقد هرب أبو حنيفة لأنه عاجز عن إقناعي”، ولكن أبو حنيفة ما لبث أن عاد، واعتذر عن التأخير، ثم أخبرهم أنه وجد في طريقه نهراً ، ولم يجد قارباً، فجلس ينتظر حضور قارب، وطال انتظاره، ثم فجأة رأى أبو حنيفة أمراً عجيباً.. رأى أخشاباً تتجمع ومسامير تقف فوق الخشب وظهرت مطرقة وأخذت تدق على المسامير، حتى رأى أمامه قارباً متقن الصنع، فركبه وحضر. فأخذ الرجل يضحك، وقال :” إن هذا الكلام لا يقوله إلا مجنون، ولا يصدقه أحد، فكيف تطير المسامير والألواح في الهواء، وتتجمع على الماء ويتكون منها قارب دون أن يصنعه أحد؟!” وهنا تبسم أبو حنيفة وقال:” إذا كان وجود قارب صغير بدون صانع لا يصدقه عقل، فهل يصدق العقل أن هذا الكون بكل ما فيه من أرض وسماء وشمس وقمر قد وُجد بنفسه دون أن يخلقه خالق؟!!!” فبهت الرجل ثم قال:” صدقت، فلابد أن يكون لهذا الكون من خالق هو الذي خلقه ونظمه، هو الله. فهذه هي عقول الملحدين.
يمكن أن نضيف هنا أن الله خلق في الدنيا الخير والشّر أي الهداية والضّلالة والكفر، والانسان مخير في اختيار أحد الطريقين فقال تعالى (أَلمْ نَجْعَل لَهُ عَينَينِ، وَلِسَانًا وَشَفتَينِ، وَهدَينَاهُ النَّجدَينِ) البلد، 8ـ 10. وهديناه النجدين أي الطريقين. وللإنسان النفس التي تأمر بالشّر دائمًا، والعقل والوجدان يقفان ضدهما. فقال تعالى (إن النّفس لآمّارةٌ بالسُّوءِ إلاّ ما رَحِمَ ربّي) يوسف، 53. فالذي يسلك طريق الخير يقرأ الكتب الاسلامية الصحيحة ويحشر معهم، والذي يسلك طريق الشّر يقرأ كتب الملحدين ويحشر معهم. ومن كتبهم النظريات الالحادية التي شغلت عقول معظم الناس: 1ـ كتاب داروين ونظريته مراحل تطور البشر. 2ـ فرويد ونظريته في الجنس. 3ـ ماركس ونظريته المادية. 4ـ دور كهايم (كايم) ونظريته حتمية القطيع الجمعي. يشرح التغيير والتقدم الاجتماعي. ومثل ذلك كتب كثيرة.

14ـ أ) دلائل لعلماء الجيولوجيا والطبيعية على عدم أزلية العالم.

(1) العالم على هيئته الحاضرة متغيّر على الدوام، وكل متغيّر حادث. وإلا لزم وجود سلسلة أزلية من التغييرات، كل حلقة منها غير أزلية، أي لها بداية. وهو محال.
(2) الحقائق الجيولوجية تبيّن أن العالم على حالته المركبة ليس أزلياً، فقد توالت عليه تغيرات عظيمة وكثيرة، وتعاقبت عليه سلسلة نُظُم، آخر حلقة فيها هي النظام الحالي. أما القول بأزلية أصول الكون، أي العناصر المركب منها فيستلزم أن المواد قائمة بنفسها، وواجبة الوجود، أي مما لا نقدر أن نتصوَّر عدم وجوده، وهو باطل. والمادة ليست واجبة الوجود، ولا قائمة بنفسها، ولا أزلية. ويعلّمنا القرآن الكريم أن الكون على هيئته الحاضرة نُظِّم بيد الخالق القدير. وعلى فرض صحة القول بأزلية العناصر، لا ينتج من ذلك أن الكون نشأ على حالته الحاضرة من نفسه، لأن العناصر الأصلية بلا حياة وليس لها عقل ولا إرادة ولا قدرة على إيجاد أمرٍ ما. فإذا سلّمنا بأزليتها بقي لزوم بيان علة كافية لحياة الكون وتركيبه ولعقل البشر وقواه.

ب) علم الجيولوجيا يشهد بأن الأرض معلولة، ولكل معلول علة: بدليل:

(1) كل أنواع الحيوان والنبات المعروفة الآن حديثة العهد بالنسبة إلى مدة وجود العالم.
(2) المواد الحالية من الحياة لا يمكن أن تولّد حياة في نفسها ولا في غيرها، بل الحياة وحدها تُحدِث الحياة، أي لا حي إلا من حي.
(3) بعد الفحص الكافي لم يتبرهن أن نوعاً من المخلوقات الحية استحال إلى نوع آخر، فالأنواع الحية ثابتة لا يتولد منها شيء تختلف حقيقته عن حقيقة نوعه. فلا بد لكل نبات وحيوان من بداية، وما له بداية هو مخلوق، والمخلوق لا بد له من خالق. وتشهد العلوم الحديثة أن عمل بعض القوات الطبيعية لا يصح أن يكون أزلياً كالحرارة مثلاً، فإنها على خصائصها المشهورة لا يمكن بموجب تلك الأدلة أن تكون أزلية، ولا بد لها من بداية. فإذا ثبت أن للكون بداية كان السؤال: ما هو سببها، وكيف نشأت؟ والجواب: هو أن ذلك لا يمكن بيانه بل يستلزم التسليم بعلّة أصلية لتلك البداية. ومهما رجعنا إلى الوراء في البحث عن تاريخ الموجودات لا نقدر أن نجيب على هذا السؤال، لأنه وإن صحَّ الرأي السديمي في كيفية تكوين الكون نبقى مفتقرين لمعرفة علة أصلية له، لأنه لا بد له من بداية، وذلك يستلزم مُبدئاً. ثم إن الحياة لا بد لها أيضاً من مبدئٍ، لأن المواد الخالية من الحياة لا تولّد حياة، وكذلك العقل بجميع قواه السامية لا بد له من مبدئٍ. فيلزم وجود خالق هو علة العلل ومبدئ المادة والحياة والعقل.

15ـ دليل الآفاق في اثبات وجود الله:

قال تعالى (سَنُرِيهِمْ آياتنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) فصلت، 53. فقوله:(سَنُرِيهِمْ آياتنَا فِي الآفَاقِ) أي: علامات وحدانيتنا وقدرتنا، وقوله (في الآفاق) يعني أقطار السماوات والأرض: من الشمس، والقمر، والنجوم، والليل، والنهار، والرياح، والأمطار، والرعد، والبرق، والصواعق، والنبات، وغير ذلك مما فيها من عجائب خلق الله. وفي حديثِ العلماء عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ما يدلُّ على آيات الله في الافاق. لقد خلق السماوات والأرض، وخلق السماء بغير عمد، وهذا الكون الفسيح الذي يتمدد ويبرد، وكيف فتق الله تلك السماوات والأرض لدليل عظيم على وجوده عز وجل، قال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)، وهذه المجرات وتلك الكواكب والشمس والقمر، وحركاتهم المنتظمة الدقيقة بلا كلل ولا ملل، تدلّ كل إنسان على وجود خالق عظيم لهذا الكون.
ومن أبرز الفتن التي ظهرت في هذا الزمان هي ظهور طائفة من الناس في الدول الإسلامية ينكرون وجود الله تعالى، مسندين ما يحدث في الكون إلى الطبيعة أو الصدفة، ويسعون إلى نشر هذا الفكر الباطل عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، ومما ساعد على نشر أفكارهم الباطلة هو استغلالهم لضعف تمكّن عقيدة التوحيد عند الكثير من المسلمين، وللرد على هذه الفئة من الناس، هناك الكثير من الأدلة العلمية في هذا الكون تبطل ما يدَّعونه، وفيما يأتي بيان لبعض الأدلة العلمية في الردّ على منكري وجود الله بشكلٍ مفصل. الماء واحد والأرض واحدة والنبات مختلف ومتعدد؛ فالمتأمل في ذلك يرى أن الماء ينزل من السماء على الأرض، فينبت الزرع المختلف في اللون والطعم والرائحة، ليتغذّى عليه الإنسان، وتخرج الحشائش والأعشاب لتكون غذاءً للحيوانات، فهل من الممكن أن تكون الطبيعة هي من فعلت ذلك؟! ثم في مراحل نمو الجنين في بطن أمه؛ حيث أثبتت الدراسات الحديثة أن الجنين يتكون في بطن أمه وفق مراحل منتظمة ودقيقة، فيكون نطفة، ثم علقة، ثم مضغة تامة الخلق أو غير تامة، ثم يتحول إلى عظام، ثم تُغطّى العظام باللحم، حتى يصل إلى مراحل الحركة قبل أن يخرج من بطن أمه، وهو ما جاء في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ، وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ).
وهؤلاء الملاحدة يريدون رؤية الله تعالى ويقولون: إن كان الله موجوداً حقاً فلا بد أن نراه كالشمس والقمر والجبال. ونردّ عليهم بأن الروح موجودة بالفعل لكنها غير مرئية، والعقل موجود لكنه غير مرئي، فهو يثبت وجود ما لم يره، وبالتالي عليه أن يقر بوجود الله على الرغم من عدم رؤيته له. يتميّز كل إنسان برائحة خاصة به، لا يمكن لها أن تتشابه مع رائحة إنسان آخر، كما يتميز كل واحد من البشر ببصمات الأصابع التي لاتتشابه مع بصمات أي إنسان آخر، وهو ما يدل على وجود خالق عظيم للإنسان. قال تعالى: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ)، فهذه السحاب وهذا المطر والإنسان وكل المخلوقات لابدّ لها من خالق وموجد، فهي لا تستطيع إيجاد نفسها بنفسها، ولم توجد من العدم، فثبت أن خالقها وموجدها هو الله تعالى.
1 ـ نقص الأوكسجين في الارتفاعات: قال تعالى: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ) الانعام :125 تنصُّ هـذه الاية الكريمة على الإنسان عندما يصّعّد في السماء ـ أي يرتفع في أعالي الجو ـ يضيقُ صدرُهُ، ويشعر بالاختناق، وهـذه حقيقةٌ علميةٌ سببها أنَّ نسبة الأوكسجين تقلُّ كلَّما ارتفعنا إلى أعلى، كما يقلُّ الضغطُ الجويُّ، وهـذان السببان يجعلانِ الإنسانَ يشعر بضيق النفس.
2 ـ حركة النجوم والكواكب في مداراتها: كان الناسُ يرونَ أنَّ الأرضَ مركزُ الكون، ويدور حولها الشمسُ والقمرُ والنجومُ السيّارة، ويرونَ نجوماً ثابتة طوال السنة، فيصفونها بالثبات، ثم حدث في عصر (غاليلو) رأيٌ يعتِبرُ أنَّ الأرض هي التي تدورُ حولَ الشمس، وأنَّ الشمسَ هي مركزُ الكونِ. أمّا القرآن الكريمُ فقد رفضَ قبلَ ذلك جميعَ الاراءِ التي تزعمُ أنَّ للكونِ مركزاً ثابتاً، قال تعالى: (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) يس :40 وكانَ ذلكَ في عصره سَبْقٌ علميٌّ. وقال تعالى (فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) الواقعة :75 ـ 76. فقد وجدَ العلماءُ أنَّ مواقعَ النجومِ ومساراتها ليست اعتباطيةً، فالكوكبُ وُضعَ في مسارٍ بحيثُ لا تؤدّي قوى التجاذبِ الكونيّةِ الكثيرةِ والقوى النابذةِ الناشئةِ عن الدوران إلى اضطرابٍ كوني، ولقد اختِيْرَ له المسارُ الذي يحقّق له التوازنَ بين تلك القوى الكثيرة. ووجد العلماء أيضاً أنَّ أبعادَ المجموعة الشمسية تتبعُ سلسلةً حسابيةً، وأنّى للعربيِّ الجاهلي الذي كان يرى النجومَ مبعثرةً في صفحةِ السماءِ أن يعرفَ من تِلقاءِ نفسه أنَّ لمواقعِها شأنٌ عظيمٌ.

16ـ دليل الجاذبية

ما زعموه بعد اكتشاف نظام الجاذبية في علم الفلك من أن هذا الكون محفوظ بقانون الجاذبية ومتماسك بسببها لا بقدرة إله خالق ولا شك أن هذا الفهم تافه سخيف إذ يقال لهم هل نظام الجاذبية ينفي وجود إله خالق قادر، أم أنه على العكس يدل على وجود الإله سبحانه وتعالى الذي خلق الجاذبية ذاتها لتعمل وفق ما أراد وقدر لا وفق ما تريد هي، إذ لا إرادة لها ولا وجود لها من نفسها فهي قد وجدت بعد أن لم تكن، وهذا الترتيب العجيب في الكون يفوق كل قدرة ويفوق كل تدبير لقد حير العقول وتضاءلت دون إدراكه الأفهام، فكيف ينسب هذا كله إلى الجاذبية المحدثة المخلوقة؟ كما أن كثيرا من الملاحدة – كما تقدم – يعترفون بعجزهم عن الوصول عن طريق الأبحاث والتجارب إلى معرفة أسرار كثير من الحقائق المشاهدة في هذا الكون وهذا الإقرار يلزمهم أن يقروا أيضا بحقيقة الإله، بل وحقيقة الدين لأنه يشتمل على كثير من الحقائق التي لا يصل العقل إلى معرفتها لا عن طريق البحث ولا عن طريق التجارب فكيف ساغ لهم الإيمان بأن لبعض الحقائق المشاهدة حقائق باطنية عجز العلم عن معرفتها بينما ينفون وجود الإله وحقيقة الدين بحجة أن الدين قائم على أمور لا تدرك حقيقتها الباطنية عن طريق البحث والتجربة، هذا تناقض واضح وتفريق بلا مستند.

17ـ دليل الارتقاء

من شبههم التي استندوا عليها في إلحادهم في الله تعالى قضية الارتقاء. أي ارتقاء المخلوقات وتطورها في خلقها تلقائيا، وأن ما يزعمونه من تطور المخلوقات بنفسها بفعل المادة إن هو إلا خرافات سخيفة ولو كان ذلك صحيحا لأدى التطور إلى أن تصبح الذرة جملا أو فيلا ضخما فما الذي يمنعها وقانون التطور يجيز ذلك لها؟ وقد مرت ملايين السنين ولا تزال الذرة هي الذرة والجمل هو الجمل والإنسان هو الإنسان لم يتطور من قرد إلى إنسان إلا عند ” داروين ” الملحد الذي أصبحت نظرياته محل سخرية العقلاء من الناس وضحكهم منها وإذا كان الارتقاء بمعنى أن الإنسان والحيوان يكون في أوله صغيرا ثم يكبر شيئا فشيئا إلى أن يكتمل فهذا أمر حقيقي مشاهد وهو يدل على قدرة قوية تربيه إلى أن يصل إلى درجة الاكتمال ولا يدل هذا على أنه ليس له إله رحيم مدبر. وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تدل على التطور والارتقاء في حياة الإنسان والحيوان والنبات ولو كان للطفل المولود أسنانا حادة من أول يوم لما أرضعته أمه ولو ولد شابا لما وجد ذلك الحنان بينه وبين أمه وأبيه وأهله ولو كانت الشمس تسطع حرارة منذ بزوغها لما وجد لها هذا الحب في استقبالها و في غروبها كل يوم ولكن الملاحدة قلبوا الأمر فجعلوا ما كان دليلا واضحا على قدرة الله تعالى ووجوده جعلوه دليلا على إنكار وجوده لأن قلوبهم غلف وقد طبع الله عليها.
وأما ما زعموه من أن الكائنات الحية تولد من غير جنسها هذا غير ممكن، وقد نجد وجود التشابه بين الكائنات الحية فلا يعني هذا أيضا أن كل كائن تولد عن شبهه فلا يصح أن يقال أن القرد تولد عن الإنسان أو الإنسان تولد عن القرد لما بينهما من تشابه لا يمكن هذا إلا في نظرية “دارون” وقد عرفت سخافتها، بل إن العلم والدين كلاهما يثبتان أن التشابه بين الكائنات الحية مع بعضها البعض أو مع بعضها وأخرى ليست من جنسها إنما هو دليل قاطع على أن مصدر الإيجاد واحد وهو الله تعالى.

18ـ قانون التفسير الميكانيكي للكون (قانون العلة والمعلول/ كما يفسره الملحدون):

من المسلَّم به عند العقلاء وكل المؤمنين بالله تعالى أن الله تعالى يوجِد الأشياء عند وجود أسبابها في أغلب الأمور إلا إذا أراد عدم وجود تلك الأسباب وحينما اكتشف علماء القرنين الثامن عشر والتاسع عشر أن الكون يسيره قانون العلة والمعلول طار الفرح بمفكري الملاحدة وظنوا أنهم وجدوا ضالتهم المنشودة في التدليل على عدم وجود الله تعالى لأن كل الأشياء ناتجة عن علة ومعلول فلا ضرورة حينئذ إلى القول بوجود إله موجِد لأن جميع ما يجري في هذا الكون إنما يحدث بسبب علل مادية دون تدخل خارجي غير وجود العلة والمعلول التي تغني عن القول بوجود الله عز وجل وهو ما يسميه بعض الباحثين ” التفسير الميكانيكي للكون ” ومن الطريف أن العلماء الذين اكتشفوا هذا القانون لم يزعموا أنه بديل عن الله تعالى بل صرحوا بأنه سنة الله في الخلق أن تجري الأمور بواسطة أسباب وعلل فقد قال “نيوتن” “هذا هو أسلوب الله في العمل، فالله يجري مشيئته في الكون بواسطة أسباب وعلل” .
ولكن الملاحدة وهم في نشوة فرحهم ببناء مذهبهم الإلحادي جعلوا هذا ضمن أدلتهم على تقوية إلحادهم ونظريتهم إلى الدين بعين البغضاء وأنه بزعمهم ينافي العلم، وأنى لهم أن يكون هذا الاكتشاف دليلا على عدم وجود الإله الخالق الذي قدر الأسباب وضرب الآجال وفق سننه في هذا الكون التي هي أجلى من الشمس لولا عناد الملاحدة واستكبارهم وقد أشار الله تعالى إلى هذا في القرآن الكريم حينما أمرت مريم بأن تهز النخلة وهي في حالة تمام الإعياء والتعب في وقت الولادة ليفهم الناس أن الله تعالى يجري الأمور بأسبابها. وقد وجد الفلاسفة الملاحدة صفعة أبطلت نشوتهم بهذا الاكتشاف الميكانيكي وذلك حينما عجز العلماء عن الإتيان بتفسير للأسباب الكامنة في بعض القضايا مع وضوح آثارها دون أن يعرفوا وجه العلة والمعلول فيها وعلى سبيل المثال فإن الراديوم عنصر مشع وإليكتروناته تتحول إلى حطام تلقائيا بعمل الطبيعة وقد أجرى العلماء تجارب لا حصر لها لكي يصلوا إلى سبب إشعاع الراديوم ولكن كل التجارب انتهت إلى الإخفاق. ونحن نجهل حتى اليوم سبب تحطم إلكترون ما وخروجه عن نظامه النووي في الراديوم وأيضا فنحن نشاهد المغناطيس وهو يشد نحوه الحديد. وقد أقام العلماء نظريات كثيرة لشرح هذه الظاهرة ولكن أحدهم كتب يعلق على هذه النظريات قائلا: ” إننا لا نعرف لماذا يشد المغناطيس الحديد نحوه ربما لأن الله أصدر إلى المغناطيس أمرا بذلك ” .
ولقد اعترف الملاحدة بعد طول جدل بأن قانون التعليل ليس حقيقة مطلقة بالمفهوم الذي افترضوه في القرن التاسع عشر، بل لقد قرروا أخيرا ” أن نظام العالم لا يخضع لقانون العلة والمعلول الناتج عن الصدفة المحضة، وإنما هناك عقل ذو وعي يدبر شؤون العالم بالإرادة “.
لقد أثبت ألبرت أينشتاين أن قوانين إسحاق نيوتن للحركة والجاذبية خاطئة. ويمكن أن نقول كذلك على الرغم من وجود أدلة كثيرة تدعم نظرية آينشتاين، في النسبية تنبأت أيضاً بوجود تموجات في الزمان والمكان تسمى بموجات الجاذبية، إلا أن العلم الحديث لم يكتشف وجودها أو إثباتها، وذلك بسبب حجم الموجات الدقيق الذي يبلغ أقل بمليون مرة من حجم الذرة.

19ـ دليل المادة:

ومن أدلتهم على نفي الإله واعتبار الدين خطرا يضاد العلم قولهم أن أساس هذا الكون كان مادة شبه غبار منتشر ثم حدث أن تحرك حركة لم تنته إلا بتكوين هذا الكون وما فيه في انفجار هائل، ولكن يقال لهم إن هذا التفسير مضحك سخيف فهل تستطيعون أن تثبتوا من الذي كون ذلك الغبار ومن الذي جمعه ومن كان السبب في تلك الحركة التي جعلت الكون كله يتفجر ويتكون على نحو ما هو عليه؟
إنهم لا يجدون لهم جوابا غير أن الصدفة هي التي فعلت ذلك وهو افتراض بدون أساس ناتج عن خيال كاذب وفهم قاصر، ويقال لهم: إذا كان وجود هذا الكون عن طريق الصدفة أليس من الممكن والحال هكذا أن توجد صدفة أخرى تقضي على هذا الكون كله وتتعطل كل هذه المصالح من شمس وقمر ونجوم وغير ذلك مما في هذا الكون المترابط المنتظم بصورة تضمن استمرار الحياة سليمة عن الخراب والتداخل إذ الشمس تجري لمستقر لها والنجوم زينة للسماء والقمر ضياء والرياح لواقح والسحب تحمل المطر والليل في وقته والنهار في وقته، كلها تجري لصالح الإنسان ولبقاء الحياة هذه الدهور التي لا يعرف لها وقت إلا الله تعالى، بل والإنسان نفسه أعظم آية، كيف أوجدته الصدفة من العدم وكيف وجد الإنسان الحي من مادة ليس لها حياة.
ونحن نجد الإفراط في الإلحاد، فأخذ عظماء الكفر والإلحاد يتبجحون بما توصلوا إليه في اكتشافاتهم من تلك القوانين الطبيعية فراحوا يتفنون في إطلاق كلمات الإلحاد وأنه بإمكانهم أن يخلقوا الإنسان والكون لو توفرت لهم المواد والتي زعموا أن الكون خلق منها فقال الفيلسوف الألماني ” كانت “: ” ائتوني بالمادة وسوف أعلمكم كيف يخلق الكون منها ” وقال “هيجل”: “إنني أستطيع خلق الإنسان لو توفر لي الماء والمواد الكيماوية والوقت “. هؤلاء إما جهلة أو حاقدين على البشرية، يكتشفون علمًا أو تكنولوجية مثل الصواريخ والمركبات الفضائية والروبوتات ونحو ذلك فيظنون أنهم يستطيعون خلق كل شيء، ولا يعلمون أن العلم من التعلم أي المعرفة المكتسبة بالنقل أو التجريب، لذلك فهو ليس اختراعا بشريا من اللاموجود، بل هو من فهم ما يسمونه الظواهر الطبيعية، أي السنن الكونية بالتسمية الدينية، وهي تلك القوانين التي وجدها الإنسان تنظم علاقات الأشياء وخصائصها مثل الجاذبية والمغناطيسية والإحتكاك والتمدد ..الخ. والألات المخترعة والمصنعة التي يستخدمونها مصنوعة من المواد الخام والمواد الأولية كذلك هدية الله تعالى للأنسان.

20ـ القواعد الأربعة للوصول إلى أنّ الخالق ليس بحادث. للإمام الغزالي.

1ـ لا بُدّ لكل حادث من محدث: إذن فهذا العالم لابُدّ له من خالق، فإنكارهُ ضلال وخطأ.
2ـ أنّ هذا الخالق كامل مطلق: فنسبة العجز والافتقار إليهِ، ضلال وخطأ.
3ـ أنّ الكامل المطلق لا يفتقر إلى الموجد: فالسّؤال عن خالق الخالق، ضلال وخطأ.
4ـ يُعرف الكامل المطلق ولا يُحاط بهِ: فتوقف الإقرار بهِ على الرّؤية أو الأحاطة، ضلال وخطأ . لمزيد من المعلومة راجع المصدر المذكور في الحاشية.

المصادر المهمة في إثبات وجود الله تعالى. منها:
1ـ الله يتجلى في عصر العلم. مجموعة من الباحثين الأمريكيين. 2ـ تهافت الفلاسفة، المنقذ من الضلال، إحياء علوم الدين للغزالي. 3ـ تهافت الفكر المادي التاريخي ـ للدكتور محمد البهي. 4ـ قصة الإيمان بين العلم والفلسفة ـ للشيخ نديم الجسر. 5ـ تهافت التهافت ـ لابن رشد. 6ـ كتاب زعلول النجار. أدلة وجود الله تعالى المادية عن طريق العقل فقط ـ دار القلم ت بيروت ـ 2000م ـ اشراف أحمد الزعبي. 7ـ كبرى اليقينيات. للدكتور البوطي. 8ـ وكتب الفلاسفة المسلمون من ابن رشد، والكندي، والفارابي ومن كتبه الإشارات والتنبيهات، والنجاة ـ لابن سينا (ولكن كتب ابن سينا يحتاج الى الحذر عند القراءة). 9ـ كتب هارون يحيى. (الأستاذ هارون يحيى له جهد كبير بمناقشة الداروينيين لكن لا بد من التحذير أنه عنده مخالفات كثيرة من الناحية العقدية للأسف الشديد). 10ـ فصوص الحكم وكتاب اليقين، والفتوحات المكية محيي الدين بن عربي. ( يمكن أن نحذر من أقواله عن وحدة الوجود).

والله ولي التوفيق

 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب