2 / الانطلاقة نحو الإصلاح
هل تطبيق سياسة الإصلاح الإداري على الأجهزة الحكومية يعيني بالضرورة وجود فساد (وهو موجود فعلا) ؟ لا يمكن الركون إلى هذا الاتجاه بالمطلق، الإصلاح أسلوب مطلوب لإحداث تغيرات في النظم الإدارية والتشريعية لمسايرة التطورات التي تحصل على الصعد السياسية و الاقتصادية والاجتماعية كبيئة خارجية مؤثرة أو لتخلف الأنظمة والأساليب والقوانين والتعليمات المعمول بها كبيئة داخلية . لذلك نرى إن اغلب الدول المتقدمة وشركات القطاع الخاص العملاقة تتبع منهج التحسين والتطوير المستمر على الإجراءات الإدارية بالرغم من إنها لم تصنف بقائمة الفساد الإداري والمالي أو نسبة الفساد فيها متدنية جدا بحيث لا تؤثر على مجمل العملية الإدارية ولا تشكل مانع من رضى الجمهور عن خدماتها.
هل الموظف التنفيذي هو المشكلة؟ با اعتقادنا أن الموظف التنفيذي في الجهاز الإداري كثيرا ما يقع اللوم عليه في إشاعة الفساد الإداري والمالي وفي ضعف الأداء وفشل التنمية الإدارية. أصبح إصلاح الموظف من المسلمات عند مناقشة أسباب تدني الأداء الحكومي. وللأسف وجهت التشكيلات الرقابية والتفتيشية والقضائية جل سلطاتها على الموظف التنفيذي مما جعل هاجس الخوف من المحاسبة عنده يطغى على تفكيره فابتعد شيئا فشيئا عن تنفيذ واجباته وقد ساعدت على ذلك وسائل الإعلام و المؤسسات الدينية بتوجيه خطابها للموظف التنفيذي وأغفلت معالجة الأسباب إنما تعاملت مع النتائج. وقد استفادت القيادات الإدارية العليا من ذلك في إبعاد تسليط الضوء على دورها السلبي . القادة الإداريين جزء من المشكلة بل الجزء الأكبر ،.أما الموظف التنفيذي وان يتحمل جزء من المسؤولية فهو ضحية النظم الإدارية والتشريعات التي تحكم العمل إذن لا يمكن أن ينصب برنامج الإصلاح على الموظفين التنفيذيين ويتغاضى عن تنمية قدرة القادة وتطوير أساليب اختيارهم . وإلا سيكون عبارة عن إصلاح عضو في جسد مشلول.
الانطلاقة نحو الإصلاح :
تأكيدا على ما ذكر أنفا فإن قاعدة الانطلاق لبرنامج الإصلاح الإداري في وزارت الدولة يجب أن تنبثق مما يلي:-
1- توفير القناعة و الدعم والرعاية والمتابعة من السلطتين التنفيذية والتشريعية وإرادة واعية من القادة الأساسين في الوزارات في تبني إستراتيجية لتطوير وإصلاح الواقع المتردي وإحداث تغيرات في النظم الإدارية وهياكل الجهاز الإداري و في التشريعات القانونية المعمول بها تبدء من قمة هرم السلطة نزولا . من خلال حملة وطنية شاملة تشترك فيها كل الفعاليات في الدولة والقطاع الخاص والمؤسسات التعليمية والإعلامية و الدينية لمعالجة الفساد الإشكالات والسلبيات التي استوطنت في الأجهزة الحكومية وأبرزها:
أ- ضعف الإدارة العامة في تحقيق الأهداف وتنفيذ البرامج الذي أدى إلى التخبط والارتباك وتدني تقديم الخدمات وضعف الأداء المؤسسي والإفراد.
ت- عجز واضح في الإدارات العامة لملاحقة التطورات والمعايير في العمل الإداري سواء في التجارب العالمية أو الوطنية وعدم تمكنها من تكوين رؤية مستقبلية لإثبات هويتها وبصمتها في العمل التخصصي.
ج-عدم قدرة ومعرفة الإدارات العامة على الاستثمار الأمثل للموارد والإمكانات المادية والبشرية التي هي تحت تصرفها على الرغم من وجود أموال واختصاصات ومؤهلا ت علمية لا يستهان بها .
د. الظواهر السلبية المنتشرة في الإدارات العامة كالفساد وتدني مستوى الخدمات وضعف الإنتاجية والهدر في المال العام وطغيان الروتين والإجراءات المعقدة، تهميش الكفاءات والإقصاء ألقصري والمحسوبية وغيرها .