على الرغم من اوجه التشابه الكثيرة بين فكرتي الحياة الابدية عند المسيحيين و المسلمين إلا أن اختلافات كثيرة وواضحة تظهر من خلال النصوص الدينية حول تصور كل فريق لشكل وطبيعة تلك الحياة ، ففي حين يظهر الفكر المسيحي الأنسان في الحياة الابدية على شكل ملاك في أبرز ما يميزه بتلك الحياة حيث أنه لا يأكل ولا يشرب أو ينكح هناك وفي المقابل فقد أظهرت الكثير من النصوص الدينية الاسلامية الانسان وصورته في الحياة الابدية وهو يمارس كل تلك الاشياء وغيرها مما يفعله البشر في هذه الحياة وربما أكثر من المتعارف عليه في حياتنا هذه في كثير من الاحيان ،
ونجد بأن الاختلاف في تصور شكل وطبيعة تلك الحياة يتسع عند الاطلاع على نظريات بعض الامم الاخرى حول فكرة الابدية ومرد ذلك الاختلاف الى أختلاف البيئات والشعوب وحاجات تلك الشعوب ،
ولو أخذنا الاختلاف بين أحلام الرجل القروي والرجل المدني داخل نفس الأمة فأن الكثير من القرويين وخصوصا من فئة الشباب يحلمون بالعيش في المدينة والعكس صحيح بالنسبة للكثير من سكان المدن فألانسان عادة ما يبحث عما يفقده في حياته وكذلك الامر بالنسبة للأمم والشعوب ، ولكن وعلى الرغم من الاختلافات المتعدد حول تصور كل فريق للحياة الابدية إلا أن هنالك شبه أجماع على فكرة الثواب والعقاب وتحقق العدالة الألهية هناك .
ووفقا للقوانين التي تحكم الكون فأن النور يحل محل الظلام و يعقب الحرب سلام والسكون يجيء بعد الحركة والاضطراب وكذلك الامر بالنسبة للحياة والموت فظاهر الامر يوحي بأن بعد الحياة وكل مظاهرها من حركة ولين وصخب وفعل يؤول الامر الى الموت ومظاهره ومنها السكون واليبوسة والهدوء واللافعل ولكن كل هذه المظاهر ترتبط بالجسد ولكن ماذا عن الروح ؟ ، بأعتقادنا بأن الروح هي التي ستنطلق من الجسد في رحلة ما بعد الموت لتبحث عما تفقده وتسعى خلف ما تقدسه في هذه الحياة ،
فمحب المال قد تغرق روحه هناك في بحر من النقود لدرجة مملة رغم أن تلك النقود لن تجلب له هناك أي منفعة ، والأنسان الشهواني ربما يقيد في سلاسل الشهوات اللامنقطعة وأنفاعلاتها المؤلمة بصورة مستمرة وذلك هو عذابه الأبدي ، والانسان النقي قد يعيش في عالم ملؤه النقاء المستمر ويسوده الصفاء الدائم وهكذا الامر بالنسبة لجميع أنواع البشر فكل أنسان يختار في هذه الحياة شكل أبديته في الحياة الآخرة .