عندما يختلف افراد العائلة الواحدة الى ابعد مدى ويظهرون الجفوة في خلافهم فهذا وارد في الطباع البشرية ، و لكن حين يدخل بينهم الغريب الشامت -ليخرب- يردونه وهذا اسمه (شرف العائلة).
و عندما يتناحر اعمام العشيرة ويظهرون القسوة في تناحرهم فهذا جار في الاحداث الانسانية ، ولكن حين يستغل ذلك المتربص -ليساند بعضهم ضد بعض- يصدونه، وهذا يسمى (نخوة الدم).
وكذلك ابناء الوطن الواحد يتصارعون احيانا ولكن عند التهديد الخارجي يتكاتفون ويكون صراعهم لعدوهم ، وهذا هو (فداء الوطن) .
و الاسلام امة واحدة والمسلمون كالجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ، فاذا تنافر او حتى تحارب المسلمون بينهم وبغت فئة على اخرى -وقاتلنا التي تبغي حتى تفيء الى امر الله- فانه وعند الهجوم التهديمي التفريقي من المتربصين في خارج هذه الامة يتوحد المسلمون ويكونون يدا على المريدين باي طرف من هذه الامة شرا مهما اختلفنا معه ، وهذا يسمى (الولاء للمسلمين)
اينما كانوا و البراء ممن عاداهم ايا كانوا .
كثيرا ولسنوات تحدثنا وناصرنا العرب -بأطيافهم ودياناتهم- لاجل العروبة دون تفريق ، ودون النظر لشرور او فساد حاكميهم . و ساندنا المسلمين من العرب وغيرهم لاجل الاسلام ودون تفريق ، وذلك عندما مروا ويمرون بالمحن الحارجية المبيتة او الكوارث المقدرة ولم نلتفت الى خلافنا معهم . وهذا اسمه (شرف الخصومة) .
وظلت تركيا بمسلميها وبشعارها الاسلامي -اتفقنا ام اختلفنا- قوية تعطف ولايعطف عليها و تتجبر و تطغى ولايطغى عليها ، تتقدم باسرع من الجميع وبفارق لايلحق ، فلم تعجب المتربصين الغربيين نهضتها ولا خلاف لهم معها – الا شعار الاسلام- حتى وان لم يكن لها من الاسلام الا الشعار ، والحق وبعين الانصاف فان لها من الاسلام اكثر من الشعار بكثير ، فتركيا اليوم تربي اجيالا على الاسلام و تخرج اطفالا حفظة للقران وتعيد مراكزا اسلامية دفنتها العلمانية الشرسة الدخيلة ، وتصحح مناهج المدارس لصالح الاسلام وتفتح جامعات للدين وللحرف العربي المحارب لقرن بتخطيط غربي .
واضطر كثير من قادة الغرب المسخرين من حكومته العميقة ان يصرح دون كتمان ان “تركيا باسلامها اصبحت خطرا على العالم المعادي” و بدأت المحاولات المعروفة من كل اتجاه لتحطيمها كما حطمت مصر وحطم العراق و حطمت الشام و الجزائر وفلسطين ،،و كل تجربة اسلامية ناهضة حتى وان لم تتسم باسم الاسلام ، فأحد الجانبين يكفي للمعاداة (ان تكون مسلما او ان تعمل بشعار الاسلام) البعيد عن الخرافات والباطنية.
فكانت تركيا في العقدين الاخيرين هدفا للتخريب الاقتصادي و العسكري والمحاصرة و العقوبات ثم محاولة الاغتيال ثم محاولة الانقلاب بتدبير غربي وتمويل عربي. ولكنها صمدت وصدمت الجميع بنهضة وصناعة وعمران مذهلين ، لاندري كيف! ونجوا لاندري لماذا ! ربما هي ارادة الله لأمر استثنائي سيجري في العالم ، او لربما هي ضربة حظ و سوف تصمد او تزول .
و اخيرا ولما عجزوا عن كل شيء توجهوا لحرق غاباتها واحراشها و ماحباها به الله من جمال الطبيعة ومصادر الدخل السياحي الذي استثمره المصلحون السياسيون فيها احسن استثمار.
لكن تركيا ستنجح في تجاوز ذلك ، بل نجحت بامكاناتها الذاتية ورفضت مساعدات بالاطفاء من دول بعينها ، بل عرضت المساعدة على شقيقتها لبنان في نفس الوقت ولنفس الامر. فراح الحالمون المرضى الممولون من العدو يروجون ان تركيا تنهار و انها بحاجة الى تدخل دولي للمساعدة بعد ان اغاضهم ان بلدا مسلما ينهض ويساعد بلدان العالم بضمنها الاوربية في كل حدث و كارثة او حاجة من اللاجئين الى سفن فلسطين الى الدول التي انهارت بسبب المرض المنتشر.
و ما يدهش ان المسلمين بعضهم يشمت و يدعو بالثبور على فرقة مسلمة وشعب يخدم الدين ما استطاع رغم مصارعته لعلمانية الداخل و شيطانية الخارج. متناسين ان “كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه”.
تركيا ستتجاوز الظرف البسيط هذا صدقوني وستبقى المواقف ،
ولكن شرف الخصومة والولاء للدين والبراء من اعدائه يوجب الدعم او في الاقل الدعاء بالخير ،و يحتم ان لايحكم على شعب بملايينه وشرفائه واوليائه وصلحائه بحكم عصبة حاكمة او اشخاص يحكمون مهما اختلفنا معهم ، وهذا نفعله متسامحين مع كل شعب من اخواننا المسلمين حتى وان كان حكامهم شياطين عملاء ملعونين مكشوفين ، بل ونفعل ذلك حتى مع شعوب نختلف معها في الدين ، ادعاء للتحضر والتسامح والانسانية و الشرف،
فما الذي جعل التحضر ينسلخ مع قضية تركيا؟ و مالذي جعل الانسانية تنحسر تجاههم؟ و في التعامل مع الاتراك المسلمين ، أين اختفى الشرف؟!