19 ديسمبر، 2024 12:27 ص

الأحزاب الدينية بين دنيا علي ودنيا هارون

الأحزاب الدينية بين دنيا علي ودنيا هارون

لم يكن بوسعها ان تصل دنيا هارون إلا بعباءة دنيا علي تلك هي المفارقة وتلك هي الطريقة الوحيدة التي وصلت بها الأحزاب الإسلامية في العراق الى دنيا هارون حيث اللباس الفاخر والحمايات والمنازل الفارهة والجوازات الدبلوماسية والحصانة القانونية والأجواء الخاصة التي ينعمون بها فشتائهم ليس كشتاء الفقراء وصيفهم ليس كصيف الفقراء كل أيامهم ربيع يرتعون في الأموال ويقضمونها ويتقاسمونها بلا حياء وهم لا ينفكون يتحدثون بلغة دنيا علي ,, ما كانوا يحلمون يوما وهم في  أيام المعارضة ان يكونوا في قصور صدام التي تشبه إلى حد كبير قصور هارون من حيث الترف والرفاهية ,,يتكلمون بكلمات وأحاديث ومواقف الإمام علي ويصفون دنياه ولكن لا يطيقون ولا يرغبون إلا دنيا هارون,, كنا أيام زمان عندما نستمع لهم وهم يتحدثون بدنيا علي نتوق لهم وتقتلنا العبرات وتتكسر في صدورنا ونقول بحسرة متى يرث الله الأرض لعباده الصالحين الذين يتحدثون ليل ونهار بدنيا علي وإباء الحسين,, علي الذي لم يهادن معاوية والحسين الذي أبى إلا أن يرى الحق يعمل به والباطل يتناهى عنه ,, وإذا بهؤلاء نزعوا جلودهم ووجوههم وكل ما يربطهم بعلي والحسين إلا شيء واحد هو لباقة الكلمات في الحديث عن الأئمة ومخاطبة مشاعر البسطاء من الذين يلهبهم حماس الكلمات الرنانة وتستولي على عواطفهم الخطابات التي تأسرهم بحب أهل البيت ع” بغض النظر عن قائلها تلك هي الأحزاب الدينية التي طالما رددت مرارا وتكرارا ان الغاية لا تبرر الوسيلة لكنها استخدمت كل الوسائل في سبيل الغايات فوصلت إلى دنيا هارون من خلال دنيا علي ع” وأباحت لنفسها كل شيء من اجل المصلحة والمصالحة وارتضت ان تمد يدها للجلاد لا لتصلحه وإنما لتصافحه وتتوسله في الكف عن صراعها لتخلد إلى الراحة وليكون لديها وقت يكفيها للنهب والسلب المقنن مع كل هذه الغفلة من هذا الشعب المؤدلج الذي لا يشم رائحة الحريق في بيته الا بعد ان تلتهم ثيابه,, الأحزاب الدينية المتصارعة مع نفسها والتي تفتقر الى رؤية واضحة في الطريقة المناسبة للعمل السياسي وسط هذا الكم الهائل من الصراعات بشتى أنواعها والتي سقطت ضحية العمل السياسي الذي يحتاج إلى وجه يرغب بدنيا هارون التي تفتقر الى المبادئ والتي تقدم المصالح على كل شيء كيف لهم ان يرغبوا بدنيا علي ع” الذي يقول ((وحسبك عار ان تبيت ببطنةٍ   وحولك أكباد تحن الى القدِّ )) او قوله ولعل في الحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع..كيف يستسيغون ذلك وهم قد أكلوا وشربوا حد الثمالة من دنيا هارون وسكروا فيها وقالوا عذرا يا علي فان الملك عقيم وان الغاية وان كانت لا تبرر الوسيلة لكنها حققت ما نصبوا إليه وما لم نحلم به ,, لقد صدق الشهيد محمد باقر الصدر حين قال من منكم جرّب دنيا هارون ولم يفعل ما فعل ..كان قادة الأحزاب من أكثر الناس تنظيرا لشؤون الحياة السياسية والاجتماعية ولم يكونوا يواجهون صعوبات كبيرة في التنظير ولكن صدمهم الواقع واللذات والموقع والرفاهية وأذهلتهم دنيا هارون عن التفكير مرة أخرى بدنيا علي.

[email protected]