13 أبريل، 2024 7:36 ص
Search
Close this search box.

الأحزاب الحاكمة تلجأ الى شراء ذمم ضعاف النفوس لتقويض التظاهرات

Facebook
Twitter
LinkedIn

لا أريد الخوض في موضوع الفسادين الإداري والمالي اللذين نخرا جسد العراق إبان حكم نوري المالكي ، واللذين أثارا حفيظة العراقيين المتأثرين والخاسرين الأول من تداعيات ما آلت إليه الأمور، فخرجوا في  الخامس والعشرين من شهر شباط من عام 2011 بتظاهرات سلمية عارمة شملت المحافظات العراقية كافة ، وبدل أن يعالج الأخير الأمور بترو وحكمة والإنفتاح عليهم لسماع معاناتهم ، إنبرى لهم بتوجيه فوهات خراطيم المياه الآسنة على رؤسهم ووجوههم وصدورهم في يوم شباطي بارد ، وتجنيد المئات من البلطجية ” الشقاوات ” المدججين بالأسلحة النارية والبيضاء حيث تم طعن العشرات منهم ، ناهيك عن تعامل القوات الأمنية غير الحضارية معهم ، بالإضافة الى إستفزازهم عن طريق تسخير طائرات مروحية التي جاءت تحلق على مسافة فضاء قريب من رؤوس المتظاهرين في محاولات لإرهابهم .
بعدها خرج المالكي على العراقيين بكلمة مقتضبه مفادها أنه طلب أن يمهلوله مدة مائة يوم ليقوم بإصلاحات شاملة في العراق كافة ، لكن الذي حصل أن معدل الفساد أخذ بالتصاعد ليشمل كل مؤسسات الدولة لحد سقوط ثلث أرض العراق بيد عصابات داعش وإنهيار المنظومة العسكرية بين عشية وضحاها .
فاتني أن أذكر أن منظمة هيومن رايتس ووتش حذرت السلطات العراقية من “قمع التظاهرات” التي نظمت في ذكرى مرور عام على موجة الاحتجاجات التي اجتاحت العراق وقتل خلالها ستة عشر شخصا.
وذكرت المنظمة في بيان ان “عناصر امنية في الزي الرسمي قامت بقمع التظاهرات التي خرجت في شباط/فبراير 2012 لاحياء الذكرى الاولى لبدء الاحتجاجات الاسبوعية في العراق”.
وعلى الرغم من إستقتال المالكي في الحصول على ولاية ثالثة ، فإن العراقيين أصروا على تبديل هذا الوجه الكالح ، سيما وأن المرجعية الدينية في النجف الأشرف أصرت على إصلاح ماأفسده المفسدون وليس “الدهر” ، وجاءت بوجه جديد متعلم وأكاديمي وسليل عائلة مثقفة .
في بادئ الأمر ، تفاءل العراقيون وتوسموا بمجيئ حيدر العبادي خيرا ، ورسمت على وجوههم بسمة قلقة – لم تكن عريضة – سرعان ما إضمحلت وغادرت ملامحهم بعد أن تيقنوا من أن الزائر الجديد لايختلف عن سابقه الاّ بكلمات معسولة أطلقها عندما أعلن عن وجود ” فضائيين ” في صفوف القوات المسلحة .
صبر العراقيون على إجراءات العبادي ذات المشية ” السلحفاتية ” قرابة العام ، دون أن يسجل إنجاز ناجع ، الأمر الذي حدا بميلهم في الحصول على حقوقهم المسلوبة بصوت عال عبر الأثير في فضاء رحب وسع العراق – عدا المحافظات الأسيرة بيد تنظيم داعش الإرهابي – وأمام وسائل الإعلام بمختلف مسمياتها ، فخرجوا زرافات وأفواجا مطالبين بالإصلاح ومحاسبة المدانين بضياع أموال وأراضي العراق .
ولأن العبادي هو من قياديي الحزب الحاكم ، ولايختلف في التفكير عن باقي أعضاء حزبه في معالجة الأمور ، ومن أدبيات حزبه أن المعارض لتوجهاته هو خروج على الدين ، كان لابد له من سلوك نهج ما أقدم عليه سلفه لإنهاء هذا ” التمرد ” حسب معتقده ، غير أن هدير المتظاهرين كان كبيرا ، بالإضافة الى موقف المرجعية الثابت من إعطاء كل ذي حق حقه ، مما حدى بحزبه الى إيجاد بدائل سلمية ماكرة للخروج من المأزق الذي قد يصل بهم الى نهاية لايحمد عقباها .
عشرات الاجتماعات عقدها المالكي مع مريديه لإيجاد مخرج من المطالب التي علا سقفها لتصل الى حد المطالبة بإنزال القصاص به وبالفاسدين الذين أوصلوا العراق الى دهليز حالك الظلام ، وخرج بنتيجة مقنعة بأنه سوف لايمكن أن يوقف مطالب الثائرين عن طريق العنف ، وبات من الضروري اللجوء الى المكر والحيلة والغدر ، فبدأ بإستخدام السحت الحرام في قمع الإرادة الوطنية عن طريق تجنيد البعض من ضعاف النفوس وزجهم وسط المتظاهرين على أنهم من المطالبين بالإصلاح ، وبهذا يكون قد رمى الناشطين وغريمه العبادي بحجر واحد .
أكثر من ناشط مدني أبدى قلقه من مغبة الإنقضاض على الحراك الوطني عن طريق شراء الذمم التي لجئت اليه لجان إعتمدها المالكي وأصحابه للإتصال بالبعض تحت مسمية ” التنسيقيات ” ، حيث تمكنت من إختراق البعض القليل من ضعاف النفوس وباتوا اليوم سوطا بيد جلادي الحكومة ، فهم ينشطون كل يوم جمعة على أنهم ” متظاهرين ” ، وطالما تعرضوا الى القوات الأمنية ومحاولة إستفزازهم بشتى الطرق ، فيما أبت الغالبية القبول بالمساومة ورفضت بثبات وطني رائع كل المغريات التي كان من المفترض أن تقدم لهم .
لاشك أن فطنة وحكمة الناشطين تحتم عليهم مراقبة ساحات التظاهر بتمعن لتمييز الغث من السمين ، والصالح من الطالح من الموجودين بين المتظاهرين .
 
تحية ومحبة لكل صوت هادر يقض مضجع الفاسدين ، وينشد لعراق حر أبيّ خال من كل مخلفات الأحزاب الحاكمة .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب