23 نوفمبر، 2024 1:43 ص
Search
Close this search box.

(الأداء الروائي) / (الأداء الدرامي) في الدراما العراقية..

(الأداء الروائي) / (الأداء الدرامي) في الدراما العراقية..

يسكن قلبي انموذجاً
أولاً:
يقوم السرد بنقل الأحداث من كونها خزيناً فكرياً متخيّلاً أو واقعاً إلى وسائط متعددة ليتناولها التلقّي، ووسائط نقل الأحداث عدّة، وعند الحديث عن الدراما التلفزيونية، يكون المسلسل هو وسيط العرض على أداة توصيل هي الشاشة، ولوسيط العرض هيمنة على ما ينقله، وذلك ما يجعل حدثاً منقولاً عن طريق الرواية مثلاً، مختلفاً عند نقله عن طريق المسلسل، وهنا يبرز دور المبنى السردي، بوصفه الكيفية التي تنقل الحكاية التي هي (المتن السردي)، ولعدم وجود حكاية إلا وهي في حالة (انبناء)، يتّجه النقد نحو تقنيات الوسائط في نقل الأحداث.
من زاوية أخرى، يقوم (الأداء) بتنظيم عملية النقل، لذا هو الحاكم في استلال ما يجري واقعاً أو خيالياً من منطقتيهما، إلى القصص سواء أكانت مقروءةً أو مسموعةً أو مرئيةً.

ثانياً:
في مسلسل (يسكن قلبي) للكاتب باسل شبيب والمخرج أكرم كامل، يلاحظ المتابع تفوّق النظام الأدائي للرواية على النظام الأدائي للمسلسل/ الدراما، وفي القول السابق خللٌ أكاديمي؛ إذ تم القفز إلى نتيجة أولى قبل التحليل، وسبب هذا القفز ضرورة صحفية ليس إلا.
إن تفوّق الأداء الروائي على الأداء الدرامي جعل المسلسل بعيداً عن إجادة استثمار تقنيات الدراما، وغير موفق في اعتماد تقنيات الرواية، وتلك مشكلة شبه عامة في عدد من المسلسلات العراقية، التي تظل متأرجحة بين وسيطين، بينما تجاوزت السينما والدراما الغربية هذا الأمر منذ زمن، فحب في زمن الكوليرا بوصفها روايةً، تختلف جداً عن حب في زمن الكوليرا بوصفها فيلماً وإن كانت الحكاية واحدة.

ثالثاً:
* المتن الحكائي لمسلسل يسكن قلبي:
رجل ينتمي لأرستقراطية بغدادية، يعود من الخارج ليبيع أملاكه بعد فشل علاقته مع زوجه الساكنة في اسطنبول، إذ يمارس عامر العائد من الخارج (محمود أبو العباس) دور الجوّال في العاصمة. بينما تعيش ماجدة (شذى سالم) مع أختها وزوج اختها وابنه – بوصفهم حرّاساً- في بيت أسرة عامر المعروض للبيع، و(ماجدة) بطلة المسلسل مطلقة بسبب تهمة باطلة طُعن بها شرفها من قبل زوجها الذي يجسّد دوره الممثل (مناضل داود) إذ أوغر صدر ابنه أنس (باسم الطيب) ضابط الشرطة على أمه، بينما أنس الضابط، يعاني من مشاكل نفسية بسبب والدته، وبسبب متابعته لجرائم سرقة يقوم بها أخوه غير الشقيق (علي نجم الدين).

رابعاً:
* المبنى الحكائي لمسلسل يسكن قلبي:
– ثمة ضعف واضح في ربط الأحداث على وفق مبدأ السببية التي تصنع الحبكة في السرد، ويتّضح ذلك من تشظّي المجريات ودخول أحداث لا علاقة لها، أو غير مسببة بصورة كافية، وقد مال الكاتب فالمخرج إلى اعتماد تداعيات الذاكرة والمونولوج في كثير من المفاصل، بينما تحرص الأعمال الناجحة عادة على تقليل هاتين التقنيتين في العروض التلفزيونية عن طريق ابتكار شخصيات يفضي لها البطل بما يبوحه في داخله في حالة المونولوج، أو اعتماد السرد المتوازي أو الحوار الحر غير المباشر لنقل أحداث الذاكرة، للتركيز على الأداء الدرامي، وتقليل مساحة الأداء الروائي، فما يُسجل جمالاً في الرواية، ليس بالضرورة أن يُسجل جمالاً في الدراما، لاختلاف وسائط العرض.

خامساً:
قسّم الشكلانيون الروس السرد إلى حوافز (أحداث)، وفواعل (شخصيات)، و(عوامل) علاقات تربط الشخصيات فيما بينها، فالشخصية بنيوياً كائنات ورقية في الرواية، أي هي كائنات شاشة درامياً، وتحدد الشخصيات على وفق العلاقات الرابطة فيما بينها وبين الأحداث، وفيما بينها وبين الشخصيات الأخرى.
ثمة نقطة ضوء في طروحات الشكلانيين، تخص الحوافز التي قسّموها إلى (حوافز مقيّدة) و(حوافز حرّة)، وباختصار، الحوافر المقيدة هي الأحداث الرئيسة التي تمثل متن الحكاية، بينما الحوافز الحرة هي الأحداث التي لو حذفناها لن يتغير شيء من الحكاية، فمثلاً، الحوافز المقيدة في قصة نبي الله يوسف في القرآن، هي: (الحلم، الخروج مع اخوته وإلقاؤه في البئر والتقاطه من السيّارة، حكمه لمصر، الرجوع لأبيه) بينما الحوافز الحوافز الحرّة: (دخول اخوته من أبواب عدة، وضع البضاعة في خرج أخيه الأصغر، إلقاء قميصه على أبيه، الدم الزور على قميصه) وفي التصنيف وجة نظر لكل باحث؛
ونقطة الضوء في هذه الفكرة الشكلانية، هي أنهم يعدّون الحوافز الحرة/الطليقة، التي لو حذفت لن تؤثر في متن الحكاية، هي الأساس في العملية السردية، لأنها القادر الوحيد على دفع عجلة السرد إلى الأمام، وهم على حق بذلك، فكثيراً ما رسخت في أذهاننا رقصة أو أغنية أو لقطة بسيطة لفيلم أو مسلسل، بينما تذوي قصة الأفلام في طيّات الذاكرة.
وعند الحديث عن مسلسل يسكن قلبي نجد أن أبرز حافر حر فيها، هو ما جسّده نديم (مازن محمد مصطفى) الشخصية المجنونة لشاعر عُذّب على أيدي النظام الديكتاتوري السابق، ليظل سائحاً يمثل نبض الحقيقة في زمن أهوج، وهنا سأوقف عجلة سرد المقالة هذه، لأسجّل تحية كبيرة لمازن محمد مصطفى، الذي قدّم عملاً بارعاً لو قطعناه وحده لتوهّج مشيراً للإبداع.
وبعد.. الحافز الحر الذي مثلته شخصية المجنون كان غير موفق، إذ لم يجهد الكاتب أو المخرج نفسيهما في تكوين خيط سحري يُدخله في صلب العمل، إنما بقي أداء الشخصية وحوارها العالي منعزلين عن سيرورة الأحداث الرئيسة.
– بتحليل مستويات الشخصية، يُرى أن هيمنة الشخصية المثقّفة، معرّفةً بلهجتها وأسلوب حديثها على الأعمال العراقية باتت ظاهرة مشخّصة، وفي ذلك ابتعاد عن الأداء الدرامي، واقتراب من الأداء الروائي، بوصف الرواية منتجاً أدبياً لمستوى ثقافي أعلى من المستوى الثقافي لمتلقّي المسلسل الذي تتابعه الشرائح الاجتماعية كافة، ولأن المتلقي يميل عند متابعة الدراما إلى المقارنة مع الواقع، فمن غير المستغرب أن يعترض على الحوار العالي الذي يدور بين الضباط في مركز الشرطة، كما يعترض على علوّ مستوى الحوار في الأزقة والأسواق، وذا يشكّل استفزازاً للمشاهد.

سادساً:
* بعد قراءة سردية للعمل، يجيء هذا الجزء من المقالة ليحلل مناطق داخل الأداء الفني للمسلسل، على مستوياتها المؤثثة لبناه الدرامية، وبغية ترتيب الأفكار، ستكون مواطن التحليل مقسمة في نقط، وكما يلي:
١. تدور الأحداث في بغداد، وبالضبط قلب العاصمة (السنك، الشورجة….) ، وقد كرّست المسلسلات العراقية جلَّ جهدها المكاني في قلب العاصمة، ويبدو أن ثمة تخوفاً من الخروج خارج هذا (القلب/القالب)، وكأن بغداد الحالية، هي بغداد الخمسينيات التي لم تمتد ضواحيها لتغطّي مساحات شاسعة،
يا سادتي الكتّاب.. المسلسل أحداثه معاصرة، وبغداد الآن فيها (شرق القناة) شرقاً، و(غرب الأسكان) غرباً، مدنٌ وحيوات، ولكي تكون الدراما رغيفاً للمشاهد العراقي، عليها أن تتجرّأ مثله لتعبر أسوار بغداد المرسومة في الرواية الستينية العراقية، حيث بغداد تعني (أسواقها القديمة، جسورها، حاناتها…)، بغداد الآن ريفٌ مختلط بالمدينة الضائعة والراسخة في الأحلام فحسب، والدراما أداةٌ واقعية، وشريحة لمجتمع تصنع المخيال من دون قطيعة عن مرجعياته، فمشيمة الرجوع للواقع مستمرة في أي مسلسل واقعي ناجح.
٢. مدة عرض الحلقة الواحدة بعد اقتطاع المقدمة والخاتمة تتراوح بين (٣١ – ٣٥) دقيقة، وتعيد كل حلقة في بدايتها ما يقارب ثلاث دقائق من الحلقة السابقة، مما يجعل مدة الزمن الفعلي للحلقة (٣٠) دقيقة، وفي ذلك خلل واضح ينافي القياس الزمني للحلقة الدرامية بوصفها ساعة تلفزيونية، عليها أن تمتد لمدة عرض قدرها (٤٥ – ٥٠) دقيقة؛ وهذا النقص في الزمن جارٍ في بعض المسلسلات، إلا أن الطريقة المثلى التي يتبعها المخرجون في تلافيه، هو إضافة ما يسمى (تتابعون في الحلقة القادمة) آخر كل حلقة، و(ملخص ما جرى في الحلقة السابقة) بداية كل حلقة جديدة، لكن يبدو أن صانعي العمل، اتّجهوا للإعادة وفي ذلك تقليص واستسهال للزمن، علماً أن كل دقيقة في العمل هي دقيقة إنتاج.
٣. البيت البغدادي الذي تم تصوير مشاهد (ماجدة) وعائلتها فيه، هو نفسه أو مقارب لدرجة كبيرة لبيت (هوبي) المضمد الذي جسّد دوره الممثل (غانم حميد)، وكان ينبغي الانتباه لذلك وتغيير قليل من الطلاء أو اختيار زوايا تمحو التشابه.
٤. ثمة خطأ كبير في اشتغال تسلسل مشاهد العمل، ويتحمل المخرج والمونتير والسيناريست هذا الخطأ، إذ كانت المشاهد تجيء بتسلسل غير مدروس ومتخبّط أحياناً، وإحدى هذه الأخطاء:
(تنتهي الحلقة الخامسة بمشهد دخول الضابط (أنس) إلى بيت أمه (ماجدة) مفتّشاً عن هارب مصاب، ويأمر بكسر باب البيت، ويجيبه الضابط المرافق (خو ندك الباب أول)، يطرق الباب وتخرج أمه، ويدخل (أنس) للتفتيش، وبعد تهديد العائلة وخروجه وإغلاق الباب، تنتهي الحلقة. وتبتدئ الحلقة السادسة، بإعادة مشهد التفتيش كله كالمعتاد لكسب الوقت المضاف إلى مدة العرض، ثم بكشف (ماجدة) للعائلة أنها هي من خبّأت الهارب، وبعدها يظهر الهارب المصاب امامهم لتعود الاحداث الى الذاكرة (الاسترجاع)، وفي استرجاع الأحداث يتابع المشاهد دخول الهارب إلى بيت ماجدة إذ كان الباب غير مقفل (لماذا الباب غير مقفل في وضعنا الراهن، وفي منطقة عُرف عنها شيوع السرقة؟)، وبعد صحو ماجدة وتفاجئها بالهارب، تسمع لغطاً خارج البيت (هنا ينتهي مشهد الليل الداخلي المسترجع)، لينتقل السرد إلى مشهد الليل الخارجي المسترجع، وحديث الضابط أنس مع الشرطة، وخروج ماجدة مستغربة منه وسؤالها له (خروج أول)، فينهرها للدخول، ثم يجيء مشهد الليل الداخلي المسترجع إذ تخبّي الهارب، ثم مشهد الليل الخارجي المكرر من الحلقة الخامسة السابقة الذي يجيء مسترجعاً هنا بما يسمى سردياً بالتواتر، لكنه تواتر ممجوج لقربه من عرضه الأول، ومحاولة الشرطة طرق الباب، وأمر الضابط بكسر الباب وخروج ماجدة (خروج ثانٍ).
الملاحظ هنا – بعد عملية الاسترجاع – أن خروج ماجدة بعد طرق بابها في الحلقة الخامسة، هو خروج ثانٍ، لكنه خروج قُدّم وكأنه للمرة الأولى، إذ لا دلالة للتملل، او الانزعاج من طلب الدخول، ولا قلق يعتري ماجدة في حين هي تتستر على هارب يطارده ابنها الكاره لها، ولجعل الاسترجاع مترابطاً مع الحدث الآني، كان يجب تقديم الضابط على أنه يعلم بوجود ماجدة قريبة، فقبل دقيقة كانت في الباب حين نهرها، وكان من الممكن تقديم صراع للدخول مباشرة الى البيت، فلا لقطة تبيّن ان ماجدة أقفلت الباب بعد خروجها الأول، وكان من الممكن – التماساً للمنطق – أن يصيح باسمها للخروج للإشارة إلى خروجها الأول قبل مدة قصيرة، كما يلاحظ أن لا ملامح للقلق بانت على وجه ماجدة أو أختها عند التفتيش، مع علمهما بخطورة إخفاء هارب عن القانون.
كل ذلك جرى بتسلسل لا يستحسنه المتابع الحذق، وكان من الممكن الاستغناء عن الاسترجاع، وسوق الحدث بالزمن الآني متسلسلاً، ففي ذلك خلاص من تخبّط العمل فنّياً في هذه المشاهد.
٥. استمراراً في تتبع بعض الأغلاط المنطقية، يتابع المشاهد الكهولة غير المدروسة والمسيطرة على العمل، فماجدة هي الفتاة المعشوقة من قبل الرجال، وعصام (محمد طعمة التميمي) / ابن البنّاء الفقير الذي أصبح ثرياً يسعى للزواج منها لتكوين أسرة وأبناء، ومنطقياً أن كليهما على مشارف العقد الخامس من عمريهما، ومن غير المنطقي أن يفكر رجل بتكوين أسرة والإنجاب بالزواج من فتاة على عتبات سن اليأس..!
٦. في هذه النقطة سيتم الحديث عن أداء بعض الممثلين مع خالص الاحترام لهم، فأداء الممثل لا يرتبط به وحده، بل يقف على عوامل عدة تتعلق ببراعة الأدوات والعناصر المحيطة به:
– يمثل عامر (محمود أبو العباس) شخصية أرستقراطية بغدادية عادت من الخارج إلى الوطن، بينما لكنة الممثل البصرية المحببة، أثارت خللاً في التعبير عن الهوية الاجتماعية للشخصية.
– جسّدت (إنعام عبد المجيد) دور بلقيس/ زوج عامر الساكنة خارج الوطن، والتي يبتعد عنها عامر هرباً من تصرفاتها، وجاء أداؤها (باهتاً) غير منسجم مع الحدث، فالنبرة الحوارية لا تدلُّ على قدرة ممثل يجيد التعبير عن الإحساس.
– غلب الأسلوب المسرحي الانفعالي على الممثلين، وقد بان ذلك جليّاً بأداء الممثل (مناضل داود) إذ عبّر عن ردود فعل مبالغ فيها أمام الكاميرا، واستعارة لكنة غير موفقة لأسلوب حديث الشخصية، فضلاً عن تقارب أدائه مع كاريزما باتت مكرورة في مسلسلات عدة.
– أجاد باسم الطيب تجسيد دور الضابط أنس، والتعبير عن القلق النفسي، والمشاعر المركبّة للشخصية.
٧. تقويم الإخراج يقود للحديث عن إدارة التصوير والمونتاج، والملاحظ في مسلسل يسكن قلبي فقراً في إدارة التصوير، فتأثيث اللقطة معتاد وبسيط، وحركة الكاميرا كلاسيكية جداً، واعتمدت المشاهد على اللقطات العامة من دون الميل لخدمة الحدث بالتقاط زوايا عدة، قريبة وبعيدة، لإتاحة الخيارات أمام المونتير، فضلاً عن غياب تقديم لقطات تتناغم مع الحدث وتعبر عن الانفعال أو الهدوء بالحركة المحسوسة، كما ظهرت لقطات أُخذت بوساطة (شاريو/ دولي) / كاميرا منقولة على سكّة، ظهرت هذه اللقطات وهي تركّز على الأثاث دون الشخصيات، بزاوية تجعل الاكسسوار حاجباً لشخصيات المشهد، في رؤية لم تكن مستحسنة في المشاهدة، أما عملية المونتاج، فقد تم التطرّق لبعض من مشاكلها في أعلاه، والقول إنه من الممكن أن تكون بعض هفوات المونتاج مبررة، خصوصاً في ظل ضيق الوقت (وهو تبرير غير سليم)، لكن ما التبرير الذي من الممكن أن يساق إذا علمنا أن العمل منتج منذ أكثر من سنة، وكان لصانعيه أن يعودوا إليه ليصقلوه بمتّسع الوقت.
٨. ما يحسب على المسلسل خلوّه من الوجوه الجديدة التي من واجب كل عمل درامي أن يبشّر بمجموعة منها، فوظيفة الدراما رفد الحركة الفنية وديمومة النبض الشاب فيها.
٩. بتحليل بسيط على مستوى الكبار والشباب وسماتهم في العمل، نجد أن معظم كبار السن في المسلسل (عاشق، معشوقة، ثري، ثرية، ناجح، مثقف، طيب، صاحب نخوة)، بينما الشباب (مأزوم نفسياً وضابط غير منضبط، مجرم، هارب، فقير وقليل الخلق).. فشكراً لهذه الصورة التي نقلتها المسلسل عن شبابنا، لهم العزاء بشخصية الملازم الأول الطيبة في العمل.
* أخيراً..
لم يدر في خلد محبي الدراما أن تكون (مبادرة لجنة دعم الدراما) هي مبادرة لتشغيل الفنانين، فالفنانون يعملون منذ زمن وضمن اشتراطات المنتجين المعروفة، لكن الهدف المرتجى، كان الوصول إلى جودة مقبولة ضمن مواصفات الشاشة العربية بأقل تقدير، لتسويق الأعمال وإعادة هيبة الدراما العراقية، فمشكلة عدم تسويق الدراما العراقية لا ترتبط بنظرية المؤامرة التي تعصب السبب في رأس القنوات والمؤسسات العربية التي اتّفقت على عدم عرض المسلسل العراقي لأسباب سياسية، هذا الطرح كان الممكن أن يصدّقه المتتبع قبل سنوات، لكن الآن، وبعد ارتفاع الوعي الفني لدى المتلقي، علينا أن نعترف، بأن تواضع الجانب الفني هو العائق أمام تسويق العمل العراقي، ففي ظل كل الهفوات الفنية التي كان على أبسط صانع عمل تلافيها، لن يكون هناك تسويق قط للعمل العراقي، والنظرية الإنتاجية تقول إن التفكير بالتسويق أولى خطوات العمل في الدراما.
وبالحديث عن مبادرة لجنة دعم الدراما العراقية، يجدر التعريج في آخر هذا الكلام عن عمل آخر صدر عن اللجنة نفسها، وهو (عائلة خارج التغطية) لعدم امكانية كتابة مقالة كاملة عنه، للأسباب التالية:
١. قصر مدته الزمنية.
٢. قصته البسيطة وغير المؤثرة.
٣. إخراجه المخبوز بعجالة لدرجة أن مشهد سقوط بطله (خليل إبراهيم) في الحمام، تم الاكتفاء بإظهار يده تنزلق على مزلاج الباب مع مؤثر صوتي فقط، ليطلَّ مكسور الساق في الحلقة الثانية.
٤. إنتاجه الرديء، إذ تدور الأحداث في بيت واحد إلا قليلاً منها، مع اكتفاء العمل بأربعة ممثلين فقط، والبقية ضيوف حلقات.
٥. تايتل المسلسل لم يجئ بمستوى مقبول أبداً.
………
المسلسلان اللذان تطرقت إليهما المقالة عُرضا بشاشة العراقية التي نشكرها على احتفائها بالمشاهد، ولعل لنا العزاء أن العملين تم إهداؤهما مجاناً للعرض في قناة العراقية، فلو عُرض المسلسلان على أية قناة لما دفعت بهما ديناراً واحداً، وقد استقبل المتابع العراقي العملين وشاهد بعضهما دعماً للمنتج الوطني العراقي، فألف شكر للمشاهد العراقي الذي يمثّل بصبره دور البطولة لكل الأعمال.
* * *

أحدث المقالات

أحدث المقالات