في التشكيلة الحكومية الجديدة سعى الدكتور حيدر العبادي الى اختيار وزراء من أهل الاختصاص والكفاءة، يتمتعون بالنزاهة وقدرة الادارة، لكن المحاصصة السياسية وتمسك الكتل البرلمانية بمرشحيها، شكل عامل اعاقة لتوجهاته، ورغم ذلك فقد استطاع ان يستبعد بعض الوزراء المعروفين بالفساد، وأن يأتي بوزراء أفضل من السابق على قدر الخيارات المتاحة أمامه.
إن أكبر التغييرات أهمية التي احدثها السيد العبادي، هو استبعاد الأخوة كربولي، فقد عرفوا بانهم من أكبر مافيات الفساد في العراق، من خلال شغلهم وزارة الصناعة التي تحولت في زمنهم الى ممول مفتوح بلا حساب لمشاريع الصفقات الفاسدة، وسرقة أموال العراق.
ومع ان هيئة النزاهة كانت خاملة في حكومة السيد المالكي، إلا ان كثرة فساد الوزير الكربولي وأخويه جعلها مضطرة الى ملاحقة فسادهم، وقد وصل الأمر الى القضاء، وصار الأخوة كربولي على بعد أمتار من الإعتقال، لكنهم استغلوا الصراعات السياسية فتخلصوا من الإعتقال بحماية خاصة من قبل المالكي.
صار الأخوة كربولي عنوان الفساد في العراق، ومضرب الأمثال على تدهور الوضع العراقي، فأذا ما أراد احدهم ان يصف حال العراق وانتشار الفساد فيه، استشهد بنموذج الكربولي، وبما يجري في وزارة الصناعة.
عندما شكل الدكتور حيدر العبادي حكومته، كان من الطبيعي أن يستبعد أفراد الأسرة الكربولية (جمال وأحمد ومحمد) من أي منصب وزاري، بحكم التاريخ السئ لهم واشتهار
فضائحهم المالية. لكنهم كانوا يسعون بقوة للحصول على وزارة الكهرباء الباب الأوسع لإفراع المال العراقي في جيوبهم، كما بذلوا نفس الجهود للحصول على وزارة الصناعة في حال فشلهم في الأولى.
غير ان السيد العبادي استبعدهم من الوزارتين، بل من اي وزارة أخرى، فهو يريد علاج الأخطاء السابقة وليس مكافأة الفاسدين بمناصب جديدة. وهذه نقطة تسجل للعبادي. مع ان رفض اناطة مناصب بمثل هذه الشخصيات ينطوي على مخاطر مستقبلية بحكم الامكانات المالية الهائلة التي سرقوها من أموال الشعب، وامكانية توظيفها لتأجير وسائل الإعلام والاعلاميين في معركة مستقبلية إنتقاماً لإستبعادهم طالما لا يواجهون الإجراءات القانونية.
هذا ما حصل بالضبط، فقد استعان الأخوة كربولي ببعض الأقلام المعروضة للبيع، لإضعاف السيد حيدر العبادي، من خلال خلق فجوات بينه وبين الشخصيات التي ساندته وتسانده. وليس هذا من نتاج تفكير الأخوة كربولي وحدهم، فهو مخطط عميق لا تصل اليه عقولهم، لكنه بالتأكيد باستشارات من عقول ذات دهاء.
لقد شخّص آل الكربولي الشخصية الأكثر دعماً ومساندة للدكتور حيدر العبادي، وهو الدكتور طارق نجم لإستهدافه شخصياً، وذلك من أجل خلق فجوة بينه وبين العبادي، وستكون هذه بداية لفجوات أخرى مصطنعة، حتى ينتهي الأمر بالسيد العبادي بعيداً عن المساندين له، وهذا ما يريده آل كربولي وغيرهم من أصحاب النوايا المغرضة.
إن ما نطالب به هو تفعيل ملفات الفساد المتعلقة بسرقات آل الكربولي في وزارة الصناعة والهلال الأحمر وغيرهما من مؤسسات. فترك الفاسدين من دون محاسبة يجعلهم يمارسون المزيد من التخريب بحق المواطن والوطن.