18 ديسمبر، 2024 9:15 م

الأحلاف العسكرية و شبح الحروب والعراق

الأحلاف العسكرية و شبح الحروب والعراق

في خضم الحرب السورية الداخلية وجدت الأطراف التي اشتركت في تلك الحرب ان كانت الى جانب الحكومة السورية و كذلك تلك التي تقف و تدعم قوات المعارضة السورية المسلحة وجدت نفسها في تحالف غريب و غير معلن لكنه واضح المعالم و الأهداف و هكذا وجدت ايران و التي تقف بقوة و صلابة الى جانب الحكومة السورية و هي تدخل في حلف مع تركيا التي تدعم و تساند قوى المعارضة السورية المسلحة و قد وجد هذا التحالف الغير معلن الدعم و الأسناد من الطرف الروسي و الذي كان لتدخله العسكري المباشر في الحرب السورية الأثر البالغ في تحويل مسار تلك الحرب الى صالح قوات الحكومة السورية و التي استطاعت الحاق الهزيمة الساحقة بقوات المعارضة المسلحة المدعومة من قبل تركيا و هنا يمكن القول ان تحالفآ ثلاثي الأضلاع قد تشكل .

في مقابل هذا الحلف او التحالف المؤقت او الدائم كانت السعودية و مصر قد دخلتا في علاقات وثيقة و وشيجة و تقترب من اعلان الحلف و الذي تقف خلفه و تدعمه بقوة امريكا و الذي يهدف الى الحد من التوسع الأيراني و ايقاف تمدده و الذي ادى الى الكثير من المشاكل و القلاقل في دول المنطقة فكان هذا الحلف الجديد يقف بالمرصاد للتحركات الأيرانية في اليمن و التي وقف الحلف السعودي المصري الى جانب الحكومة اليمنية المعترف بها و مدتها بكل انواع الدعم و المساعدة في حين وقفت ايران الى جانب الحوثيين ( المعارضة المسلحة لنظام الحكم في اليمن ) و كذلك مدت ايران الحوثيين بكل اسباب البقاء و الصمود و القتال و قد كان الأمر اكثر وضوحآ في ليبيا حين وقفت مصر و معها السعودية مع القوات التي يقودها الجنرال الليبي ( حفتر ) في مقابل دعم تركيا و قطر لقوات حكومة الوفاق الليبية الجناح الليبي المناهض .

كان الموقع الجغرافي المميز الذي يقع فيه العراق هو المشكلة الكبيرة اذ يحيط به و من جميع الجهات الأحلاف المختلفة الأتجاهات و المسارات فكان على الدوام قديمآ و حديثآ الممر المهم و الحيوي للجيوش تلك التي تعبر اراضيه متجهة الى ملاقاة العدو و كان العراق دائمآ محط انظار و اطماع القوى المتصارعة كونه نقطة اسناد و دعم و تموين و لم يزل كذلك و هو يقع ضمن كماشة تلك الأحلاف المتصارعة و التي تحيط به من كل الجهات و عليه ان اراد النأي و الأبتعاد عن الأنخراط في تلك التحالفات ان يرضي جميع الأطراف المتنافسة و ان يمسك بالعصا من المنتصف و ان يحافظ على التوازن الدقيق في الوقوف على الحبل المشدود بقوة .

هناك بعض القوى الطائشة او المتحمسة اكثرمن المطلوب و التي لم تستوعب دروس الحروب القاسية جيدآ و هي تسعى الى ( توريط ) العراق البلد و الشعب في الأنخراط و الأنضمام مجددآ في تشكيلات حلف عسكري يكن العداء و يكمن البغضاء الى الحلف المقابل و كان لدول تلك الأحلاف طابورها الخامس الذي يعمل بجد و اخلاص من اجل مصالح الدول التي ينتمي اليها فكريآ و عقائديآ و التي هي بالضرورة ليست وطنه ( الأم ) انما هي بلدان اجنبية يأتمر بأوامرها و ينفذ تعليمات قادتها و ان كانت على الضد من مصلحة الوطن و هؤلاء من الممكن جدآ ان يشعلوا فتيل النار و يهاجموا القواعد العسكرية الأمريكية في العراق بالنيابة و بالوكالة عن صاحبة الشأن في الأزمة الحالية ( ايران ) .

اين مصلحة العراق و شعب العراق من الهجوم الصاروخي الذي انطلق من الأراضي العراقية و ضرب أنابيب النفط في السعودية و ان ادعى ( الحوثيون ) المسؤولية عن ذلك الهجوم في تمثيلية ساذجة و سمجة و هل يجرؤ احد من قادة تلك الميليشيات ان يصرح علنآ في انهم يريدون توريط العراق في هذه الحرب ان وقعت دفاعآ عن ايران حتى و ان ادت تلك الحرب المحتملة الى الحاق الأذى و الدماربالعراق الذي ما كان ليخرج من حرب الا ليدخل في اخرى حتى صار من اكثر الدول و الشعوب في العالم ابتلاءآ بالحروب الطويلة و المتعددة و التي انهكت اقتصاده و دمرت نسيجه الأجتماعي و مزقت وحدته الوطنية التي تشظت الى كيانات و كانتونات عرقية و مذهبية .

في هذه المرحلة الدقيقة و الحساسة و في خضم تشكل ألأحلاف و التكتلات العسكرية فأن من مصلحة العراق ان يبقى بعيدآ قدر الأمكان من تلك النزاعات و الصراعات المحتملة و هذا يتطلب وجود حكومة قوية يديرها سياسيون محنكون متمكنون من الصنعة و هذا ما ينقص الحكومة العراقية الحالية و التي يرأسها رئيس وزراء ضعيف و متردد لم يف بأي وعد من تلك الوعود و طاقم وزاري غير منسجم اتت به الأحزاب الطائفية الحاكمة و المهيمنة على المشهد السياسي العراقي و المتهمة اصلآ بالموالاة و الأنصياع لقرارات و تعليمات ( ايران ) و الحال هذا فأن التخلص من الورطة التي سوف يقع بها الشعب العراقي و التي يدفع بها اعوان و عملاء المخابرات الأجنبية سوف تكون صعبة لكنها ليست مستحيلة و بتواجد حكومة قوية و متماسكة فقط بأستطاعتها حماية الدولة من الأنهيار ومنعها من الأنزلاق في هاوية الأحلاف و التكتلات العسكرية اما الحكومة الهشة الحالية و التي لا حول لها و لا قوة فأنها سوف تسير بالعراق و بالشعب العراقي نحو الكارثة المحتومة و المشؤومة .