23 ديسمبر، 2024 4:19 ص

الآذان الصاغية في معرفة الفئة الباغية

الآذان الصاغية في معرفة الفئة الباغية

ورد عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في كتب الفريقين : (وَيْحَ عَمَّارٍ، تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ، يَدْعُوهُمْ إِلَى الجَنَّةِ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ) .هذا الحديث الصحيح هو الحجة الدامغة على اتباع الفكر الاموي التكفيري عندما يدافعون عن معاوية ودولته المارقة ، فلا يختلف اثنان على إيمان عمار بن ياسر (رضوان الله تعالى عليه) وقربه وملازمته لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام)، ولم تكن معركة صفين الا ممارسة واقعية على اقتتال اهل الحق واهل الباطل ، اهل الجنة واهل النار ، ولم تفلح كل تأويلات ابن تيمية وتخريجاته التي حاول بها الدفاع  عن معاوية وعن قتاله لأمير المؤمنين ، فالحديث المروي “عنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ ) رواه مسلم ( 1064).
نرى ان ابن تيمية يحاول ان يجعل لمعاوية ودولته المارقة نصيبا من الحق فيفسر الحديث بالشكل المضحك التالي : ” فهذا الحديث الصحيح دليل على أن كلتا الطائفتين المقتتلتين – علي وأصحابه ، ومعاوية وأصحابه – على حق ، وأن عليّاً وأصحابه كانوا أقرب إلى الحق من معاوية وأصحابه ” .
هذا الاسلوب وهذه الطريقة في التغرير بالناس والتدليس عليهم كانت سببا رئيسيا في جعل الكثير من المغفلين يصدقون بان معاوية كان على حق رغم انه تسبب في قتل الالاف من المسلمين في معركة صفين وأولهم عمار بن ياسر (رضي الله عنه) ولا يمكن لابن تيمية او غيره ان يجد جوابا لحديث “الفئة الباغية” ، فهل من العقل والمنطق ان يتبع المسلم الفئة الباغية أتباع معاوية، أم الفئة الناجية المؤمنة أتباع علي وعمار والصحابة الأجلاء عليهم سلام الله ورضوانه ؟.
وقد أكد المحقق الصرخي ذلك المعنى في محاضرته السادسة عشرة من بحثه الاسبوعي ( الدولة المارقة ، في عصر الظهور ، منذ عهد الرسول (صلى الله عليه واله وسلم )) التي بُثت مساء يوم الجمعة الماضي مباشرة عبر قناة اليوتيوب التابعة لمركزه الاعلامي عندما خاطب المارقين التكفيريين بقوله : ” احترموا عقولكم وإنسانيتكم يا جماعة الإرهاب والتكفير ويا مَن غُرِّر به، واسألوا أنفسكم ما ذنب شيعة أهل بيت النبي (عليه وعلى آله الصلاة والسلام) وَقد وَجَدوا الحجة الدامغة الواضحة التي فيها مرضاة الله (تعالى) وشفاعة رسوله الكريم (عليه وعلى آله الصلاة والتسليم)، والفوز بالجنان والنعيم، فيما لو أحسنوا العمل والإتباع بالنهج القويم لأئمة الهدى (عليهم الصلاة والتسليم)، وتبرّؤوا مِن أئمة المارقة الخوارج الضالين المضلِّين؟ .
وهنا يحث المحقق الصرخي على اتباع النهج القويم لأئمة الهدى من أهل البيت عليهم السلام وليس فقط التبعية العاطفية الفارغة من المحتوى والجوهر المطلوب لكل مؤمن ومسلم .
وكما يبين الصرخي ايضا ان تلك الحجج والبراهين والادلة موجودة في كتب خصوم اهل البيت ، مشيرا الى ما نقله ابن تيمية وابن كثير وغيرهم من اقطاب الفكر الاموي التكفيري ، حين قال : ” ماذا يفعل كلّ مَن يملك العقل والإنصاف وهو يجد دليله وحجّته موجودة في كتب خصمه وخصومه فضلًا عن كتبه ومصادره؟! فهل يتّبع الخالق أو المخلوق؟! وهل يعصي الخالق أو يعصي المخلوق؟! سؤال واضح وجوابه بسيط، لكن يصعب التطبيق، بل ربما يستحيل التطبيق، خاصّة مِن مارقة الفكر والأخلاق، فاين ستكون أيّها الإنسان المسلم المنصف؟! ولك الخيار مع الاحترام والتقدير، لكن التمس العذر للآخرين، فلا تستخِّف بهم وتُخرجْهم مِن الملّة والدين “.
وعليه فان العقل يحكم بإتباع اهل الحق ان تم معرفتهم وفق الحجة الشرعية والعقلية ولا يمكن ان يتلاعب ابن تيمية او ابن كثير او غيره من المارقين بالفاظ ومتن الاحاديث النبوية الشريفة من اجل تسييرها بمسار يتوافق مع افكارهم التكفيرية الاقصائية التي تسببت في تقاتل المسلمين وتباغضهم وابتعادهم عن النهج المحمدي الاصيل .