23 ديسمبر، 2024 4:44 م

الأبعاد الإستراتيجية لمشاريع الجسور العربية العملاقة

الأبعاد الإستراتيجية لمشاريع الجسور العربية العملاقة

تعتبر طرق المواصلات من أهم مرافق البنية التحتية للدول ولها مزاياها في وقت السلم والحرب. ففي وقت السلم تعد طرق المواصلات هذه (الطرق البرية والسكك الحديدية والجسور) من المرافق الأساسية لبناء إقتصاد الدول وخدمة مواطنيها ونقل الركاب والبضاعة بسرعة من أي نقطة إلى أخرى. والموضوع الذي أود التطرق اليه اليوم هو موضوع بناء الجسور عبر مرافق المياه كالأنهار والبحار وسوف لن أتطرق إلى بناء الجسور داخل البلاد العربية نفسها، بل تلك الجسور التي تربط بين دولتين عربيتين أو أكثر عبر الخلجان والبحار التي تفصل الدول العربية. وهناك اليوم عدد من المشاريع لبناء جسور عربية عملاقة تربط بين الدول العربية كمشروع بناء جسر يربط بين شبه جزيرة سيناء في مصر والمملكة العربية السعودية عبر البحر الأحمر، كما وأن هناك مشاريع لربط قطر مع دول خليجية مجاورة عبر جسور تمتد من قطر إلى المنامة (البحرين) وكذلك مشروع لبناء جسر يربط بين قطر والأمارات العربية المتحدة (أبو ظبي) عبر مياه الخليج العربي، كما وأن هناك مشاريع بعيدة المدى لربد اليمن (عدن) مع دولة جيبوتي في افريقيا عبر مضيق باب المندب علاوة عن مشروع لربط المغرب (طنجة) بأسبانيا عبر نفق يمتد تحت مياه مضيق جبل طارق.
وفكرة ربط مصر بالسعودية عبر جسر يبدأ في شبه جزيرة سيناء هو موضوع مطروح منذ عدة سنوات وكانت السعودية مترددة في قبول فكرة هذا المشروع لأسباب سياسية وإقتصادية وعلى رأسها التخوف من هبوط مئات الألوف من العمال المصريين إلى السعودية بشكل غير منظم، ولكن أمثال هذه ا لتخوفات قد زالت حالياً وشهد هذا العام 2012 اتفاقاً بين مصر والسعودية لبناء هذا الجسر الذي سيكلف حوالي الثلاثة بلايين دولار. وقد أعلنت صحيفة الوطن السعودية في شهر آذار (مارس) الماضي أن وزارة النقل السعودية وضعت تاريخاً مبدئياً للعمل بالمشروع وهو منتصف عام 2013. وقد أتفق الطرفين السعودي والمصري على أن يمتد هذا الجسر من مدينة تبوك السعودية الواقعة في مدخل خليج العقبة إلى قرب شرم الشيخ المصرية في سيناء على أن يكون الجسر بطول 50 كيلومتراً.
ولا يمكن حصر فوائد مثل هذا الجسر بعد إكتماله لا في ربط مصر بالسعودية فقط بل ربط كل شمال افريقيا بالسعودية بما في ذلك من خدمة تيسير حركة التجارة والأفراد خاصة في مواسم الحج والعمرة وحركة العمالة المصرية والمغاربية نحو المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج، بالإضافة إلى تنشيط عملية السياحة الخليجية نحو مصر وشمال افريقيا فضلاً عن إختصار الوقت والجهد والمسافة فيما بينهما. وإلى جانب كل ذلك، فأن الجسر سيختصر مسافات كبيرة مع مصر ودول شمال افريقيا من جهة والسعودية وبقية أقطار الخليج من جهة أخرى، بل أنه سيكون منفذاً من مصر وشمال افريقيا نحو سوريا والعراق والأردن، حيث أن فرع لذلك الجسر نحو العقبة في الأردن سوف لن يستغرق أكثر من عشرين دقيقة فقط للعبور من مصر نحو العقبة في الأردن.
أما بالنسبة إلى جسر يربط بين الأمارت العربية وقطر فأنه سيختصر المسافات والوقت بينهما بشكل كبير فعوضاً عن قيام المسافر بطريق البر بين أبو ظبي والدوحة حالياً بالدوران والدخول إلى المملكة العربية السعودية ومنها إلى قطر الأمر الذي يستغرق أكثر من أربعة إلى خمسة ساعات فأن الجسر الذي سيمتد سيختصر ثلث المسافة إلى ساعة واحدة فقط. نجد أن موضوع هذا الجسر وبناءه قد أثار قلقاً لدى المملكة العربية السعودية لأن هذا الجسر سوف يمتد فوق المياه الأقليمية السعودية التي لا تنظر بإرتياح حتى الآن للموافقة على بناء ذلك الجسر.
وتعود مشاكل الحدود بين السعودية و الأمارات العربية إلى السبعينيات من القرن العشرين.
ومن الناحية الأخرى فقد توصلت كل من قطر و البحرين إلى إتفاق على مد جسر بين المنامة ومنطقة الزبارة في قطر بطول أربعون كيلومتراً حيث سيكون واحد من أطول الجسور في العالم. وفعلاً أتفقت كل من قطر والبحرين على الخرائط الفنية لبناء ذلك الجسر الذي ستمتد سكة حديدية بجانبه تربط بين المنامة والدوحة و هذا الجسر مهم بالنسبة للإقتصاد البحريني الذي يعتمد إلى حد كبير على السياحة والتجارة الخليجية.
وفي النهاية نكتفي بالقول ان الجسور العربية الجديدة سوف تعمل على تقوية العلاقات العربية-العربية وتوثيق التكامل الإقتصادي والبشري بين أنحاء الوطن العربي من شرقه إلى غربه.