23 ديسمبر، 2024 10:19 ص

اكتلوا كتّال الجلب

اكتلوا كتّال الجلب

في قرية بعيدة من قرى غرب العراق، هناك على الحدود السورية مع العراق، كانت عشيرة تعيش هانئة مستقرة، وكان شيخها رجلا كبيرا، فجلس ليتفرغ لنفسه ونصب ابنه شيخا للعشيرة، وصادف ان مرت عشيرة اخرى باراضي هذه العشيرة فنبحتهم كلابها، فقام احد رجال القبيلة الغريبة وقتل كلبا من الكلاب، عادوا وتباحثوا في هذا الامر، فقال لهم الشيخ الكبير السن: ( اكتلوا كتّال الجلب)، فضحك ابنه منه وسخر بانه كيف له ان يقتل انسانا ثأرا لكلب، ولم تتوقف الجرائم حيث عادت تلك القبيلة فقتلت رجلا من القبيلة الاصلية، ومن ثم قامت بسرقة قطعانها، وكلما عادوا الى الشيخ الكبير كان يقول: (اكتلوا كتال الجلب)، لكن لم يفهم احد ما اراد الشيخ بقوله فهانوا وذهبت ريحهم. لكن للاسف لم يقتل احد قتّال الكلب، ولذا استبيح بعد ذلك كل شيء، حتى عدنا الى المربع الاول كما يقولون ولم تكن العشر سنوات سوى هواء في شبك، لم تعط ثمرا ولم تجدِ نفعا فالحرب عادت طائفية كما بدأت وهذه المرة لم تكن حرب بنادق وبيكي سي وانما حرب مفخخات وعبوات ناسفة اجتاحت المساجد والحسينيات لتنحو هذه الحرب منحى خطيرا بما ستأخذ بارجلها الكثيرين من الابرياء ومن غير رواد هذه المساجد والحسينيات او ربما اخذت روادها غير المسيسين.
منذ عشرة اعوام والكل يصرخ اقتلوا من تجاسر على الوطن واحرق مؤسساته، منذ عشر سنوات ونحن ننادي ان مافيا الحواسم والفساد ربما تتحول الى مافيا للقتل، ونصرخ ونصرخ ليكن القانون سيد الموقف، ويكون العكس فيكون المسجد سيد الموقف والحسينية سيدة الموقف، واقتنع الاثنان اخيرا اي المسجد والحسينية انهما سيدا الموقف فراحا يعبثان بارواح الناس، كنا نقول: ايها الناس بالعلم والعمل تحيا المجتمعات ويقينا ان الدول غنية لكنها لاتغدق باموال كثيرة خوفا من ان يتحول الجميع الى لصوص، فتكون وزارة المالية من اسوأ الوزارات، نقول ويقول رئيس الوزراء فتأتي اجهزة لقتل الناس ولم نسمع اعتذارا واحدا لارواح المساكين الذين ازهقت ارواحهم، نقول سيادة القانون والدولة ويقولون سيادة الحكومة، نقول ان علي السليمان يهدد وعلى الدولة ان تفعل القانون وتلقي القبض عليه، ونبكي ونصرخ لدماء الابرياء التي يهدد بسفكها فلان وفلان ويكون الجواب لاشيء، ان جدلية البكاء لدى العراقيين جدلية كبيرة سبقت  سفك دماء الحسين على اراضي كربلاء، جدلية جعلت من البكاء هو الفعل المقابل لفعل القتل اليومي، ونردد اكتلوا كتّال الجلب، فتبقى الحكومة حائرة بين ان تصول بيد غير جذاء او تصبر على طخية عمياء، والغريب من يحرض على القتل يضحك من بعيد، والقاتل يضحك من بعيد لانه نال مبتغاه وحصد جهدا وسخا بذله لتفريق الاب عن ابنه، كل هذا يجري واميركا واقفة تنتظر نجاح فوضاها الخلاقة التي ابتدأت مشروعها في العراق، لم يمثل التغيير للبعض سوى تغيير اباح له الفوضى في الاستيلاء على املاك الغير، واشاعة الجريمة والقتل والثراء السريع، ليتحول الجندي والشرطي الى هدف ثابت للجميع للقاعدة وسوى القاعدة، وصار رجل الامن يخاف ويخشى ويرتدي الثياب المدنية خوفا من المارة، اننا امام لحظات وداع الديمقراطية لانها تسير الى حتفها لكثرة الموت وغزارة سيول الدماء، مجلس النواب مجرم والحكومة مجرمة والقضاء الذي اطلق سراح القتلة الذين خطفوا الطفلة الزهراء، هذا القضاء يستطيع بعد هذا باطلاق الاخطر ليبقى قاتل الكلب طليقا وصار يقتل الناس والاطفال.