وانا أمسك قلمي مساء كل يوم تسائلت مع نفسي ونحن نعيش دوامة الانتخابات والدعايات الانتخابية التي تكتظ بها شوارع بغداد وباقي المدن العراقية ، أية صور تلك التي تُصدع رؤوسنا صباح كل يوم ونحن نقلب انظارنا بين هذه وتلك ، انها مجرد صور لأشكال بائسة في جوهرها وتاريخها ، وصور أخرى لمطمورين و انتهازيين قذفتهم أمواج المغريات وحب الوصول والتسلق على سواحل العملية السياسية ، وصور لشخوص لاتعرف أي طعم للمبادئ والقيم ، وصور لمساكين تطغى على نفوسهم السذاجة والطموح في وقت واحد ، صور لرموز عاثت في العراق فسادا وأهلكت الحرث والنسل ، صور لأدوات قذرة تعمل لصالح هذه الدولة أو تلك ، صور لتجار وسماسرة حالمين بين جمع المال والسياسة والحصول على أكبر قدر ممكن من العقود والصفقات من هذه الوزارة أو تلك . بكل تأكيد أنها مقدمة بشعة تبعث على الآسى والأسف لما حصل ويحصل في العراق منذ أكثر من عشرة أعوام خلت ، لكن روح الاصرار على التغيير تسيطر على نفوسنا المثقلة بالهموم ، فما ان تكبو لحظة وتتحطم الا ونراها تنهض لحظة أخرى ململمة شظاياها لتعيد ألينا بارقة الأمل من جديد حينما نرى صورا ً لشخصيات تستحق منا الوقوف عندها والتأمل في تاريخها الناصع وتضحياتها للوطن ، شخصيات تمتلك من المؤهلات السياسية ما يجعلها جديرة بالتصدي للأزمات التي تعصف بالوطن ، شخصيات لم تنجسها أوضاع العراق الجديد بأنجاسها بل بقيت متمسكة بتلابيب مبادئها ، لذا أطلقت العنان لقلمي كي يكتب عن أحدى تلك الشخصيات ليس من باب الدعاية الانتخابية أو الترويج ، بل لما لمسته من هذه الشخصية وعلى مدى تسع سنوات مضت على معرفتي به من نبل وتواضع ونفس شامخة بلا كبرياء ودماثة في الخلق تُخجل النسيم بلطفها ورقتها ، أنه (مثال جمال حسين الآلوسي) الذي لم يدفعني فيض مشاعر الأخوَة والصداقة تجاهه للترويج له كونه أحد مرشحي التحالف المدني الديمقراطي في الانتخابات التشريعية المقبلة ، بل ما دفعني لنقش تلك السطور حزمة من الاسباب منها ما هو موضوعي يتعلق بشخصيته وتربيته كما أسلفت ، ومنها ما هو سياسي . وفي غياب دواعي التملق والتي لا أرى أي مسوغ لها ، ومن خلال تجربتي مع هذا الرجل ومعايشتي له لسنوات تسع وجدته سياسيا محنكا من حيث التحليل وقراءة الأمور والأحداث بنظرة مستقبلية ، بارعاً في تفكيك المشكلة وتشريحها على طاولة المعالجات ، قارئا ً بأمتياز لمجريات الأحداث في الساحة السياسية على المستويين المحلي والاقليمي، مستحضرا ً الاجابة لأية تساؤلات في عالم السياسة ، نظرة ثاقبة لما ستؤول أليه الأمور في العراق نتيجة العبث السياسي الذي مارسه مراهقوا السياسة في عراق مابعد 2003 .
عرفته حالماً بعراق موحد عزيز قوي يكون قطباً فاعلاً ومؤثراً في الشرق الأوسط ، وعرفته حالماً بدولة المواطنة وحقوق الانسان ، وحالماً بالبناء والأعمار بعد عقود من الخراب والدمار، وحالما ً بدولة الاقتصاد الحر ودعم الاستثمار، وحالما ً ببناء أقوى المؤسسات الامنية والدفاعية في المنطقة ، وحتى الجانب الديني لم يغب عن باله وهو الليبرالي المخضرم ، أذكر ذات ليلة (شتاءعام 2006 ) ونحن نتجاذب اطراف الحديث عن دور المراجع الدينية وما أسهمت به بشكل كبير من خلال حقنها للدماء وتأكيدها على وحدة العراق ارضاً وشعباً ، قلت له أتعلم يا أبا أيمن …. أننا نحن الليبراليين نملك من الاحترام والتبجيل للدين ورجاله المخلصين أكثر من غيرنا بما فيهم أتباع الحركات الاسلامية لأعتقادي بأن السبب يكمن في نقاء الفكر الليبرالي واحترامه للتعددية الدينية والفكرية في المجتمعات المتنوعة ….. واذا به يفاجئني بأحدى أحلامه في هذا المجال قائلاً لو كان الأمر بيدي لجعلت الحوزة في النجف الاشرف بزعاماتها وعلماؤها وطلبتها ( فاتيكان المسلمين في العالم) لأنها أحدى أهم مراكز قوتنا في العراق ، ومحاولات أضعافها انما هي في حقيقتها أضعاف للعراق وهذه أحد أسرار العداء الأيراني الأزلي للعراق بسبب ما تتمتع به حوزة النجف الاشرف من مكانة علمية مرموقة ومميزة في العالم الاسلامي مقارنة بحوزة قم في ايران.
نعم كثيرة هي أحلام هذا الرجل الذي طالما رفع صوته للعراق ومع العراق متى وأينما أقتضت الحاجة أو دعت الضرورة الى ذلك ، لقد عرفته عاشقا للعراق محباً للجميع لم أسمع أو أرى منه يوما قولاً أو سلوكا ً يعبر عن أنحيازه لمذهب أو دين ، كان أسما ً على مسمى في التعبير عن الهوية الوطنية …. نعم الهوية الوطنية فقط هي المعيار لدى مثال في التعامل مع اصدقائه وخصومه، ومن هنا كان حريصا ً على ان يرفع شعار الأمة العراقية عنوانا ً بارزا لحزب تزعمه ولازال … كان يقول ( نعم نحن أمة ولايمكن مقارنتنا بأغلب دول المنطقة لأننا رمزاً للتنوع الاجتماعي … ولأننا التاريخ والحضارة .. لأن علي بن ابي طالب منا وفينا … لأن العراق بلد الخيرات والموارد … لأن العراق منجما ً للرجال الآصلاء … لأننا أور وأكد وسومر وأشور وبابل .. لأننا بلد الجواهري والسياب ونزيهة الدليمي وعبد الجبار عبد الله وعبد الله كوران وعلي الوردي وروفائيل بطي و…..و …. كثيرة هي كنوز هذا الوطن ، لذا نستحق وبجدارة ان نكون أمة رائدة في المنطقة يُحسب لها ألف حساب في موازين القوى في عالم اليوم ) .
وتجنبا ً للأطالة في سرد الكثير مما أعرفه عن هذا الرجل ، بقي ان أقول أحسنوا أختياركم يوم الثلاثين من نيسان المقبل وتفحصوا الوجوه جيداً وأبحثوا عن الأصلح و الأجدر لأن معركتنا شرسة وطويلة تتطلب منا أختيار الفرسان الأشداء ممن نثق بقدرتهم على الفوز في ميدان التحديات الخطيرة التي تواجه العراق.
تنويه / يصعب علينا نحن العراقيين للأسف أن نعَبر عن أعجابنا أو نُعلنه خوفا ً من الاتهام بالتملق لكنها كلمات حق وددت توثيقها بحق رجل بذل الغالي والنفيس من أجل العراق… والله من وراء القصد