18 ديسمبر، 2024 11:45 م

الأبعد عن المتظاهرين والمرجعية

الأبعد عن المتظاهرين والمرجعية

ليس مهماً مَنْ هو رئيس مجلس الوزراء, فهو أسم فحسب ، ولا يمكن حصر الخيار بين شخصيات لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، بل الأهم أن هؤلاء ومن يقف خلفهم، أن يتحدثوا عن مراحل تشكيل الحكومة وفريقها الحاكم، وطبيعة القوى المشاركة في تشكيلها، وكأنهم مفروضون على شعب يُقارب 35 مليون نسمة، وهل ينطبق هذا التقارب أو ذاك على مواصفات المرجعية، ويحظى بقبول الشارع المتظاهر الناقم الفاقد للثقة بمعظم الطبقة السياسية.

أغلب الحديث عن رئيس مجلس الوزراء مبني على العواطف والتحزب والمصالح والطموح الذي في غالبيته غير مشروع، وأبعد ما يكون عن مطالب المتظاهرين والمرجعية.

واضح أن معظم مفاوضات تشكيل الحكومة، في غرف مظلمة بعيدة عن الإعلام، ولا حديث سوى تسريبات في معناها تقاسم للسلطة بين قوى بعينها، وفي ظل مطالب المرجعية والشارع العراقي، كفرصة أخيرة للقوى السياسية، تتلخص؛ بحكومة خدمة ومواصفات رئيس الوزراء قوي وحازم وشجاع، وتطوير لأساليب التظاهر في حال عدم تحقيق ما يصبون له، وإنتزاع حق بغضب مسيطر عليه، ولابد من حلول إشكالات مفاوضات تشكيل حكومة، التي تدين بعض القوى من فمها.

حديث الأغلبية الوطنية ومشروع بناء الدولة، هو تشخيص مقوماته وأدوات نجاح، وبما أنهم كانوا يعزون السبب للمحاصصة، فالحل باغلبية وطنية غير إقصائية لمكون، ومعارضة بالمثل، ومن يطرحها على غيره عليه القبول بها، كناتج أن كان حكومة أو معارضة، وفي البداية سؤال عن كتلة نظرت للمعارضة ومارستها فعلياً في حكومة 2010م سوى الحكمة؟ وهل حديث الكتل عن البرنامج السياسي والتقارب المبني على أساس المصلحة الوطنية، حقيقة أم وسيلة ضغط؟ وهل تحضر مواصفات المرجعية ومطالب المواطن ضمن مفاوضات الكتل؟

إن وقت ولادة حكومة تختلف عن سابقاتها، من أهم مطالب المرجعية والشعب، وعلى القوى السياسية، تشكيل حكومة أغلبية وطنية ومعارضة لا تهمش مكونات طرفيها، لكن الكرد لا يريدون الذهاب للمعارضة، والسنة أيضاً يريدونها حكومة مشاركة، ولا تطمينات مؤكدة من القوى الشيعية، سوى الحكمة التي مارست المعارضة سابقاً، وطرحتها بعد هذه الإنتخابات، وإلتحقت بها سائرون مؤخراً، فيما تطرح بقية القوى الشيعية آلية أغلبية وتشكيل حكومة، كل منهم يعقد نفسه قائدها لا معارضة أن أقتضت الضرورة الوطنية.

إختيار رئيس وزراء دون التفكير بإصلاح النظام السياسي والإداري، لن يغيّر المعادلة، ويبقى الحال كما هو عليه مخالف لرأي المرجعية والمتظاهرين.
مَنْ يضع نفسه حكومة أو معارضة، لإنضاج الاصلاحات، فهو من يمتثل للمرجعية ومطالب المتظاهرين، ويرفض محاصصة تقاسم الدولة كحصص بين قوى تبني تحالفاتها على أساس مكاسب، والأَوْلى تشكيل كتلة أكبر قادرة على إصلاح النظام السياسي وتطمأن للشارع، وصياغة برنامج سياسي وحكومي خدمي، يلبي مطالب المتظاهرين والمرجعية، عملي ملموس بفريق عمل منسجم، وأخيراً إختيار رئيس مجلس وزراء دون الإنشغال بالأسماء، والدول لا تفّصل لأشخاص وأحزاب، إنما الأحزاب هي من تعد برامج لخدمة الدولة، وبذا تلك القوى التي لا تفكر بتشكيل حكومة على أساس برنامج، ولا ترضى الذهاب للمعارضة، هي الأبعد عن مطالب المتظاهرين والمرجعية، وستنتج حكومة سرعان ما ينفرط عقدها بعد تقسيم المناصب وأداء القسم.