17 نوفمبر، 2024 10:49 م
Search
Close this search box.

الآكلون الموصوصون

الآكلون الموصوصون

في البرلمان العراقي ثلاث فئات من النواب.. فئة عالية الصوت بمناسبة وبدونها. تبحث عن المشادة الكلامية ولو في الصين. لايهمها ان كانت دنيانا ربيع “بس مو عربي” وجونا بديع “بس مو عارف”, ومقفلون على كل المواضيع فان النواب من هذه الفئة لايرتاح لهم بال الا بتصريح عن أي شئ وفي أي موضوع حتى لو كان ضد مناورات بحرية تقوم بها دول الكاريبي في بحر المانش. الفئة الثانية هادئة الصوت لا هم لهم سوى اطفاء الحرائق التي يتقن اشعالها زملاؤهم. وبين هاتين الفئتين ثمة فئة ثالثة لا هي من هؤلاء ولا من اؤلئك.
واذا كانت هناك على مستوى الشعب اغلبية صامتة فان هذه الفئة اختارت ان تكون اقلية برلمانية صامتة. لا دخل لها بشئ.  شرقت  ام غربت. امطرت ام امحلت. ارعدت ام ازبدت. لايعنيها اشرعت القوانين ام لم تشرع. اعقد البرلمان جلساته هذا الاسبوع ام رفعها  الى الاسبوع المقبل  او الشهر المقبل  او العام المقبل  او القرن المقبل. الزمن بالنسبة لها يرتبط بنهاية  الشهر حين يولون وجوههم شطر المحاسب  لكي “يصوكروا” صافي الراتب والبالغ عشرة ملايين دينار عراقي مع وكالة موقعة من 60 كاتب عدل باستلام مبلغ الحماية والبالغ  30 مليون دينار. والكلام الاخير انقله عن النائب الشيخ حسين الاسدي.
نواب الاقلية الصامتة او “الاكلون الموصوصون” يعرفون جيدا انهم نواب صدفيون حطت بهم المحاصصة حينا والكوتة حينا اخر والعشائرية حينا ثالثا في قلب العملية السياسية. يعرفون انهم ان حضروا لا يعدون وان غابوا لايذكرون. انهم  اثروا على انفسهم شكر النعمة قبل تحمل المسؤولية. لامشكلة عندهم مع احد. لا مع الحكومة التي تعادي البرلمان ولا  مع البرلمان الذي يقف “سكينة خاصرة” للحكومة. لا مع الكتل او الاحزاب. ولا شان لهم ان تدخلت دول الجوار او لم تتدخل. “مشى” القانون الفلاني ام لم  يمش.
يجلسون في اخر القاعة. يطقطون بمسبحاتهم طوال الجلسة. لا شان لهم بلجنة او بجمع تواقيع. ايديهم حاضرة للتصفيق حين يطلب منهم. وللتصويت حين تاتيهم اشارة ولي النعمة او ولي الامر او ولي شئ اخر. لم يغب احد منهم يوما عن جلسة. لم يطلبوا اذنا للكلام. لم يعترضوا على قانون ولم يوافقوا على اخر. لا مشكلة عندهم لا مع خور عبد الله ولا مع صور الزعامات الدينية. هم يعرفون جيدا ان لا نصيب لهم في الدورة القادمة. وان جاء النصيب فلن يدفروا النعمة. لن يزايدوا على احد في الدعاية الانتخابية. لن يرفعوا لافتة ولا يعلقوا ملصقا ولا يتبنون مشروعا. امنيتهم الوحيدة ان  تبقى القائمة مغلقة لانهم لا لانصيب لهم في الفضاء المفتوح. وحكمتهم التي يؤمنون  ” استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان” . “مخلص الحكي” انهم ” ياكلون ويوصوصون”. فهنيئا للاكلين الموصوصين  الذين صدقوا ما عاهدوا ..”كروشهم عليه”. 

أحدث المقالات