بالرغم من خروج الجموع الغفيرة من أبناء الشعب العراقي في العاصمة بغداد وبقية المحافظات الوسطى والجنوبية للمطالبة باجراء اصلاح حقيقي على العملية السياسية وما رافقها من فساد وفشل ذريع الاّ أن الأحزاب الكردية لا تعير أي اهتمام لهذا الصوت الهادر الذي زعزع القوى السياسية وأقلق مضاجعها . كما أنها لا تهتم بالدماء التي سالت وبالأرواح التي زهقت بقدر اهتمامها بمصالحها الشخصية ومكاسبها الكثيرة . والغريب في الأمر أن تلك الأحزاب الكردية تتحدث عن ضمان حقوق الشعب الكردي وهي تعلم علم اليقين أن الشعب الكردي حاله حال جميع العراقيين الذين عانوا ما عانوه منذ ستة عشر عاما ، وهم يعيشون كما يعيش أخوتهم في الوسط والجنوب . ولكن غطرسة الأحزاب الكردية وعلى رأسها حزب مسعود البارزاني لا يروق لها أي تغيير سياسي ربما يعصف بامتيازاتها التي تجاوزت حدود المنطق المقبول . وكيف سترضخ تلك الأحزاب لمطالب الشعب العراقي بعد أن تعودت منذ سقوط النظام البائد ولحد الأن على احتكار جميع خيرات المنطقة الشمالية بما فيها النفط ومشاركة العراقيين بنفط البصرة وميسان ؟ وهل ستقبل بتحقيق العدالة المنشودة لتوزيع ثروات البلد بمنتهى الانصاف ؟ أرى أن الجواب واضحا وضوح الشمس عن طريق التصريحات الأخيرة لمسعود البارزاني والبعض من أصحاب الأبواق المزعجة ، حيث أعلنوا صراحة أنهم ضد اجراء أي تعديل للدستور أو للعملية السياسية . وهذا يعني أنهم سيقفون وقوف الضد من مطالب العراقيين ، وسيكون وجودهم أكبر حجر عثرة في طريق التغيير . ومن هنا ستظهر على الساحة المشتعلة الملتهبة مشكلة أخرى ليس من السهل حلها أو استيعابها استيعابا مقبولا خصوصا اذا ما علمنا أن بعض الدول مثل أمريكا واسرائيل تدعم اقليم كردستان دعما غير محدود ، وربما تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أن اقليم كردستان هو اسرائيل الثانية في جسد الأمة العربية والاسلامية . وأعتقد أن تحقيق الاصلاح السياسي والاقتصادي سوف يتأزم ويصبح مثل القنبلة الموقوتة التي ان تفجرت لا نعرف ماذا سيحدث لهذا البلد الجريح .