23 ديسمبر، 2024 12:29 م

الأحزاب تأمر… وعبدالمهدي ينفّذ!

الأحزاب تأمر… وعبدالمهدي ينفّذ!

عندما يُطَالَب عادل عبدالمهدي بالتعامل الحازم القوي الشجاع، وتشكيل حكومية بأريحية، وتقول القوى السياسية أن نجاح الحكومة يكون بإطلاق يده وحريته بإختيار وزراءه، نتوقع من كلامهم أنه سيجلس على كرسي وحوله كبار القادة، من مختلف الطوائف مؤيدين لكل خطوة سواء إختلفوا أو إتفقوا، أخذوا إستحقاقهم الإنتخابي او لم يأخذوا، ويكون سيد نفسه وأطروحاته.

ما حصل أنه صار كأسير للأحزاب والطامعين بالسلطة ومنظومة الفساد والمآرب الداخلية والخارجية، وسيكون عبدالمهدي شخصاً لا يشبه عادل عبدالمهدي ورجل غير سيد لنفسه.

عبدالمهدي الذي نقل مكتبه من المنطقة الخضراء الى العلاوي، الى الآن لم يُطالب الوزراء والنواب السابقين ونواب رئيس الجمهورية وغيرهم، بمغادرة الخضراء أو إخلاء قصور بأسماء حكومية كانت لمناصب سابقة.
لا يُحسَد رئيس مجلس الوزراء على موقعه، ولا يجرأ أحد غيره التصدي للموقع، بعد خسارة لا يستطيع العراق تعويضها بسهولة، على مدى 14 عام، عندما فرقت المصالح الحزبية، بين رفقاء السياسة وفرقاء المطامع المتضاربة، خسر ثروات وطاقات وشباب وموازنات، وأنتشر الفساد والإرهاب وعالم المقاولات، وغادر العراق التاريخ والتصنيفات الدولية في الأمن والنظافة وجواز السفر والرخاء، وخسر على يد من تقاسموا الثروة والقرار، من لا تعنيهم الدولة الى أين ستذهب.

تشاؤم بعض العراقيين في عدم إكتمال حكومة عادل عبدالمهدي، وأتهم بعض وزراءه بملفات، نتيجة إعتماده على ترشيحات القوى السياسية، لكن ذلك لم يمنع المتفائلين، وهم لا ينكرون وجود عراقيل لإضعاف الحكومة وإفشالها لحسابات سياسية، وتقاسمت القوى السياسية التفاؤل والتشاؤم، وصاروا يسردون القصص الدافعة أو المعرقلة لعمل الحكومة، وكلا الطرفين على دراية بوجود جمهور ينتظر نتائج فض إشتباك معركة الصراع السياسي، وعلى أمل أن يجد بصيصا لأمل في صحراء العقل السياسي، ويرى جرافات الحكومة تتجه لإقتلاع الفساد من جذوره، وعلى الأقل في الأمد القريب ردم منابع تغذيته.

فيما ينتظر المتشاؤمون تحريك أغلبية الشعب ضد الحكومة، سيما وأن الجماهير فاقدة للثقة، ووصلت في أوقات الى درجات الإنفعال، نتيجة تقصير المسؤولين، وعدم صيانتهم للدستور والقوانين التي تحفظ كرامة مواطن؛ كابد مشكلات الأمن والإقتصاد وسوء الإدارة، وهناك عمل فعلي لمؤازة التشاؤم من متضرري ردم الفساد، والمتعلقين بأجنحة صقور قادة الأحزاب، الّذين جعلوا من كل نعمة في العراق فريسة وهريسة.

يبدو أن عمل الحكومة عسير لكنها تراهن على المتفائلين، وتسكب جمهورهم المترجي النجاح، فيما تواصل القوى بفريقيها المتشائم والمتفائل، أولها داعم لقناعة أن لا نجاح للعراق والعملية السياسية، إلاّ بنجاح هذه الحكومة، أو أنه ملزم بإنجاحا لأنه سام بشكل كبير بتشكيلها وكي يكون شريك بنجاحها، أم من لم تجد موطأ قدم، أو تتوقع الفشل أو تراهن على الفوضى والفساد، وسبيلها المكاسب، فأنها ستعود لأساليب الضغط والتلويح بسحب الثقة، وكلا الفريقين يخاطب جمهور يتمنى نزر يسير من الخدمة، ويأمل الفريقين أن يكون جمهوره أكثر تأثيراً من الآخر.

إستغل الفريقان عدم وجود كتلة برلمانية ينتمي لها رئيس مجلس الوزراء، وسيجعلاه تحت مرمى أهدافهما الحزبية، إلاّ منهم من تنمى النجاح لمشروع دولة دون حسابات حزبية، وسيتخدمان الشعارات لتحقيق مألات سلبية سواء بالنجاح أو الفشل، وسيجعل الحكومة تحت مطرقة الأهداف الحزبية، وفرض شخصيات في مفاصل آخرى من الدولة بعيد عن أمنيات الجماهير، ولن يكون رئيس الوزراء في هذا الحال سيد نفسه، وعبدالمهدي لن يكون هو عادل عبدالمهدي صاحب الأطروحات البناءة للدولة، ولا الأحزاب هي أحزاب كما متعارف في النظم الديموقراطية لتحقيق مطالب جماهيرها إذا كانت الأحزاب تأمر وعبدالمهدي ينفذ.