الزيارة الاخيرة التي قام بها رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي الى الولايات المتحدة تكتسب أهمية خاصة، وتعد إنتقالة ستراتيجية في مسارات الاحداث في العراق ، نقلت الملف العراقي الى درجات عليا من الإهتمام لدى مسؤولين رفيعي المستوى الادارة الاميركية، تمثل في المحاور التالية:
1. ان رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي ربما يكون الشخصية السياسية العراقية الوحيدة التي حظيت بإهتمام وتقدير كبيرين من أعلى المستويات في الإدارة الاميركية خلال زيارته الاخيرة الى واشنطن،وكانت الموضوعات المطروحة في غاية الأهمية ، كان من بينها تطورات الأوضاع في الأنبار وتداعيات الحملة العسكرية التي شنت ضدها، تحت تبريرات مختلفة، والخسائر البشرية والأضرار الكبيرة الناجمة عنها ، وما ألحقته من ضرر بالأمن الوطني العراقي ، وتعريض مستقل الشعب الى المخاطر، وأسهمت الزيارة في تطوير علاقات التعاون بين العراق والولايات المتحدة في مختلف المجالات ومنها المجالات العسكرية والاقتصادية والثقافية ، وفي إعطاء المكون العربي حقه من الحضور في الدولة العراقية.
2. لقد التقى النجيفي خلال الزيارة بالرئيس الاميركي اوباما ونائبه بايدن ووزير الدفاع تشاك هاغل ووزير الخارجية جون كيري،ومسؤولين رفيعي المستوى في الادارة الاميركية والبيت الأبيض ، وكان التركيز يجري في كل الحوارات على أمور غاية في الاهمية، وجد فيها النجيفي لأول مرة تجاوبا كبيرا لم يألفه من قبل، وفتح المسؤولون الاميركيون صدرهم للاستماع الى مجريات ألازمة العراقية وتعقيداتها، وكان الكل متفقين على ضرورة أن يكون هناك حوار جاد وحقيقي بين الأطراف السياسية للتوصل الى حلول لأزمات البلد بأسرع مايمكن، ومنها على وجه الخصوص موضوع التوازن في الجيش والمؤسسات الأمنية في العراق وفي عموم دوائر الدولة ، واعادة النظر في كل الإجراءات والقوانين التي تحول دون تحقيق ذلك ، مع مراعاة حقوق الانسان في العراق وعدم التعدي على كرامات ابنائه من مختلف طوائفهم واعراقهم، وان تكون ثروة العراقيين لهم جميعا دون تمييز وتحصل المحافظات العراقية على نسب معقولة من الموازنة وفق الكثافة السكانية وأهمية موقع هذه المنطقة أو تلك .
3. وبشأن أزمة الانبار كان التركيز يجري مع الرئيس الامريكي أوباما ونائبه بايدن وحتى وزير الدفاع الاميركي على ضرورة دعم الحملة ضد الإرهاب ، شرط ان يتم التمييز بين الإرهابيين وبين مواطني البلد وشيوخ العشائر وابنائهم الذين يدافعون عن أنفسهم بوجه ما يتعرضون له من اعتداءات تمثلت في حرب عسكرية شنت ضدهم اضطرتهم الى اتخاذ اسلوب الدفاع عنهم وعن وجودهم وعن مدنهم وقراهم، وهو دفاع مشروع، ولا ينبغي توسيع نطاق العمليات العسكرية باتجاه ارعاب المدنيين ، بل توفير كل مستلزمات تحقيق الأمن والإستقرار ليس في مدن الأنبار فحسب بل في كل مدن الراق التي تعيش أحداثا ساخنة.
4. أكد المسؤولون الأمريكيون أنهم سيدفعون بكل السبل والوسائل لتحقيق إنفراجة حقيقية في الوضع السياسي والعسكري العراقي بما يسمح بتوفير أجواء أكثر أمنا واستتقرارا للانتخابات المقبلة، ولإنجاح مسارات العملية السياسية واخراجها من الازمات الخانقة التي تمر بها، وتقف حائلا دون تحقيق نجاحات مهمة في مساراتها.
5. تم التأكيد على أن يكون للعراق علاقات أمثل مع محيطه العربي وان لايتم إختلاق الازمات مع الدول العربية والمحيط الإقليمي بحجج واهية، وقيام علاقات متوازنة مع دول العالم بما تحفظ حقوق العراق وامنه واستقراره واستقرار المنطقة ككل.
6. وخلال لقائه نائب الرئيس الامريكي جوزيف بايدن تم بحث أدق التفاصيل عن الشأن العراقي بمساريه الأمني والسياسي والتحديات التي تواجه عملية التحول الديمقراطي في العراق. وإتسم اللقاء بالايجابية واتفاق في الرؤى ، مؤكدين ضرورة وضع أطر سليمة للشراكة الوطنية وتحقيق المصالحة وتكريس مبدأ التوازن في مؤسسات الدولة.
كما إتفق الجانبان على أهمية إعطاء المحافظات حقوقها وفق القوانين المرعية، اذ اكد بايدن ضرورة انخراط جميع مكونات الشعب العراقي لاسيما “المكون العربي” في القوات المسلحة. وناقش البحث التحديات التي تواجه عملية التحول الديمقراطي في العراق، وكيفية وضع الحلول والمعالجات الرامية الى ازالة اسباب تراجعها، والسعي من اجل الحفاظ على المكتسبات الديمقراطية.
7. كما التقى النجيفي في واشنطن مع وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل ، واعرب النجيفي في مستهل اللقاء ، عن دعمه لتجهيز الجيش العراقي بالاسلحة والمعدات وتطوير امكانياته القتالية في حربه ضد الارهاب ، على ان لا تستخدم هذه الاسلحة في قمع الشعب. وإتفق الجانبان على ضرورة عزل تنظيم القاعدة والاستمرار في مقاتلته لحين تحقيق النصر،وضرورة التمييز بين افعاله المشينة وبين حقوق سكان محافظة الأنبار المهضومة . كما أكد رئيس مجلس النواب على وجوب تحليل أبعاد المشكلة العراقية وخصوصا الأزمة في الأنبار، لأن الإرهاب إستغل الخلافات وتوتر العلاقة بين القوى السياسية ، لذا فمن الضرورة بمكان ان لا يقتصر الحل في إطاره السياسي فقط ، وانما يجب اضافة المزيد من الحلول الاخرى كالإقتصادية والاجتماعية والثقافية . وتناول البحث في اللقاء العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها بما يضمن المصالح المشتركة بين البلدين.
8.كما بحث النجيفي مع وزير الخارجية الامريكي جون كيري القضايا ذات الاهتمام المشترك، وسبل تعزيز العلاقات الثنائية في ضوء العلاقات الستراتيجية التي تربط البلدين.
وناقش الجانبان تطورات الاوضاع الامنية والسياسية في العراق لاسيما الازمة في الانبار. واتفق الطرفان على اهمية اعطاء الفرصة للحلول السياسية والركون الى الحوار لتجاوز الازمة، مؤكدين على مشروعية الإستمرار في الحرب ضد الارهاب لحين القضاء عليه مع الأخذ بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين القاعدة والمطالب المشروعة لأهل الأنبار.
9.إتفق الطرفان العراقي والامريكي على موقف مشترك من الأزمة السورية يقضي بمساعدة الأطراف السورية على إيجاد وسائل للإنتقال السلمي للسلطة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية او انتقال المسلحين بين البلدين وان يسهم البلدان في استتباب الاوضاع في المنطقة ومواجهة الارهاب بكل اشكاله.
10. عقد رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي في واشنطن اجتماعا ثانيا مع نائب الرئيس الاميركي جوزيف بايدن بحثا خلاله ابرز القضايا على الساحة العراقية وفي مقدمتها الازمة القائمة في الانبار .واكد الجانبان اهمية دعم العشائر بمختلف الاحتياجات الضرورية لمقاتلة القاعدة.
كما تناولت المناقشة ” التي اتسمت باجواء ايجابية وتفاهم كبير ، المواضيع ذات الصلة بالشأن السياسي كالانتخابات ” لافتين الى ضرورة اجرائها بموعدها المقرر في نيسان المقبل ، ودراسة جميع الجوانب المؤثرة على سيرها. واكد الطرفان ضرورة تشريع قانون النفط والغاز لما له من تأثير مباشر على توزيع الثروة بين المحافظات .
وكان رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي ، بحث في الاجتماع الاول مع بايدن أدق التفاصيل بالشأن العراقي بمساريه الأمني والسياسي ، والتحديات التي تواجه عملية التحول الديمقراطي في العراق . وإتسم اللقاء بالإيجابية واتفاق في الرؤى،مؤكدين ضرورة وضع أطر سليمة للشراكة الوطنية وتحقيق المصالحة وتكريس مبدأ التوازن في مؤسسات الدولة . وإتفق الجانبان على أهمية إعطاء المحافظات حقوقها وفق القوانين المرعية ، اذ اكد بايدن ضرورة انخراط جميع مكونات الشعب العراقي لاسيما المكون العربي في القوات المسلحة . وناقش البحث التحديات التي تواجه عملية التحول الديمقراطي في العراق ، وكيفية وضع الحلول والمعالجات الرامية الى ازالة اسباب تراجعها ، والسعي من اجل الحفاظ على المكتسبات الديمقراطية . وقد عبر بايدن عن ثقته وتقديره التام للنجيفي في تعامله مع الاحداث وتحقيق التقدم والنجاح رغم التحديات والصعوبات.
11..وفي معهد بروكينغز في واشنطن حذر رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي من انجرار العراق الى حرب مماثلة لتلك التي تدور في سوريا اذا ما تم اجراء مصالحة جادة وسريعة بين الاحزاب السياسية.
وقال النجيفي في كلمة القاها ان العراق في هذه المرحلة على مفترق طرق … لا سمح الله … نحن نتجه نحو وضع مماثل للوضع السوري إذا لم يتم التصدي للمشاكل بالطريق الصحيحة.
وأشار إلى أن عدد ضحايا العنف في العراق في عام 2013 بلغ أكثر من 9,000 قتيلا واكثر من 25,000 جريحا معتبرا ذلك اعلى رقم لضحايا العنف في العراق في السنوات ال10 الماضية.
وحول تصاعد دور القاعدة في العراق, القى النجيفي باللوم على حكومة المالكي لتخليها عن التحالفات السابقة التي انشأتها القوات الامريكية مع زعماء العشائر في محافظة الانبار في مواجهة القاعدة. واضاف النجيفي ” مع زيادة القوات الأمريكية في عام 2007, انتهت بعض أعمال العنف في البلاد… وقد وضعنا خطة لمحاربة تنظيم القاعدة و الجماعات الإرهابية بدعم من العشائر السنية في الانبار. وتابع النجيفي قائلا ، لقد تمكنت العشائر من هزيمة تنظيم القاعدة واعادة الاستقرار…وقد وُعدوا على ان يصبحوا جزءا من القوات المسلحة العراقية”. واشار الى انه بعد هزيمة القاعدة لم تف الحكومة بتعهداتها امام هذه العشائر قائلا لم يكن هناك متابعة للوعود التي أعطيت لهم (العشائر) و لم يحصلوا على حقوقهم.
واضاف :على سبيل المثال ، لم يتم ادماجهم في القوات المسلحة العراقية ولم يحصلوا على الرواتب اللازمة لحمايتهم من ان يصبحوا مستهدفين من قبل الارهابيين.
12. واستعرض النجيفي مع ابناء الجالية العراقية في واشنطن ، الاوضاع في العراق وسبل النهوض بواقعها في شتى المجالات، مؤكدا ضرورة تفعيل كل الطاقات واتاحة الفرصة للايادي المبدعة والخبرات الواسعة لدى ابناء الرافدين التي يشهد لها العالم باجمعه في تحقيق ذلك، لافتا الى ان العقول العراقية هي عقول منتجة اينما حلت. وعبر النجيفي عن تفاؤله وثقته بالشعب العراقي في تحقيق تطلعاته وآماله، وان العراق بامكانياته وقدراته البشرية والمادية قادر على تجاوز كافة الازمات على الرغم من الظروف الصعبة والقاسية التي يمر بها.
وكان النجيفي وصل الى واشنطن ،الاثنين العشرين من كانون الثاني الجاري ، يرافقه عدد من النواب في زيارة رسمية للولايات المتحدة إستغرق أياما عدة.
هذه هي أبرز ملامح واهداف هذه الزيارة، التي اكتسبت اهمية خاصة وربما عدت انتقالة نوعية في مسار علاقات البلدين ، بما يسهم في إعادة الإستقرار الى العراق ، وأن يتم الإنتقال بالشراكة بين البلدين الى أعلى مستويات التطور والنماء بما يعود بالفائدة الكبيرة لمصلحة البلدين والسلم العالمي، وهي الوحيدة ربما التي سينجم عنها متغيرات ايجابية ذات أهمية قصوى ، تعود على العراق وشعبه بالمزيد من التوازن بما يحفظ جميع المكونات العراقية دون تمييز.