9 أبريل، 2024 7:14 م
Search
Close this search box.

الأبعاد القانونية لمرسوم سحب منصب بطريرك الكلدان

Facebook
Twitter
LinkedIn

توطئة

بتاريخ 20 حزيران من عام 2023 الحالي، أصدر رئيس جمهورية العراق عبد اللطيف جمال رشيد، مرسوماً جمهورياً برقم (31) استناداً للبند سابعاً من المادة (73) من دستور العراق الدائم النافذ لعام 2005 الذي ينص على تولي رئيس الجمهورية “إصدار المراسيم الجمهورية“. وقد تم نشر المرسوم الجمهوري المذكور في جريدة الوقائع العراقية وهي الجريدة الرسمية لإصدار القوانين والتشريعات العراقية التي تصبح نافذة بمجرد نشرها في هذه الجريدة الرسمية. وقد جاء المرسوم المذكور ليقضي في الفقرة أولا منه على (سحب المرسوم الجمهوري رقم (147) لسنة 2013، وهو المرسوم الخاص بتعيين البطريرك مار لويس رفائيل الأول ساكو بطريرك بابل على الكلدان والعالم و متولياً على أوقافها بعد المصادقة عليه من فخامة رئيس الجمهورية.

نبذة تاريخية

تجدر الإشارة ابتداءً إلا أن المسيحية خالية من السلطة السياسية، فالمسيح وتلاميذه من بعده لم يقيموا أي سلطة سياسية، فيسوع المسيح ظلّ يردد طيلة حياته على الأرض، إن مملكته ليست من هذا العالم (يوحنا 36:18). وهكذا ظلت المسيحية الشرقية خالية من السلطة السياسية منذ رحيل المسيح وحتى يومنا هذا، على خلاف المسيحية الغربية التي كانت قد أقامت السلطة السياسية حتى قبل مجيء المسيح، وهذه السلطة ذاتها ممثلة بالإمبراطورية الرومانية هي التي قامت بصلب المسيح، وجاء اعتناقها للمسيحية بعد ثلاثة قرون زمن الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول. وفي ظل غياب السلطة السياسية للمسيحية الشرقية، فقد خضعت كنيسة المشرق وأتباعها إلى السلطات المختلفة التي تواجدوا في ظلها، مثل المملكة الفارسية، والإمبراطورية الرومانية، ثم الخلافة الإسلامية بصيغها المختلفة وآخرها الخلافة العثمانية التي سقطت رسمياً وبشكل نهائي في 3 مارس 1924. وخلال أكثر من 2000 سنة من تاريخ المسيحية في الشرق الأوسط، كان التواجد المسيحي مرهوناً بشروط التعامل الثلاث للإسلام مع الجماعات غير المسلمة، وهي: إما الدخول في الإسلام، أو دفع الجزية، أو القتال. وقد مورست جميع هذه الحالات الثلاث بدرجات متفاوتة، وفي أغلب الأحوال كان دفع الجزية هو العامل الأبرز في استمرار التواجد المسيحي حتى وقتنا الحاضر.

ونظراً لتمسك المسيحية بموقفها الراسخ في عدم الاعتراف بالإسلام وبنبؤة محمد ولضمان بقائها دون التعرض للعنف الإسلامي فقد لجأت إلى ابتداع عدة وسائل قانونية إلى جانب دفع الجزية. ومن هذه الوسائل:-

أولا. استحصال رسائل من نبي الإسلام وخلفائه من بعده تتضمن حرية العبادة وممارسة الطقوس وإدارة كنائسهم وضمان أمنهم وعدم التعرض إليهم. وقد إتضح فيما بعد إن معظم هذه الرسائل مختلقة و مزيفة وغير صحيحة، ابتدعها الرهبان لضمان عدم مساس المسلمين بهم، كما أشار إلى ذلك عددا من الباحثين الثقات،كما ذهب الباحث والمؤرخ الكنسي العراقي المعروف ألبير أبونا إلى رأي مماثل بشأن الوثائق الإسلامية الخاصة بكنيسة المشرق النسطورية، حيث كتب تحت عنوان فرعي “وماذا عن العهود؟” يقول: “هل كانت ثمّة علاقات مباشرة بين الجاثليق إيشوعياب الثاني وبين الرؤساء المسلمين؟ نحن نعلم أن المسلمين لم يخرجوا من الجزيرة العربية إلا بعد موت الرسول. ففي خلافة عمر بن الخطاب، إجتاحت القوات العربية بلاد فارس في سنة 637/638. وقد ذكرنا كيف إستقبل المسيحيون الفاتحين العرب. وتضَعُنا الوثائق السريانية أمام مجموعة من الكتابات والمراسلات المتبادلة بين الرؤساء المسيحيين وبين الرسول وخلفائه الأولين. إلا أن معظم هذه الوثائق لا تثبت أمام النقد العلمي والتاريخي، إنما هي روايات ينبغي النظر فيها بكثير من التحفظ…. لذا فأن هذه الكتابات تعكس حالة متأخرة، فيها يشعر المسيحيون بما يتهددهم من الأخطار، فيتذرعون بعهود خيالية يستنبطونها للذود عن كيانهم والحفاظ على دينهم وتقاليدهم”. [الأب ألبير أبونا، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، الجزء الثاني، من مجيء الإسلام حتى نهاية العصر العباسي، ط2، دار المشرق-بيروت 2002، ص54-57.]

دكتوراه في القانون الدولي

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب