21 مايو، 2024 12:24 م
Search
Close this search box.

الأحزاب السياسية تتخلى عن مبادئها – الأحزاب الشيعية أنموذجاً

Facebook
Twitter
LinkedIn

لا أريد التحدث عن الأحزاب الإسلامية السنية أو السلفية أو غيرهما لأنني لا انتمي إليهما في المعتقد والمذهب وبالتالي فانا لا اركن إليهما ولا أعول عليهما في الحل الجذري لنظام الأمة.
ولا أُريد بكلامي هذا الدعوة إلى الأحزاب العلمانية أو الشيوعية لأنها لا تقل خطرنا عن الأحزاب السلفية فهي تحمل من التكبر والاستبداد ما يفوق الحركات المتشددة والقمعية وخير دليل على ذلك ما حصل في فرسنا من منع وخلع للحجاب،و غيرها من النظم العلمانية.
وإنما أخصصت الأحزاب الشيعية بالذات لأنني انتمي لهذا المذهب المبارك الذي نعتقد بأنه هو مذهب الحق وهو الطريق الموصل لبر الأمان وهو الذي يستطيع إن يقود البشرية في النظام العالمي المرتقب لدى الأمة إلى حقيقة العدل ومنع الجور والظلم بكل أشكاله وألوانه.
ولئن هذه الأحزاب تنتمي  إلى أعظم شخص عرفه التأريخ الإسلامي بعد الرسول الأكرم محمد (ص) ألا وهو علي بن أبي طالب(ع) الذي أستطاع إن يوفر للأمة ما تحتاجه من العيش السوي والعدالة وحرية الرأي والمعتقد، وكانت حكومته تمثل الأنموذج الأكمل على مسار التأريخ الإسلامي التي أعطت الحرية للآخر لكي يتنفس بها برئت مفتوحة كما هو الحال مع ابن الكواء عندما كان يقول لعلي وهو في مسجد الكوفة لئن أشركت ليحبطن عملك، أي كان يقف ابن الكواء بجهة المعارضة الصريحة العلي وأمام شخصه المبارك وعلي يقول له ما دام الناس منك بأمان فلا حاجة لنا بعقابك ولم يواجهه بالقمع أو السجن ، لئن المرتكز الأساسي في حرية المعارضة أن تكون فقط في الرأي وأما إذا تعرضت إلى السلم الأهلي وإفشاء الفساد والرعب في المجتمع فعند إذن يجب التصدي لها لأنها تصبح عند إذن جهات فساد وإرهاب وتخريب في المجتمع ومن واجب الحكومة التصدي لها.
ولو رجعنا إلى الوراء وسألنا أنفسنا عن الداعي لتأسيس الأحزاب الإسلامية الشيعة ومتى بدأت الحركة السياسية لدى الشيعة، فنقول إن أول تشكيل حزبي شيعي في العراق كان في سنة 1959م تحت مسمى حزب الدعوة الإسلامية والذي تم تأسيسه من قبل أعلى سلطة دينية شيعية في العراق وهي المرجعية الدينية وكانت القيادة المؤسسة والمشرفة عليه من كبار علماء الشيعة في النجف آنذاك، والذي جاء التشكيل نتيجة تأثر الجماهير في الحركات العلمانية والشيوعية وابتعاد الناس عن المؤسسة الدينية مما ولد الخوف من تأثر الجماهير بتلك الحركات وبالتالي سوف تبتعد عن دينها القيم.
فعمدت الهيئة المشرفة على الحزب بوضع النظام الداخلي وتأسيس فروع وأمناء وما إلى ذلك من الجهات التنظيمية للحزب، وبعدها أصبح الحزب المذكور هو الجهة السياسية الدينية للطائفة الشيعية في العراق.
وكان يُنظر إليه على انه لو أتيحت له الفرصة في حكم العراق لعمل بعدل علي وأخلاقه وكرمه، ولسعى لتطبيق أحكام الله عز وجل في أرضه ولقام يعمل في المجتمع بالأسوة الحسنة من معونة الفقراء والأيتام ومساعدة العوائل الفقيرة وبناء البُنى التحتية للدولة ولعاش الكل في آمان واطمئنان وسعادة، تحت مقولة إما اخو لك في الدين أو نضير لك في الخلق، وهي الدولة الكريمة التي يحلمُ بها الصالون، بما تمتلكه من قوة دينية متمثلة بدعم المرجعية الدينية العليا آنذاك ومن العلماء الذين يترأسونه.
وسرعان ما بدأ التحول يدب في شرايين هذه المؤسسة نحو الأسوأ بسبب العامل الرئيسي الذي يقود الكل نحو الهلاك، وهو عدم التربية الدينية الصالحة وعدم السيطرة على شهوة النفس وقيادتها نحو الخير مما أنتج لدى هذه المؤسسة السياسية الخلاف الواضح لدى بعض أعضائه من خلال التكبر والاستعلاء على الآخرين، فبدأت القيادات العلمائية والدينية بالانسحاب منه وبدأت الكثير من الخلافات تحصل به وهو في العراق وفي أيام المهجر فحدث ولا حرج فقد حصل الانشقاق والتشضي يبدو واضحا من خلال التشكيلات السياسية الأخرى أمثال المجلس الأعلى للثورة الإسلامي ومنظمة العمل الإسلامي وحركة والوفاق الإسلامي وغريها من الحركات والتجمعات الشيعية الدينية السياسية، وبدأ واضحا عليهم التحزب والتكتل لصالح تجمعهم أو حزبهم وكلاً بدأ يكيل للآخر التهم والعمالة والخيانة ضد الطائفة الشيعية، وكلاً يحاول ان يصنع من حزبه بطل الانتفاضة والمقاومة وهو الوحيد القادر على تطبيق الشريعة الإسلامية وإنصاف الآخرين وحماية الطائفة الشيعية من الدكتاتور الظالم ويحاول أيضاً إن يزين ساحته وحزبه من التهم الموجه إليه من قبل التنظيمات الشيعية الأخرى، ولمن يكتفوا بذلك فقط بل حاولوا التسلق على جهود أبناء الداخل من العراقيين الشرفاء الذين استطاعوا إن يقاموا النظام الظالم بما أوتوا من قوة وإمكانيات بسيطة،  وكحلاً بدأ يتبجح بأن العمليات التي تدار في العراق هي من صنع حزبه او بتمويل منه او بأشرافه، ورفع ذلك النشاط إلى الدول التي كانت ترعاهم وتحميهم وتقوم بتمويلهم.                   
وفي المقابل أيضاً تقوم تلك الجهات السياسية بتشويه سمعت أبناء الداخل والحكم على كل من هو داخل العراق إما بعثي مُنظم تحت سلطة الدولة أو موالي لنظام البعث، وبالتالي لا تستطيع أي جهة التعامل معهم لحل أزمة العراق وهم غير قادرين على إدارة أنفسهم فضلاً عن إدارة الدولة. كل ذلك وأكثر يحصل داخل تلك الأحزاب والتنظيمات وأهل الداخل في غفلة من ذلك بل البعض يعتبر أهل المهجر هم أهل الصلاح والفلاح ولو أتيحت لهم الفرصة في إن يحكموا العراق لعاش أهله بسلام وأمان. وما إن مكن الله لهم ذلك حتى رأى الناس منهم العجب العجاب هم ومن قام بتشكيل نفسه في داخل العراق بعد زوال النظام البائد، إلا القلة القليلة الذين استطاعوا إن يحافظوا على دينهم وسلوكهم وهم تحت هذه التجمعات الحزبية. فنجد إن تلك الأحزاب حاولوا فقط ان يركزوا على كل ما فيه مصلحة ومنفه لحزبهم وجهتم وما يدر عليهم من خيرات في مصالحهم الحزبية مع شديد الأسف وما يُسجل على تلك الأحزاب والتنظيمات والتيارات الإسلامية الشيعة مع الاختصار الشديد ما يلي:         
1- عدم وضوح القيادة الدينية للمؤسسة السياسية وما هي تلك المرجعة التي يتبعا الحزب في مواقفه وتصريحاته وأحكامه حتى لا يقع في الباطل ولا ينجر الى ظلم الآخرين او الوقوف في وجهة دينيه ومعتقده من حيث يشعر او لا يشعر.
2- التقاعس عن أداء دورهم الديني وإهمال القضية الدينية التي كانوا يتبجحون بها ويوهمون الناس بأنهم هم المدافعين عنها.
3- إهمال القوانين الشرعية التي يفسح لهم الدستور في تشريعها وتطبيقها وخير دليل على ذلك وقوفهم بوجه قانوني الأحول الشخصية الجعفري والقضاء الشرعي الجعفري والركون إلى تسويف تلك الأحكام الإلهية.
4- استخدام الدين فقط للدعاية الانتخابية وتحريض الناخبين بشكل طائفي على اختيار المرشح ودعم كتلهم السياسية.
5- تضليل الآخرين وتسفيه عقولهم لأجل الحصول على مكاسب سياسية فقط ويدعون أمام البسطاء بأنهم مازالوا يدافعون عنهم ولولاهم لما استطاعوا إن يقوموا بتأدية شعائرهم الدينية.
6- الاقتصار في المنافع والمكاسب التي يحصلون عليها باسم التشيع على حزبهم او تنظيمهم  فقط ولا يحصل الشيعي على أبسط شيء سوى الفُتات من بقايا ما يتركون لنا.
7- عدم السعي الجاد في قضاء حوائج الآخرين والتغافل عن قضاء حاجة المحتاجين وجعل الحواجز فيما بين المسؤول والمواطن وقطع جهات الاتصال مع الناس وغلق الهواتف في وجه الفقراء هي الصفة البارزة لدى المسوؤلين ولا يفكرون في المجتمع إلا في وقت الانتخابات ويبقى الشعب هو البقرة الحلوب التي يرتوون منها كلما شعروا بالعطش وأحسوا بالجوع، وأما المبادئ السامية والقيم والمثل العليا تجدها فقط في الجهة التنظيرية للحزب لا غير. 

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب