19 ديسمبر، 2024 1:41 ص

الأحداث المعاصرة وكيفية تدوينها

الأحداث المعاصرة وكيفية تدوينها

لا يمكن للباحث التغافل عن تدوين اللحظات المفصلية والمهمة في حياة الأمة.. خصوصا مع إدراك أهمية الأحداث التاريخية في بعدها السياسي والإجتماعي لبلد متنوع الثقافات والمذاهب والقوميات واللغات مثل العراق.
مهما تسارعت وتيرة الأحداث في المنطقة، فان ذلك لا يعني التعامل معها كمفردة ثقافية بعيدة عن الهم السياسي المتعلق بالشأن العراقي .
بناء على ما ذُكِرَ أعلاه،فإن( الصخب) الإعلامي والثقافي المعاصر لتلك الأحداث وسرعة الإتصال وسهولة الحصول على المعلومة لا يعني الإحاطة بالأحداث وحيثياتها مالم يؤخذ بنظر الاعتبار أصالة القضية والإلمام بجذرها التاريخي .
تعتبر المتغيرات الإجتماعية والسياسية المصاحبة لعملية التغيير، أحد أهم مسببات التعامل السطحي من قبل الجيل المعاصر، خلافاً عما كان عليه الأمر سابقاً، وعليه لابد من العمل على إيضاح عدة مفاهيم بالإشارة إلى مصاديقها وتفهم الحاجة الماسة لمعرفة خلفيات الأحداث وتأثيرها في الحاضر والمستقبل .
يتحمل الأداء السياسي السيء مسؤولية ولادة تصور سلبي لدى البعض عن الحقبة المعاصرة، وكأن جميع الفعاليات المتصدية والشخوص الفاعلة غير معنية بالهم الوطني، فشاعت ثقافة الإتهام والتخوين لتشمل جميع المتصدين، فصور الكل باحثا عن مصلحته الخاصة، وهذا يعد إجحاف بحق البعض ممن حمل لواء القضية وبرهن على أصالة موقفه في سلوكه السياسي وتعاطيه مع الحدث .
التاريخ ليس سرداً لأحداث فحسب _ بل لابد من تحليلها بعيداَ عن الخلفيات السياسية والعقائدية للمهتمين بهذا الشأن، خصوصاً وإن البعض منهم في قلب الحدث الأمر الذي يجنبه إسقاطات الفاصلة الزمنية وتأثيرها على دقة المعلومة وإبعاد الدوافع الذاتية للاشخاص الذين تتعلق بهم .
إعتاد المتلقي وعلى مدى العقود الماضية تقبل المعلومة وأُرغِمَ على الأخذ بها، فقد كانت لمسات السلطات الحاكمة واضحة على تدوين الحدث التأريخي بغية ربط قناعات الأفراد بهذه السلطة أو تلك، من خلال فرض رؤيتها الخاصة الأمر الذي عكس تاريخاً مشوها عن الواقع العراقي لمقاطع زمنية مهمة .
شهدت العقود الثلاث الأخيرة من القرن الماضي احداثاً مثيرة إنعكست على المنطقة برمتها، وهي بحاجة الى تدوين محترف خصوصاً فيما يتعلق بالشأن العراقي، ودور التشكيلات السياسية القائمة بغض النظر عن مستوى نجاحها من عدمه .
رغم تعدد التوجهات التي ساهمت برسم المشهد السياسي في العراق وإختلافها آيدلوجياً، إلا أن للبعد العقائدي اثره الواضح في هذا الصراع فأصبحت المرجعية الدينية_ السياسية حاجة ملحة لتشخيص المصلحة وإتخاذ القرار المناسب في المنعطفات الصعبة .
لابد من ربط الأحداث بأصولها الفكرية بإعتبارها إمتداداً لتلك الجذور وترسيخ ثقافة الإعتزاز بالمنجز الوطني المنبثق من المدرسة العقائدية التي كانت دماء رموزها مداداً يؤصل الإنتماء التأريخي لهذا العطاء الخالد الذي تعمل على تشويه ملامحه الارادات المتصارعة .

أحدث المقالات

أحدث المقالات