23 ديسمبر، 2024 2:02 م

الأبن يسأل أبيه ؟ تعرف على الجواب

الأبن يسأل أبيه ؟ تعرف على الجواب

مقالتي اليوم بعيده كل البعد عن ماتعودتم عليه في مقالاتي السابقه ذات الطابع السياسي  ، أعطيت لنفسي اجازه او استراحه من السياسه وهمومهما التي لاتنتهي ..واليكم ماكتبته اليوم ذات بُعد أنساني واجتماعي أتمني ان ينال قبولكم .

سئل احد الابناء والده كيف كانت حياتكم بدون انترنيت وكيف كنتم تقضون اوقاتكم ؟ الم تكن حياتكم ممله ، كيف كنتم تتواصلون تتحاورون كيف كنتم تواكبون التطور الحاصل ، وأسئله كثيره أراد بها الابن ان يبين لأبيه ان الحياه كانت صعبه وممله في السابق ؟! ، وكانت اجابه الأب كنا سابقاً نشعر أننا عوائل متلاحمه بشر من لحم ودم ، لدينا احساس تجمعنا روابط اسريه حقيقيه يفقدها جيلكم اما انتم اليوم عباره عن جهاز كمبيوتر يتحكم بعلاقاتكم .

من المؤكد هذه هي أجابه كل ام واب ونراها امام انظارنا في طبيعه العلاقات الاجتماعيه والاواصر العائليه ، فقد غابت دفء المشاعر بين العوائل ، عندما كانوا يجتمعون في برد الشتاء حول المدفأه لتبث بلهيبها الازرق الدفء والمحبه لكل افراد الاسره ، والجميع يتابعون مسلسل تلفزيوني ، اوفلم عربي او اجنبي ، ويتبادلون الحديث ومادار طوال اليوم ، ونكته هنا وقصه هناك ثم يذهب الجميع ليفترشوا كل واحد فراشه المخصص في المكان الضيق  والواسع بحب العائله الواحده .

كانت اغلب البيوت مكونه من غرفتين  نوم ، غرفه للوالدين وباقي العائله ينامون فيما تبقى من البيت ، اما في الغرفه المتبقيه او في ( الهول ) . ولا أحد منا له غرفه مخصصه كما هو الحال اليوم لهذا الجيل كل فرد غرفته وسريره ودولابه والاجهزه الكهربائيه المخصصه له من التلفزيون وحتى اللاب توب اضافه الى التلفون الذكي الخاص به وهو لاب توب اخر مصغر ….
وعندما تجتمع العائله الواحده تجد كل واحد منهم في عالمه الخاص به ومجتمعين في مكان واحد بأجسادهم لا بعواطفهم وارواحهم . واذا تكلم احدهم لايسمع الجميع حديثه لانهم مشغولين بهاتفهم النقال ،
هل جرب احدكم ان يجتمع مع عائلته بدون ان يكون كل واحد هاتفه ملاصق له كظله .
في السابق لم تكن كل العوائل العراقيه تملك جهاز التلفون ، وقد يكون في الحي الواحد القليل عندهم هاتف ، ولكنه في خدمه عوائل الشارع فتجد رقم الهاتف موزع الى اقارب الجيران للاتصال بهم في الاشغال الضروريه ، وكان الهاتف الاسود الانكليزي الصنع اول هاتف يدخل الخدمه ، كان مخصص له مكان في ( الكليدور )
والكليدورهو مكان صغير عباره عن متر ونصف في متر ونصف اول ماتدخل البيت معزول عن اهل البيت موضوع فيه ميزانيه الكهرباء  ، عندما تستحق القراءه الشهريه لعداد الكهرباء يدخل قاري الكهرباء لايضايق اهل البيت  ليسجل الاستهلاك الشهري وكان التلفون في هذا المكان على رف مرتفع بعيداً عن متناول الاطفال ويمكن استخدامه من قبل الجيران عند حاجتهم له وكأنه هاتفهم وبيتهم دون تذمر صاحب الدار  ،، أتذكر أن والدي الله يرحمه كان اول بيت اشترى جهاز التلفزيون ( الفيلبس ) المعروف في كل العوائل العراقيه  يومها اجتمع اهل الشارع كلهم في بيتنا ليتفرجرا على هذا المخلوق الجديد وكل واحد يشعر ان التلفزيون ملك له وهو صاحب الدار دون اي تكلفه او احراج كانت العوائل كلهم يشعرون كأنهم بيت واحد ،
كانت حياتنا بسيطه وممتعه ننتظر زياره الاقارب ورغم ضيق المكان كنا نفرح ونتمنى ان ( يباتوا ) عندنا الى اليوم الثاني بالاخص ايام الخميس ، كانت فرحتنا لاتوصف وسعاده افتقدناها اليوم ولم نعد نراها حتى على وجوه اطفالنا ….
لم نتذكر في يوم من الايام ان فلان زعل على فلان او تخاصم معه
اما اليوم حمد لله على كل شي تجد على الاقل كل عائله لاتكلم او متخاصمه مع عائلتين على الاقل …. او صديق متخاصم مع اكثر من صديق …
على رغم حياتنا البسيطه كنا متفوقين في دراستنا ، لان الجميع يخلص بعمله ويحاول ان يبدع حتى يتميز بين زملائه وتخرج منا الدكتور والضابط والمهندس وكل الاختصاصات .
كنا نجتمع اول أيام العيد في بيت العائله الكبير ( يعني اكبر الاشخاص سناً ) لنتبادل التهنئه بالعيد والاطفال ينتظرون من يوزع عليهم ( العيديه ) لتدخل الفرحه في قلوبهم  وتملأ جيوبهم .
اما اليوم اصبحت الرسائل  من الهاتف النقال هي الوسيله لتبادل التهاني بالعيد !!! .
كان هنالك وجوه تضحك امامك وفي داخل قلوبها كل المحبه الصادقه ، لامثل اليوم تضحك بوجهك وفي داخلها خلاف ماتظهره  كنا بسطاء بمشاعرنا لانعرف الغش والخداع ولكننا اقوياء بروابطنا الاسريه التي حسب مااعتقد انها فقدت اليوم معاني كثيره كنا نحس بها ونلمسها في كل تصرف من تصرفاتنا …
كنا أغنياء بكل الاشياء الجميله نحمل كل الحب نحس ونمارس كل الطقوس والعادات الموروثه البسيطه والانسانيه في كل مناسبه نعطيهاحقها ونأخذ متعتنا منها ، والاهم من هذا كله تعلمنا ان نحترم الكبير ونعطف على الصغير ونساعد المحتاج واذا اصاب احد مكروه كنا كلنا معه نواسيه ، او اذا كان فرح نشاركه فرحته
كانت حياتنا جميله اجمل مما تتصورن .
 هذه هي الاجابه ياولدي لكل من اراد ان يعرف الجواب من ابيه
فهل التطور الحاصل الذي لايمكن لكل تكنولوجيا العالم ان تغرسها في القلوب والنفوس افضل ام البساطه التي ورثناها من اجدادنا وحرمتها عنكم التقنيات الحديثه ولغه الارقام وانشغلتم بعالم الانترنيت ونسيتم الكثيرمن العواطف الصادقه التي لاتعوضها كل تقنياتكم الحديثه  ،،  هكذا كانت حياتنا لن تشعروا ببريقها ونشوتها مهما كتبنا او تكلمنا عنها …
[email protected]