17 نوفمبر، 2024 6:28 م
Search
Close this search box.

اكثر من إبهامٍ عن 14 تموز 1958 !؟

اكثر من إبهامٍ عن 14 تموز 1958 !؟

O من داخل قفص الإتهام في محكمة المهداوي ” محكمة الشعب ! ” رفض عبد السلام عارف الرّد او الإجابة على أحد اسئلة رئيس المحكمة بقوله : < إنّ للثورةِ اسرارٌ لا يعرفها إلاّ الله > .! , كان ذلك اثناء محاكمة عارف بتهمة محاولة قتل عبد الكريم قاسم والتمرد عليه , كما أنّ عارف لم يكشف عن تلك الأسرار بعدما اضحى رئيساً للجمهورية بعد الإطاحة بعبد الكريم قاسم .!

O – الخطأ الستراتيجي للوصي الأمير عبد الإله وخصوصاً لرئيس الوزراء السابق نوري السعيد , هو الإعتماد المطلق والمفتوح على رئيس اركان الجيش آنذاك الفريق محمد رفيق عارف في البتّ وتقييم التقارير الأمنية الدقيقة التي كشفت تحرك مجموعة من الضباط للإطاحة بالنظام الملكي , وكان الفريق محمد عارف ينفيها جملةً وتفصيلاً , بينما كانت دائرة الأستخبارات العسكرية ومديرية الأمن العامة واستخبارات الحرس الملكي نشطةً للغاية , ورصدت تحركات “الضباط الأحرار ” واجتماعاتهم , ورفعت تقاريرها الى اعلى السلطات , ويشار أنّ نوري السعيد الذي كان على معرفة شخصية بالعميد عبد الكريم قاسم ” ويناديه كرّومي ” قد استدعى قاسم لمرتين وكشف له عن رصد الدولة لتحركاته المشبوهة وتحدث معه بخشونة , بينما اكدّ قاسم على نفيه لتلك المعلومات المضللة ! , مما جعل نوري السعيد يطلب الملف الشخصي لقاسم من وزارة الدفاع لمراجعة خلفياته .

O – على اثر انتشار المعلومات عن الحركة الأنقلابية المرتقبة ووصولها الى الأردن وايران وجهات اخرى داخلية وخارجية , فلو أنّ عبد الإله ونوري السعيد قاما بنقل العميد قاسم والعقيد عبد السلام عارف والضباط الآخرين الى وحداتٍ عسكريةٍ اخرى بعيدا عن العاصمة او حتى احالتهم الى وظائف مدنية او على التقاعد , فما كان لحركة 14 تموز أن تنجح .!

O – كيف كان لعبد السلام عارف أن يضمن النجاح ” مسبقاً ” في الإنقضاض على القصر الملكي بينما كانت ذخيرة جنود الفوج الذي يقوده لا تتجاوز 5 رصاصات لكلّ فرد .؟ وماذا لو صدرت الأوامر للواء الحرس الملكي ” المجهز بأحدث الأسلحة > بفتح النار على المهاجمين ! وكان بالإمكان القضاء على آخر جندي فيهم خلال دقائق , والأمر موصول ايضا الى عبد الكريم قاسم في التخطيط لذلك الهجوم .. < يشار أنّ جرى ايصال الذخيرة والسلاح الى القوة المهاجمة بعد ساعاتٍ قليلة من معسكر الوشاش ” القريب من القصر ” وبتصرف شخصي من احد الضباط وخارج نطاق خطة الهجوم > , كما كيف لكلا العقيد عارف والعميد قاسم تدبّر والتخطيط عسكريا للثورة من دون اسنادٍ مدفعي واسنادٍ جويّ ولا حتى من وحدات عسكرية اخرى مساندة .!؟ , ويبقى ذلك من الغاز واحجية التأريخ وطلاسمه .!

O – اثبتت الدراسات والوثائق والتحليلات والمعلومات المثبّتة بشأن 14 تموز , أن لولا التسهيلات اللوجستية والأمنيّة التي قدّمها الفريق الركن رفيق عارف للأنقلابيين لكان من المحال الأطاحة بالنظام الملكي ” ولا نود هنا تكرار واعادة نشر ما جرى نشره سابقا بهذا الشأن وفي مجالاتٍ شتى ” وتجدر الإشارة بهذا الخصوص أنّ كبار ضباط وزارة الدفاع في العهد الملكي كانوا يستغربون وبأندهاش أن يلتقي ضابط برتبةٍ متوسطة ” عقيد ” وهو عبد السلام عارف بالفريق رئيس اركان الجيش لعدة ساعات في كلّ مرةٍ يلتقي فيها برئيس الأركان قبل تنفيذ الحركة.! وهذا خارج السياقات العسكرية !

  إحدى الأخطاء الجسيمة التي ارتكبها عبد الكريم قاسم لا تقتصر على اعدامه لمجموعة من الضباط الأحرار الذي اكتشف تخطيطهم او ” تآمرهم ” للأطاحة به , فلم يدرك قاسم أنّ ذلك يستفزّ المؤسسة العسكرية وقادة الفرق والألوية في الجيش آنذاك ويؤلّبهم ضد سلوكه هذا ونظام حكمه , وكان بمقدوره ايداعهم السجن المؤبد .! كما لم يدرك قاسم ابعاد ومديات انتشار الفكر القومي في الشارع العراقي ومدى التأثر بالرئيس جمال الناصر في قيادة حركة القومية العربية التي اشعلت الشارع العربي , وكان قاسم وكأنه يسبح ضد التيار , وكان ايضاً وكأنه حكم على نفسه بالإعدام مسبقاً ودون أن يشعر .!

نعيد الإشارة مرةً اخرى حول ملاحظةٍ لها خصوصيتها , بأنّ كبار قادة وضباط الجيش العراقي وعبر مختلف الحكومات التي اعقبت حركة 14 تموز , فأنهم و وفق حساباتٍ ستراتيجيةٍ – تعبوية وعسكرية , فحمّلوا قاسم مسؤولية ما تعرّض له الجيش العراقي من خسائرٍ في الأرواح والأسلحة والأموال نتيجة الحرب مع قوات البيشمركة طوال نحو 15 عاماً انهكت الجيش العراقي , وذلك جرّاء قرارٍ من عبد الكريم قاسم بأعادة واستضافة الملاّ مصطفى البرزاني الذي كان منفياً في روسيا , حيث عاود البرزاني لقيادة التمرّد المسلح ضد الجيش العراقي وبنطاقٍ اوسع , وعلى صُعُد سياسية وعسكرية استخبارية , وبالتنسيق مع دولٍ اقليميةٍ وخارجية .

ثُمّ , فالى جانب أنّ الرئيس او الزعيم عبد الكريم قاسم هو اوّل مَنْ سمحَ او ابتكر إنشاء اول ميليشيا عراقية من الحزب الشيوعي ” وكانت تتخذ من الساحات العامة وتقاطعات الشوارع ” مقرّاتٍ تكتيكيةٍ لها , وتستفزّ ضباط الجيش وافراد القوات المسلحة وعموم الشارع العراقي , ولم تكن اية ضرورة تبرر او تسوّغ ذلك ! وفق ايّ حسابات , فَلَم يُعد موضع خلافٍ أنّ قاسم هو الذي جلب ثقافة العنف في العراق وتمددها في سفك الدماء والسحل وما الى ذلك , بالرغم من أنّ الرجل كان نزيهاً على الصعيد الشخصي , وكان يعتبره الجيش من الضباط الوطنيين والأكفّاء قبل انحرافه السياسي في دكتاتورية الحكم وافتقاده الفكري لأستيعاب توجهات الأحزاب والقوى الوطنية والقومية المنشرة في معظم الشارع العراقي .. وبغضّ النظر عن المفارقات المترسخة لدى المجتمع في اعتبار حركة 14 تموز كثورة او انقلاب ! , ومع وجود مؤيدين للزعيم الراحل قاسم من الحزب الشيوعي ومن الكثير من البسطاء من الناس الى غاية الآن , فبغضّ النظر عن كلّ تفاصيل ذلك , فمن المستغرب عدم قيام الحكومات العراقية المتعاقبة لإعادة الأعتبار للعائلة المالكة التي اُبيدت في مجزرة قصر الرحاب , واعادة الأعتبار المفترضة هذه لها صيغٌ واشكالٌ شتى .. نشير ايضاً الى أنّ السوشيال ميديا قد نوّرت الرأي العام العراقي وبمختلف اجياله بمعلوماتٍ وتفاصيل مما لم تذكره مناهج التأريخ المدرسية والأكاديمية لإعتباراتٍ ما , وقد تسببت وسائل التواصل الأجتماعي هذه في بث وتحريك التعاطف والإدراك على مستوياتٍ كبيرة لدى الجمهور ومن اكثر من زاوية حول ماهيّة ول الأوضاع الأجتماعية والسياسية في العهد الملكي , ولم تكن جميعها ايجابيةً بالطبع , ولكلّ مرحلةٍ طبيعتها وظروفها الخاصة .

أحدث المقالات