22 نوفمبر، 2024 10:59 م
Search
Close this search box.

الأخطاء السياسية .. تصادر الذاكرة

الأخطاء السياسية .. تصادر الذاكرة

هو شارع في بلدة روسية ، ابان الحقبة السوفيتية ، تعرض الى تغييرات مستمرة في تسميته ، تبعاً لصعود أو أفول نجم صاحب الاسم . وازاء ذلك ، إقترح مُتابع أن يُسمى الشارع بأسم : (شارع الاخطاء السياسية) .
    هذه المعلومة ، وهي مؤكدة إلى حدًّ ما ، تشجع الداعين إلى إبتعاد التسميات عن السياسة ، وان تعتمد الجغرافيا أساساً ، لأنها ذات دلالة واضحة وثابتة .
    وأتذكر : عام 1983 ، عُقدتْ بأمانة بغداد ، ندوةٌ ناقشت موضوع التسميات في العاصمة بغداد ، وتصدر الحضور فيها ، نائب رئيس الوزراء آنذاك طارق عزيز . كنتُ ممن حضر الندوة . والاتجاه الابرز الذي تبلور فيها ، هو اعتماد الجغرافية والاحداث التاريخية أساساً في التسميات .
التعسف والمبالغة
    ذلكم هو الاتجاه الصحيح والعقلاني . ولكن ، في أحيان كثيرة ، هناك مبالغة ، تؤدي الى التعسف والافتعال ، في إطلاق التسميات . والأمثلة عديدة . لانريد الاتيان عليها ، ولكني أتناول مثلاُ واحداً ، هو التالي :
    في أحد أحياء بغداد (مدينة الشعلة) ، هناك شارع ثانوي ،  حمل اسم (شارع زكي مبارك) ، وهو تربوي مصري حل في بغداد     عام 1937 ، لتدريس الأدب العربي بدار المعلمين العالية (كلية التربية حالياً) ، في الوقت الذي لا يوجد شارع في بغداد يحمل اسم العالم الفيزيائي العراقي الكبير : الدكتور عبد الجبار عبد الله .
    المهم في التسمية : الدلالة أولاً والتخليد ثانياً . فأن تقول : مدرسة الطليعة الابتدائية ، أين تقع ؟ في مندلي ، بالجبايش ، في سنجار ؟ أين ؟ ولكن حين نقول : مدرسة اﻠگريعات ، أو مدرسة رأس القرية ، فان هناك دلالة جفرافية محددة .
الملك وجواده وساحته
    هذه الاستطرادات ، حَرَّكها مقالي (عمودي) الذي نشر بجريدة الزمان يوم (8/10/2013) ، تحت عنوان : رفقاً بالمليك . في عمودي المشار اليه ، ذكرتُ : هناك مُفارقة مزعجة ، الساحة تحمل اسم (جمال عبد الناصر) ، بينما التمثال للملك فيصل الاول . ولقد تم (تقزيم) التمثال ، بينما صاحبه عملاق . وعبر بريدي الالكتروني ، جاءتني رسالة من المهندس سلام ناصر ، زميلي في العمل سابقاً بأمانة بغداد ، وعززها بخريطة ملتقطة حديثاً ، توضح أن الشارع القادم من ساحة المتحف باتجاه الاحرار ، لازال يحمل اسم (شارع ناصر) ، والمقصود : عبد الناصر . أمّا الساحة فتحمل اسم : ساحة الملك فيصل الاول . ولكن الاعتبارات السياسية حولتْ التسمية من (ساحة فيصل الاول) الى (ساحة جمال) ، وذات الاعتبارات ، أعادتْها ، مجدداً ، الى (ساحة فيصل   الاول) .
إن الاماكن (محلة ، شارع ، ساحة ..) ، ذاكرة وجغرافيا ، لذلك من المفضل استقرار اسمائها ، وهنا نقترح على الجهات ذات العلاقة ، وفي المقدمة منها لجنة التسميات في مجلس الوزراء ، وأمانة بغداد ، إطلاق اسم (مجسر وتقاطع فيصل الاول) على الساحة حيث التمثال والمجسر .
قواعد التماثيل
    الواقع العياني الآن ، هو التالي : مجسر ضخم ، وساحة صغيرة وتمثال أصغر . فكيف الحل ؟ برسالته يقدم المهندس سلام ناصر ، حلاً فنياً وهندسياً . خلاصتُهُ : (تعلية التمثال ، ووضعه على قاعدة  كونكريتية ، وبتصميم معماري ملائم) . ومن جانبنا نؤيد هذا المقترح .
    وأتذكر : في سبعينات القرن الماضي ، عُقدتْ ندوة لمناقشة موضوع (التماثيل) في بغداد . وكان أبرز الحاضرين ، بعد نائب الرئيس العراقي ، هو النحات خالد الرحال . وكان أهم وأجرأ المتحدثين . ففي تلك الندوة علا صوتُه ، وهو يقول : علة التماثيل في العراق هو قواعدها . القواعد لاتلائم التماثيل فنياً وهندسياً .
    واليوم تتأكد صحة ما أشار اليه الفنان الرحال . ومجدداً نقول : إرفعوا الحصار عن الملك الهاشمي .

أحدث المقالات