-1-
اذا كانت الآراء حرّةً – كما يقولون – فمن حقّ كل انسان أن يُبدي رأيه دون تهيّب أو تردد ..،
ولكنّ إبداء الرأي لا يعني صوابِيتَهُ وبُعدَه عن الخطأ …
إنّ العصمة من الخطأ يختص بها الانبياء والاوصياء، ولا تسري الى غيرهم، مهما كانت مكانتهم العلمية او السياسية او الاجتماعية ، ومهما كانت نياتهم ودوافعهم نظيفة طاهرة .
-2-
وفي غمرة احتجاجات الآباء والأمهات على ما حلّ بأبنائهم في (سبايكر)، وعلى شدّة تلهفهم الى تلقي المعلومات الرسيمة عنهم لم يُقدّم لهم ما يشفي الغليل – مع الأسف الشديد – .
والشعب العراقي بأسره يُطالب وبالحاح بالاطلاع على الأسرار الكامنة وراء احتلال الاوغاد من داعش للموصل، وامتدادهم الى العديد من المحافظات والمدن العراقية، تمهيداً لإحالة المقصرين – مهما كانت عناوينهم – الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل .
وفي هذه اللحظات التاريخية المهمة ينبري أحد الاكاديميين ليعلن بصراحة:
انه مع اسدال الستار الآن على كل ألوان التحقيق في ملف القضية – الكارثة ،
ويحيل ذلك الى حين تطهير كامل التراب العراقي الطاهر من دنس داعش .
ولا ندري كيف غابت عنه حقيقة أنّ التحقيق في الحوادث كلها – وليس في حادثة سقوط الموصل وحدها –
تجب المسارعة اليه، قبل ان يتم التلاعب بما يتصل بالجريمة من أدلة وشواهد …،
وهذا التأجيل مساوقٌ لحرمان الشعب من حقه في الاطلاع على الحقائق ، وسوق المسؤولين عن الكارثة الى القضاء .
انه اذن رأي ينحاز للمقصِرّين ولا يعبأ بتطلعات المواطنين .
وهذا أسوء ما يمكن ان يتصف به رأي من الأراء …
-3-
ولسنا ممن يُعوّل كثيراً على نتائج اللجنة التحقيقية البرلمانية لأسباب يطول شرحها ،
وسيكون العامل السياسي هو الأبرز وراء ما ستثبتُه اللجنة في تقريرها ، كما تدل على ذلك الكثير من الشواهد …
-4-
ان مهمة مجلس النواب – كما هو معلوم – محصورة بتشريع القوانين ومراقبة أداء السلطة التنفيذية .
وليس لتقارير اللجان النيابية القدرة على ان تكون فصل الخطاب، لا في قضية احتلال الموصل ولا في غيرها ..
إنّ حق مجلس النوّاب في التشريع ، اختزل ايضا، واصبح مقتصرا على مشاريع القوانين التي تحال اليه من قبل مجلس الوزراء …
كان ذلك بقرار من المحكمة الاتحادية العليا ، وما زال القرار ساري المفعول حتى الآن ..!!
-5-
ان الحفاظ على المصالح العليا للشعب والوطن لابُدَّ فيه من الصرامة، والاصرار على إظهار الحقائق، بعيداً عن كل الحسابات الأخرى ، فالحقّ أحقُ أن يتّيع …
ولن تبقى حُرمة للدولة اذا كان التفريط بارضها وسلامة ابنائها ومستقبل اجيالها مسألة تتجاذبها حسابات المحاباة لطرف معين أو شخص معين.!!
ولن يتهيّب أحدٌ ان يرتطم بكل ألوان الخيانة للشعب والوطن، ما دامت المحصلة النهائية باهتة اللون، باردة الى أبعد الحدود ، كما هو شأن الاجراءات التي اتخذت حتى الآن في أخطر الملفات على الاطلاق .
-6-
واذا كنّا قد ابتلينا بمن لا يريد الاعتراف بسوء ادارته وتدبيره للبلاد ومسؤوليته عما وقع ، فان ذلك لايسوّغ مجاراته في ما يقول ..!!
وهكذا يتجلى انه لابد من الحسم دون تردد وبلا إبطاء ..