من المعروف ان قياس استقرار أي دولة في العالم يعتمد ذلك على الاستقرار الأمني لهذه الدولة او تلك وحتما ان هذا الاستقرار لايأتي بتجيش الجيوش وكثرتها إنما يعتمد على عدة عوامل تنتهجها الدولة من أبرزها الحس ألاستخباري وجمع المعلومات ومسك زمام المبادرة دائما بيد أجهزة الآمن المتخصصة هذا بالإضافة إلى الاعتماد على أجهزة الكشف الحديثة المتنوعة التي تساعد رجل الأمن على أداء مهمته بوقت قياسي وإحباط أي محاولة ترمي إلى الإخلال بمنظومة الآمن العام واستقرار الدولة بشكل عام .. هذه المعايير نراها قد غابت عن منهجية أجهزة الآمن العراقي بعد سقوط نظام البعث مع الأسف, وقد اعتمدت الدولة العراقية الجديدة على الكم اولا ثم اعتمدت على العشوائية وعلى مبدأ العلاقات في تشكيل المنظومة العسكرية والشرطوية وكذلك الاستخبارتية والمخابراتية,, مما أدى ذلك إلى إصابة هذه المنظومة بكل تشكيلاتها بوهن عام مما أدى إلى اختراقها بسهولة من قبل مجرمي القاعدة ومن قبل العناصر الخارجة عن القانون وهذا ماتم تشخيصه من قبل جهات مختصة منذ اليوم الأول لتشكيل هذه الأجهزة بعد إلغاء الجيش العراقي السابق وحل الأجهزة الأمنية التي كانت عاملة في زمن صدام المقبور… ومن الأشياء المؤلمة التي جعلت المواطن يفقد ثقته برجال الآمن هو الفساد الذي تسرب إلى المنظومة الأمنية بكل أصنافها وخير دليل فضيحة جهاز الكشف( السونار ) الفاسد الذي تم توريده إلى العراق من قبل تاجر بريطاني والذي حكمته دولته قبل أيام بالسجن عشرة سنوات نتيجة هذه الفضيحة, وقد راح بسبب فساد هذا الجهاز الكثير من الأرواح البريئة, هذا وهناك أمثلة عديدة أخرى على فساد المنظومة الأمنية العراقية لامجال لذكرها مما جعل تنظيم القاعدة يعبث بكل سهولة بأمن الوطن والمواطن وما شاهدناه قبل أيام من إحداث مفجعة شهدتها الساحة العراقية الا دليل دامغ على ماذهبنا اليه وهذا يؤشر على وهن الآمن الذي انعكس سلبا على حياة الناس وبسبب هذا الوهن والتراخي جعل بعض الجماعات المليشاتية تنتعش في المشهد اليومي العراقي مما أشاع ظهور سيطرات وهمية زادت من رعب الناس بشكل اكبر , فإشاعة ظهور مثل هكذا سيطرات وهكذا مسميات تجعل المشهد أكثر رعبا وقد خلقت القلق لدى عموم المواطنين وبصراحة انا واحد من هؤلاء الذين تعطلت إعمالهم وانقطعت حبال تواصلهم مع العاصمة بغداد حيث كان هناك أكثر من برنامج يفترض أن أكون مشاركا فيه خلال الفترة الدموية والعنفية التي شهدتها عاصمتنا الحبيبة بغداد بالإضافة إلى بروز إشاعة ظهور السيطرات الوهمية….فهذه الحقائق اليوم لم تنعكس على الأمن الاجتماعي فحسب إنما سينتقل انعكاسها على الأمن الاقتصادي وعلى كل الفعاليات الحياتية الأخرى…نعم إننا ندرك ان العراق ليس بمعزل عن ماتشهده ُالساحة الإقليمية والدولية وان تأثيرات مايجري في الساحة السورية له انعكاس سلبي على الوضع العراقي لكن هذا لايبرر للحكومة ولا لغيرها ان تتهاون مع إجرام وعبث القاعدة والعناصر الإجرامية بأمن البلد ,, فلابد ان تكون هناك وقفة جادة لدراسة كل الأسباب والمسببات التي جعلت الآمن العراقي يتهاوى إلى هذه الدراجة ولابد ان تسارع الحكومة بإرجاع الثقة الى روح المواطن العراقي من خلال برامج متعددة منها زيارة القادة الأمنيين إلى الميدان واللقاء ميدانيا مع المواطنين وكذلك محاسبة أي مقصر في الجانب الأمني وبشكل علني بالإضافة الى تعزيز الجانب الاستخباري و تحقيق مبدأ الضربات الاستباقية لأوكار القاعدة ومحاربة إي تشكيل مليشاتي مهما كان نوعه او انتمائه…اعتقد حان الوقت ان تنزل الحكومة عن برجها العاجي وتكون قريبة من الشعب وأوجاعه وان ينتبه القادة السياسيين بان خلافاتهم المزمنة ستؤدي إلى حرق الأخضر واليابس وان أول من سيحترق هو من يضع الزيت على النار …فكفى قتلا ..وكفى نزيفا … فالعراق لم يعد يحتمل أكثر من هذا الموت الذي انتم صنعتموه له….كفى أخيرة نقولها فعراقنا يحتضر.