في السياسة الطعام يفتح الشهية المطلقة ولا يؤدي إلى الشَبع , لأن الجوع هو المتحكم بالسلوك السياسي وعلى مرّ العصور.
فالذي يغنم يسعى لغنائم أكثر , والذي ينتصر يبحث عن إنتصارات لا تنقطع , والقوي يريد أن يكون أقوى , وما أن تعطي خصمك شيئا حتى تجد نفسك قد تحولت إلى فريسة محاطة بأفواه فاغرة.
ومن يتصور أن السياسة أخذ وعطاء فهو على وهم عظيم.
السياسة أخذ وأخذ وأخذ!!
هذه هي المعادلة المتحكمة في مسيرة العالم وخصوصا في المناطق الجاهلة بالسياسة , والتي أسلمت أمرها لمن لا يعرفون إلا تأبط الكراسي.
فلو نظرنا ما جرى في العقد الأول من القرن الحالي , لتبين لنا أن الدول التي أذعنت وأعطت تحولت إلى فريسة مستباحة المصير وإزدادت دمارا وخرابا , فتأملوا العراق وليبيا وماذا أصابهما , وغيرهما من الدول الأخرى , مما يؤكد أن الذي يتوهم بأنه عندما يعطي سيحصل على شيئ فإنه يقدم على الإنتحار , وهذا الوعي والإدراك السياسي , أدى إلى ما يحصل بين بعض الدول وغيرها التي تريد أن تنهشها من أي موضع في بدنها , ومن ثم تبني على مسكة اسنانها مشاريع إفتراس خلاقة.
وبعض الدول جعلت الآخرين ينشبون أنيابهم في عنقها , كما تفعل الأسود عندما تصول على فريستها , فمهما كانت الفريسة ضخمة فإن إطباق الأنياب على عنقها يؤدي بها إلى السقوط ميتة بين مخالب الضواري.
وكما هو معروف فأن الذي يفترس يستجلب معه العديد من المفترسين الذين لا يستطيع إفتراسهم , ليشاركونه أكل الضحية بعد أن أكل أحسن ما فيها وأطيب.
وهذا القانون فاعل في منطقتنا , فعقِب كل صولة إفتراسية يتكاثر المفترسون , حتى أصبحوا يتكاثرون بسرعة عجيبة ويحملون أسماءً تلدها أنياب الإنقضاض الشديد.
تلك حكاية سياسية واضحة , لكننا نغفلها , ونستلطف الوقوع في أفواه الطامعين بنا إلى يوم الدين.