11 أبريل، 2024 7:24 م
Search
Close this search box.

اكراد العراق و تشكيل البلد

Facebook
Twitter
LinkedIn

اليوم يطل علينا مسعود البرزاني في مشهد من مشاهد الحروب يتفقد مليشياته المرابطة عند كركوك , يعبئهم وقود الحرب من حقد و غل على العراق مما يثير الرعب في نفوس الكثيرين من ان العراق الجديد كما العراق القديم لابد و ان يتحارب مع الاكراد و يعيدهم الى الجبال موطنهم الاصلي و الاول و الاخير

لمعرفة السيناريوهات المتوقعة من هذا المشهد لابد و بايجاد ان نعرج على التاريخ لنستقي منه مقدمات هذا الصراع وصلت طلائع الجيش البريطاني الى الفاو واحتلتها في 1914 و واصلت زحفها الى بغداد و دخلتها في 1917 و من ثم كركوك في 1918 بعد كر و فر دام سنة ورغم اعلان الهدنة في ذلك الوقت الا ان القوات البريطانية دخلت الموصل في نفس السنة ودون مقاومة تذكر من جانب الجيش العثماني المنكسر

(كانت القوات القيصرية الروسية ايضا قد وصلت الى حدود فارس و حدود شمال العراق مما حذا بريطانيا لاتنازل عن لواء الموصل لصالح الفرنسيين في اتفاقية سايكس بيكو بالرغم من علمها بوجود ثروات طبيعية زاخرة في المنطقة و كان تنازل البريطانيين لصالح فرنسا انذاك هو لوضع فرنسا في مواجهة الروس ولكن بعد الثورة الروسية عدلت بريطانيا من موقفها وهو ما دفعها لاستكمال احتلال لواء الموصل بالكامل )

عقدت معاهدات بين العثمانيين و الجبهة الوطنية التركية من جهة و بين الحلفاء بترأس بريطاني من جهة ابرزها معاهدة سيفير التي نصت على استقلال ارمينيا و الحجاز و كردستان على ان ينظم لواء الموصل الى كردستان وفق شرط زمني وهو “اذا حدث و خلال سنة واحدة من تصديق المعاهدة ان طلب الاكراد الساكنين في المنطقة (لواء الموصل) الانضمام الى الدولة الكردية والاستقلال عن تركيا وفي حالة اعتراف عصبة الامم باحقية هؤلاء السكان للعيش في حياة مستقلة و اصدار عصبة الامم توصيات بذلك فان تركيا ستتخلى عن حقوقها في المنطقة”

(تماما كما حدث عند كتابة الدستور العراقي الجديد وضع للاكراد سقف زمني لضم اراضٍ يرغبون بضمها اليهم )

الا ان المعاهدة قوبلت بالرفض الشديد من قبل الحركة الوطنية التركيا بزعامة اتا ترك مما دفع الطرفين لعقد معاهدة جديدة هي معاهدة لوزان في 1923 ونصت المعاهدة الجديدة على استقلال العراق بالكامل وفق حدوده الحالية و استقلال سوريا بعد استقطاع مدن ” مرسين و طرطوس و قيليقيا و اضنه و عنتاب و كلس و مرعش و اورفلة وديار بكر و نصيبين و جزيرة ابن عمر” لصالح الاتراك و اعتبار تركيا الوريث للدولة العثمانية كما تنازلت تركيا بموجب الاتفاقية الجديدة عن قبرص و ليبيا

لم يتم ذكر كردستان في المعاهدة الجديدة مما ولد حالة من الذعر و الاستهجان لدى زعماء العشائر الكردية التي كانت تحارب الى جانب العثمانيين ضد الروس و البريطانيين خلال الحرب العالمية الاولى

بعد ان احتلت بريطانيا لواء الموصل الذي كان قد منحته مسبقا لفرنسا وقعت بريطانيا اتفاقيات مع فرنسا تنازلت بموجبه عن حصة الربع من نفط المنطقة ولا مجال هنا لذكر تفاصيلها.

لابد من الاجابة عن الاسئلة التالية : لماذا وضع سقف زمني و شرط اممي تسيطر عليه بريطانيا لضم لواء الموصل الى الدولة الكردية الحلم في معاهدة سيفير ؟   لماذا لم يتم الاعتراف بالاكراد كدولة مستقلة في معاهدة لوزان ؟ لماذا تم تقسيم مناطق الاكراد بين ايران و العراق و سوريا و تركيا ؟

تم وضع السقف الزمني و بريطانيا تعرف ان الاكراد في موقف اجتماعي و سياسي و عسكري يصعب عليهم ضم لواء الموصل المسيطر عليه من قبل الجيش البريطاني و اذا تم ذلك فسيتم نقض الطلب في عصبة الامم و بذلك تبقى بريطانيا هي المسيطرة على الثروات في المنطقة الا ان استمالة الاكراد الذين حاربوا الى جانب العثمانيين و خاصة ضد الروس كان واجبا لذلك وضع لهم ما يحلون به و يكفون اذاهم عن بريطانيا ولو مؤقتا لحين اعادة هيكلة الجيش البريطاني المنهك بلا شك جراء الحرب العالمية

اثارت ثورة الغشرين الرعب في نفوس البريطانيين بعد الخسائر الفادحة التي تكبدتها قواتهم بالرغم من استخدامهم سلاح الجو الا ان العراقيين العرب اثبتوا انهم اشداء و اقوياء و قادرين ان يلحقوا الهزيمة بالجيش البريطاني و ان استقطاع اي جزء من ارض الرافدين قد تدفع العشاء الى الثورة من جديد . كما ان بريطانيا قد وقعت على التزامات مادية مع فرنسا من حصة نفط كركوك و مناطق لواء الموصل و سخط البريطانيين على الاكراد الموالين للعثمانيين سابقا ادت الى ان تعدل بريطانيا الباحثة عن مصالحها من موقفها تجاه الاكراد فقامت بتقسيمهم بين ايران و تركيا و سوريا و العراق.

قسمت بريطانيا مناطق سكنى الاكراد بين الدول انفة الذكر جاء وفق خطوة تكتيكية وهي الشك بان تركيا ستقوم باحتلال كامل المناطق الكردية و باعتبار الدولة الكردية الحلم (لقيطة) فان الاكراد لن يجد من يدافع عنهم و سيكونون لقمة سائغه بيد الاتراك و سيكون احتلالهم سهلا  اما بعد التقسيم فان تركيا لن تتجرأ باحتلال مناطق تابعه للعراق و هو تحت الوصاية البريطانية و لا من سوريا وهي تحت الوصاية الفرنسية واذا ما قامت بذلك فان العرب سيشاركون في الدفاع عن تلك المناطق باعتبارها جزءا من اوطانهم ويتبقى الجزء الايراني وهو صعب المنال خاصة وان ايران كانت و لا زالت قوية كما انها و بتلك الفترة كانت حليفا قويا للغرب .

اليوم تركيا الجديدة بقيادة الاخوان المسلمين ذوو فكر اعادة الخلافة الاسلامية و ارجاع الاسلام الى مساره الصحيح ترى في نفسها اهلا لاسترجاع المناطق التي احتلتها الدولة العثمانية في الوطن العربي و جاء ذلك بطريقة اخرى و وهي دعم حكومات الاخوان المسلمين التي سيطرت على الحكم بعد احداث الخريف العربي واعادت ترتيب نهجها تجاه الاكراد الذين عادتهم طوال عقود فتقوم اليوم بدفع الاكراد في العراق الى الانفصال  لكن بعد ضم كركوك اليهم لانها لا تسعى الا الى الموارد المتواجدة فيها و التي تخولها من ان تلعب دورا رئيسيا في سوق الطاقة الاوروبي المعتمد على الخليج و روسيا و قامت ايضا بدعم الاكراد في سوريا ضد النظام السوري في محاولة لاستقلالهم فيما بعد و ضمهم الى الدولة الكردية الحلم الجديدة مع اكراد العراق وهو ما بانت ملامحه بالضهور من خلال لقاءات مسعود البرزاني مع قيادات كردية في سوريا و شراء الاكراد للسلاح من اسرائيل الحليف التقليدي لتركيا و اشارت الانباء ان السلاح سيتم ادخاله الى اكراد العراق عن طريق الشريط الحدودي السوري التركي التي تسيطر عليه المليشيات الكردية السورية و بموافقة تركية.

اذا فالسيناريو القائم اليوم ان يسيطر الاكراد على كركوك و الموصل و ما تحمله تلك المناطق من موارد نفطية و كبريت و غاز و معادن اخرى ليتم في ذلك الاثناء سلخ اكراد سوريا في حكم ذاتي مشابه للاقليم الكردي العراقي لتعلن الدولة الكردية و بعدها هناك خيارين للاتراك اما بالاتحاد مع الدولة الجديدة او باحتلالها و هي تعلم ان العرب لن يدافعوا عن تلك الدولة اللقيطة و امريكا المنهكة اقتصاديا لن تدخل في حرب جديدة خاصة و ان تركيا حليفة مع اسرائيل و ان لم يكن بالعلن فالاستثمارات اليهودية في تركيا هائله و خاصة في قطاع الاسكان و القطاع المصرفي و الصناعة العسكرية و تركيا التي ساهمت بشكل كبير في تهريب اليهود العراقيين و السوريين بمساعدة الاكراد عبر الحدود التركية الى منفذ مرسين البحري ليتم نقلهم بالبواخر الى اسرائيل الدولة اللقيطة التي لم تعد حلما بل اصبحت حقيقة وهي بالمناسبة من الداعمين للدولة الكريدية التي يعتبرونها صديقه حميمة لدولتهم فالاثنان ينتمون لنفس الطبقة اللقيطة كما ان الاكراد كان لهم الفضل في تجنيب اسرائيل الجيش العراقي الذي كان يشارك في الحروب ضد الصهاينه فكان الاكراد ينشبون النزاعات مه الحكومة العراقية كلما ارسل العراق جيشة للمشاركة في الحروب العربية ضد اسرائيل ليتم سحب الجيش من الجبهة الخارجية لكبح التمرد الكردي الداخلي .

خلال الاعوام القليلة الماضية برزت روسيا كقوة اقتصادية هي الثانية في العالم و قوة عسكرية لا يستهان بها بعد ان كان جيشها منهك يقتله الجوع و افتقار التجهيزات و اقتصاد مدمر جراء الحرب الباردة و انهيار الاتحاد السوفيتي الا ان بوتين و حزبه من رجال المخابرات الضالعين بالسياسية و العالمين بكل صغيرة و كبيرة لا يعلمها سواهم قد نجح باعادتها الى مركزها السابق و اعاد هيكلة الجيش و استبدال السلاح و التجهيزات القديمة باخرى هي الاحدث عالميا . روسيا التي لا ترغب بان ترى دولة تنافسها في المنطقة و تمد اوروبا بالطاقة فتخسر تحكمها و سيادتها على سوق الطاقة تركيا المنافس القوي لروسيا في المنطقة والتي من المحتمل (اي تركيا) ان تنظم الى الاتحاد الاوروبي اذا ما سيطرت على منابع الطاقة في العراق و قد تعلن دولة اوروبا الموحدة بعد ذلك توافر كامل مقومات الاقتصاد.

روسيا التي ابدت استعدادها لتجهيز العراق بالسلاح لمواجهة الاخطار بعد ان تنكلت امريكا من تجهيز الجيش العراقي بالسلاح الثقيل وهي تؤجل و توجل بمواعيد التسليم اراها اليوم اللاعب الرئيسي و الداعم القوي للحيلولة دون ان تنفذ تركيا مخططاتها بالمنطقة مخططات اعرب عنها رئيس الوزراء التركي اردوغان في معرض حديثه عن مسلسل حريم السلطان حين قال ” يجب علينا ان ننظر الى المناطق التي يطر عليها اجدادنا (العثمانيين) و ان نعمل لصالح تلك المناطق و نعمل على اعادتها للمسار الصحيح” اي انه راغب و عازم على التدخل بتلك المناطق وفق رؤيته الخاصة.

ارى ان لا بد من ان يردع الجيش العراقي البطل الاكراد و الاتراك من تطبيق مخططاتهم الخبيثة التي تهدف الى سلخ جزء مهم من ارض العراق و هم عازمون و مستعدون لخوض الحروب من اجل ذلك و هذا ما بدى واضحا حين ار مسعود البرزاني عناصر مليشياته التي كانت ولازالت ضد العراق و شعبه و جيشه مخاطبهم بضرورة الدفاع عن ارض كردستان ضد الطغاة مشهد استفز جميع العراقيين و اعطانا صورة واضحة ان عمليات دجلة هي ضوروة ملحة لكبح جماع مسعود و مليشياته .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب