لو القينا نظرة متفحصة،فيما ستتركه مخلفات احتلال داعش لاجزاء مهمة من العراق،وما سيتركه عبث الميليشيات المسلحة التي ترعاها قوى اقليمية مجاورة للعراق ومنها ايران على وجه التحديد ، لوجدنا ان هناك جملة مترتبات خطيرة وغاية في الإمعان في تخريب النسيج الاجتماعي والقيم المجتمعية والعشائرية والسياسية على مستقبل الاجيال في هذا البلد يمكن ادراجها على الشكل التالي:
1. ان داعش حصيلة دعم دولي واقليمي تعاونت قوى دولية حاقدة على العراق وعلى العروبة والاسلام في تقديم نموذج العرب ودينهم السمح المعتدل على انه هو هذه الصورة البشعة المنحطة من القتل والاجرام والوحشية وفي استباحة الارض والعرض ، لاتربطها بأهل العراق سوى شراذم الحقد ومن يشعر في داخله بالنقص ، ومن في نفسه مرض لمسايرتها او الانغماس ضمن لعبتها في استهداف النسيج القيمي والاجتماعي للعراق ارضا وشعبا وتاريخا وحضارة ومقدسات.
2. وفي المقابل تمثل الميليشيات المسلحة التي تحتضنها اجهزة في الدولة او شخصيات سياسية وبعضها مرتبط بإيران ، وهي خارجة عن سلطة الدولة وليس بمقدور حتى القوى التي تتناغم معها او تلجمها أو أن تضع حدا لإيغالها في دماء العراقيين وهتك اعراضهم، وهي في نفس المكانة المنحطة لداعش وتأثيراتها اللاخلاقية على وحدة المجتمع العراقي وقد عّرضت امن البلد وسلامته لخطر داهم، وترويعها للمواطنين وقتلها مئات الالاف منهم بين فترة واخرى واستخدامها اسلوب الجريمة المنظمة او المنفلتة واحدا من الحقب السوداء التي شهدها التاريخ العراقي المعاصر ايغالا في البشاعة والهمجية ،ولا يجرأ حتى سلوك الرعاع والعصابات المأجورة ان تسلك اعمالا شنيعة وقذرة كتلك التي ارتكبتها الميليشيات والجماعات المسلحة ايا كانت انتماءاتها، فهي أي داعش والميليشيات وجهان لعملة واحدة فعلا وقولا وممارسة وانتهاك حرمة وطن ومقدسات وتعريض سلامة مواطنيه ومستقبلهم للفناء والتشرد ، وما حصل من نزوح جماعي لملايين العراقيين عن محافظاتهم.
3. وكانت الميليشيات قد مهدت لدخول داعش وسهلت عليها مهمة احتلال التراب العراقي بعد ان تدهورت القيم والاعراف وتجاوزت كل الحرمات وداست على الكرامات حتى وجدت داعش وهي الوباء الاخر الخطير فرصته لان ينهش في الجسد العراقي ويعبث فيه خرابا ودمارا وهتكا للاعراض ولكل القيم السماوية والارضية ، ما شكل أخطر ممارسات احالت نهارات العراقيين الى ليال دامسة ومظلمة وموغلة في الحقد والاجرام وتقديم المثل الاكثر سوءا وقرفا في نموذج اقليمي دولي اسهمت قوى دولية كبرى في اشاعته، ما يؤكد الحقيقة المطلقة وهي ان داعش والميليشات التي تدعمها ايران ودول في المنطقة، بضمنها الولايات المتحدة ودول غربية وبدعم اسرائيلي لاشاعة هذا النموذج الوسخ في التراب العراقي ، على انه هو الجيل المنحط الجديد الذي ليس بمقدور العراق ولا دول المنطقة تجاوز محنتهم ، وكأنه اصبح قدر سلط على بلدهم وما عليهم الا الخضوع والخنوع لهذا الوباء والوقوع في فخ حباله ومكائده الكارثية على مستقبل الاجيال.
4. هناك حديث يتكرر منذ فترة ليست بالقصيرة على جهة واحدة يتم تحميلها المسؤولية في تهشيم الجسد العراقي، بتهمة مفادها ان المحافظات ذات الطابع العربي ( السني ) كانت ( حاضنات ) لداعش ، وتوجيه تهم لهذا المكون على انه هو من سهل مهمة دخولها الى العراق، واذا ما تمعنتم في التسلسل الزمني للاحداث في العراق..هل سمع العراقيون بداعش قبل سنتين من هذا التاريخ ..الم تكن الميليشيات هي من جاءت مع الاحتلال ونمت في ربوعه ، وكانت تلك المحافظات ( الحاضنات الأولى ) للميليشيات وسبقت وجود داعش بأكثر من عشر سنوات، اذن ما يتم الحديث عن ( حاضنات ) كان يتسع نطاقه في بغداد في المدن والاحياء المحسوبة على التحالف الوطني ، ومحافظات الوسط والجنوب منذ دخول الامريكان الى العراق، أي ان الميليشات سبقت دخول داعش الى العراق بأكثر من عشر سنوات، وما ارتكبته الميليشيات من ممارسات قتل وترويع وتهجير وتشريد واعتقالات وعمليات خطف بالجملة وشتى الممارسات غير الاخلاقية كانت قد اشاعتها في داخل اوساطها ضمن الاحزاب الشيعية الحاكمة، أي ان ( الحاضنات ) للجماعات المسلحة التي تنتهك الكرامات لم تكن داخل محافظات المكون العربي كما يتم اشاعته بين اوساط المثقفين وهي مغالطة تاريخية كبيرة ، بل ان الميليشيات هي من سهلت دخول داعش وسمحت بدخولها ارض العراق لكي يتم القضاء على اخر مقومات المكون العربي نهائيا لكي لاتقوى على النهوض.
5. كانت ايران من اكثر الدول الداعمة لتوغل داعش في الجسد العراقي وسهلت حكومة المالكي دخولها ارض العراق بتنسيق وتعاون مع النظام السوري الذي درب بالتعاون مع ايران هذه الجماعات ومدتها ايران بكل وسائل الدعم والمساندة وبدعم وتوطؤ غربي وامريكي اسرائيلي على وجه التحديد، ما يؤكد بشكل لايقبل اللبس ان حاضنة تخريب العراق وتعريض سلامته للخطر كانت الميليشات المدعومة من ايران ومن الحكومة واحزابها وهي من قدمت تلك النماذج السيئة في الحكم واشاعة الفوضى والخراب في الجسد العراقي ارضاء لتوجهات القوى الاقليمية والدولية التي ساندت هذه الجهات وقدمت لها الخبرات والدعم اللوجستي لكي يجري احتلال العراق وترويع الملايين من مواطنيه بهذه الطريقة الفاقدة للاخلاق وللضمير الانساني وتشكل وصمة عار بوجه ايران وامريكا وكل الدول التي اسهمت بصورة مباشرة او مباشرة في تقديم هذه النماذج الحقيرة لكي تهيمن على مقدرات العراقيين بهذه الطريقة الموغلة في الاجرام والوحشية.
6. ان العراقيين اجيالا وشعبا وتاريخا اذا ما استرجعوا اصالتهم وانتماءهم لهذه الارض وقيمها وتاريخها العربي والاسلامي الاصيل واستنهضوا قيم شبابهم ورجالاتهم واعدوا خططا لطرد هذا الوباء من الجسد العراقي ورفعه عن كاهل العراقيين من داعش وميليشيات مسلحة نكون قد وضعنا على الطريق الصحيح لتأشير حالة النهوض والنقدم بدل حالة النكوص والاحباط ، لكي يتم تحرير كامل التراب العراقي من دنس هذه الجماعات المسلحة ايا كات توجهاتها وانتماءاتها، واعتبار اي وجود لطرفي المعادلة داعش والميليشيات بأنه نهاية للعراق، وان اقتلاعهما من الجذور يمثل مهمة كل العراقيين الخيرين الاصلاء سنة وشيعة واكرادا ومسيحيين ويزيدا وصابئة وعربا وتركمان وكل المكونات العراقية لتضع حدا لتوغل هذه الوحوش القذرة وطردها الى خارج حدودها الاقليمية التي جاءت منها وتلقينها الدروس المرة لكي تلعن اليوم الاسود الذي ورطها في احتلال العراق وتعريض سلامته لخطر الفناء والترويع المتعدد الاشكال، لكي يعود العراق الى عافيته سالما غانما، وشعب العراق الاصيل اذا ما انتخى قادته الشرفاء لقادر ان يحيق المكر باهله ويلقن الاشرار والحاقدين الدروس المرة لكل من تسول له نفسه لكي يعبث على هواه بأرض العراق، والله ناصرهم على القوم الظالمين.
هذه هي الحقيقة المرة بكل قساوتها وبشاعة صورتها وهي ان داعش والميليشيات ( وجهان ) لعملة واحدة وان القضاء على هذين الوبائين يمثلان حلم العراقيين للوصول الى غدهم المشرق الوضاء.