23 ديسمبر، 2024 4:30 م

الأخطاء والإمتلاك!!

الأخطاء والإمتلاك!!

في مسيرة صراع القوى البشرية فوق التراب , هناك عوامل أساسية تتحكم بالقدرات وترسم الآليات اللازمة للتفاعل .

ومن أهم العوامل التي مضت تؤثر في صراع القوى هو الخطأ.

فالقوة لا يمكنها أن تتسيد بسهولة على قوة أخرى تريد النماء والتطور , إلا بوقوع تلك القوة في خطأ ,

لأن أي خطأ يمنح فرصة للإستثمار فيه.

فعندما تخطأ قوة ما , تنفذ إليها القوة المتربصة بها, ذلك أن جميع القوى الأرضية تعيش في حالة تربص وترقب لبعضها البعض, وربما يبدو قد تم تهذيب هذا السلوك وفقا لقوانين وقواعد وأصول دولية , وعبر منظمة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات , لكن الواقع يشير إلى فعاليته ودوره في الصراعات.

والخطأ من أهم أسباب إمتلاك العرب من قبل الآخرين, ذلك أنهم قد أمعنوا في إرتكاب الأخطاء والحماقات على مدى القرن العشرين , مما أهلهم لكي يكونوا فريسة سهلة لأية قوة أخرى.

أخطأ العرب في ثورتهم الكبرى عام 1916 وتم إفتراسهم بشراسة , وتقطيع أوصال وجودهم ومستقبلهم وإمتلاك ثرواتهم.

وفي أوطانهم الجديدة تنامت الأخطاء على المستوى الداخلي والخارجي , حتى صارت العقلية السائدة ذات نمطية ضارة , تتحرك داخل دائرة مفرغة من الأخطاء المتراكمة , المتوالدة العاجزة عن الإصلاح والتغيير والتواصل, فتحولت إلى وجود معوَّق ومعزول عن مسيرة الحياة المعاصرة.

ومضت دولنا في أخطائها الكبرى , وتوالت الأحداث الجسيمة والمروعة الدامية المتواكبة الأخطاء والخطايا , والتي أنجبت حالة مأساوية قاسية.

وبعد هذه الدوامة الغنية باليأس والإحباط , نهض شباب الأمة يصرخون “كفى” ” الشعب يريد الحياة” “كفى” فقد بلغ السيل الزبى وأكثر.

وما عاد هناك دواء يصلح للحالة إلا الكي, فكانت الهبة الشبابية الواسعة في جميع البلدان , ومنها مَن إستطاع تحقيق بعض الأهداف , والآخر لايزال في محنة المواجهة والترويض وعدم القدرة على الإنجاز , لأن النظام قد تمسك بإرادة البقاء , ولأن الظروف العالمية تساند بقاءه وعدم مغادرته لغياب البديل المؤهل للقيام بدوره.

وما يجري تعزيز شديد للدخول في دوامة الأخطاء اللازمة للإمتلاك ومصادرة الإرادة , وتعيش معظم مجتمعاتنا التداعيات الناجمة عن ذلك.

وفي مسيرة الإستثمار في الأخطاء ترانا أمام سلسلة طويلة من القرارات والمواقف الغير صائبة والخالية من الفهم والوعي والإدراك المعاصر.

وعلة المشكلة , أن المجتمع لا يزال يركن للفردية ويعظّم الأبوية في لاوعيه وسلوكه, في زمن يكون فيه إتخاذ القرارات من إنتاج جمهرة من العقول الخبيرة العالمة الباحثة البصيرة, التي تستحضر ما تستطيعه من العناصر والأسباب والإستقراءات المستقبلية لكل خطوة , ومع هذا قد يكون في قراراتها بعض الخطأ , لكنها بتفاعلها تتداركه وتجد الحلول المناسبة له.

فالقوى الفاعلة في الأرض , عبارة عن قوة عقول متفاعلة , وفي مجتمعاتنا , القوة عبارة عن عقل فردي فاعل فينا ومصادر لعقولنا ومحارب لأفكارنا.

وفي هذا تكمن المأساة , وتتجسد حكاية إمتلاكنا من قبل الآخرين, ومصادرة الإرادة والسقوط في مستنقعات العجز والهوان.

والخلاصة أن أية قوة تنمّي قدراتها بالإستثمار في أخطاء القوة الأخرى.

وكلما إزدادت أخطاء الشعوب تفقد الكثير من حريتها وثرواتها. وتلك قوانين الحياة وعقيدة الصراع.

فهل سنتعلم أن لا نخطأ ونعترف بالخطأ إذا أخطأنا لكي نتمكن من إصلاحه؟!!