الأحزاب الدينية العربية طرحت مشاريعها الفكرية والعقائدية في شؤون الحكم بعيدا عن الثوابت والمبادئ الإسلامية, ومارست إدارة السلطة على ضوء هذه الأرضية الخاوية من قيم الدين او المذهب , ومنها مَن ذهب في نهجه الى حيث خلط جميع الأوراق وراح يتلاعب بمشاعر المؤمنين حسبما تقتضي الأجندات المفروضة عليه بأملاءات خارجية تقطعها عن صلب الإيمان فضاءات لا تحدها حدود, مما نجم عنه تقديم أبشع الصور والمفاهيم للدين الحنيف. وقد خاضت هذه التجربة المريرة على الشعب وأثبتت فشلها بالرغم من كل المحاولات اليائسة في التضليل , إلا ان منظار الجماهير كان واسعا وأكثر دقة وتشخيصا وتقييما لحال هو محال أصلا انطلاقا من الرغبة الجامحة للشعوب الإسلامية بعدم رغبتها بزج الدين في السياسة , ورفضها القاطع للدجل الذي يسيء للرسالة الإلهية المبجلة. ان تلك التيارات التي تفرض نفسها وفكرها اللاديني على المؤمنين قد عجزت تماما من إقناع حتى البسطاء بأن مشروعها السياسي له مبررات دينية . فالأحزاب الدينية العراقية التي جاءت تهرول مع الاحتلال سقطت منذ اللحظة الأولى لتعاونها مع هكذا جهات غازية مستعمرة وقاهرة للشعب. كيف يعقل ان يكون الدين متآمرا ومتواطئا وخاضعا وخانعا للأجنبي الذي جاء من اجل نهب الثروات القومية ووضع يده على مقدرات هذا البلد الى آجال غير محددة؟ وهل الشرع يجيز القتل والتهجير القسري وسرقة المال العام ,,,؟ نراهم اليوم يعملون على تجزئة تلك الأحزاب لإغراض الخداع الى أجزاء عدة حتى يتمكنوا من خوض الانتخابات , بعد ان فشلوا في تقديم المصلحة الواجبة وعجزوا عن درء المفسدة. ولهذا عملوا خيرا فقد ايقضوا صحوة الضمير لدى أبناء العشائر في عموم العراق الذين باتوا يشكلون الرقم الصعب للمعادلة العراقية , وراحوا يفكرون مليا بالابتعاد عن هذه الأحزاب الفاسدة والغريبة في أطوارها وأطروحاتها التي لا تربطها بالإسلام الروابط , وقرروا مقاومتها لكي لا يمسهم سوء السمعة والعاقبة ارضاءً لله سبحانه وإنقاذا للشعب المظلوم. ان الخطاب السياسي للتيارات الدينية العراقية هو توأم لخطاب النظام الإيراني على مستوى الغرابة والمعاداة للإسلام نصا وروحا وكلاهما طائفيا وتربطهما مشتركات وقواسم في التدمير والانتهاك الخطير لحق الإنسان واختياره لدينه ومذهبه وعقيدته وحرية ضميره وفكره السياسي والأيدلوجي على وفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق والمعاهدات الدولية الأخرى , والاثنان يلتقيان في بؤرة ولاية الفقيه المسيئة لكل المذاهب. فالنظام الإيراني ارتكب الجرم المشهود ذاته بحق الإسلام ومذاهبه كما تبعته بغير إحسان الأحزاب الطائفية داخل العراق والقابضة على السلطة بفضل المحتل الأمريكي بنفس السلوك والنهج, مع فارق بسيط بينهما ان نظام الملالي له استراتيجيه بالسيطرة على المنطقة ومحاولته امتلاك الأسلحة الذرية كذراع مميت لتنفيذ هذه المخططات المريبة , أما الثاني غريمه في العراق فهو يخضع للأجندة الاستعمارية مثلما هي بدايات الملالي مع اوروبا وأمريكا في نهاية السبعينيات القرن الماضي بعد ان عقدت الصفقات لإسقاط النظام الشاهنشاه محمد رضا بهلوي. اذن البوتقة الحاضنة للنظامين واحدة والجهة الداعمة لهما هي ذاتها اليوم المحتلة للعراق ولا يوجد فارق يزيل الضبابية عن نظافة أي منهما.
لقد سقطت الأحزاب الدينية بهذه التعاملات المشبوهة مع أعداء الإسلام. هكذا كان الشبه بين النظامين العراقي والإيراني في النهج المجرب؟؟